من المفترض أن تكون المرأة سيدة جسدها، هى وحدها من يتحكم فيه،، لكن نتيجة للاستغلال متعدد الوجوه الذى تتعرض له فقدت هذه المقولة صحتها وواقعيتها. فكثيراً مايتم التعامل مع المرأة على اعتبار أنها الحلقة الأضعف فى العديد من المحافل المجتمعية، غالباً ما نراها تتوارى خلف جدار آدميتها كمداً وألما وهى تواجه دون أدنى ذنب اقترفته مشكلات الاعتداء البدنى والمعنوى و التحرش الجنسى والاغتصاب والتزويج غصباً، وكذلك التشغيل دون السن القانونية خصوصاً فى المناطق العشوائية والعديد من القرى حيث الفتيات هن مصدر الدخل الآمن للأسرة التى ليس لديها أى قناعة أن تلك الفتاة ماهى إلا ضحية لنظرة مجتمع أرغمها أن تصمت أن تخشى الإفصاح عمّا تعرّضت له خوفا من مهانة ومحاسبة أقرب المحيطين بها. هنا يكمن الخلل عندما لا تتكافأ موازين القوى بينها وبين التيار المضاد حيث يتعامل معها الرجل كونها الوعاء الذى يحمل الجنين ويضمن تواصل البشرية عبر الإنجاب، أو كأداة للمتعة اللحظية حسبما تعلم منذ نعومة أظافره الأمر الذى يفسح المجال لهذه الممارسات الشاذة المرفوضة عقائدياً وأخلاقياً، فى ذات الوقت فإن وعى المرأة بسيادتها على جسدها لسبب أو لآخر غالباً مايبدو ناقصاً فعلاقتها به تدل أحيانا على ملكيتها له لكن سيادتها عليه تظل نسبية فهى تربت على نفس الموروث الاجتماعى الشاحب فغالباً ما تهتم فى المقام الأول بجمالها ليس فقط احتفاء به وزهواً بنفسها لكن لترضى رغبات الآخر ولتبدو جميلة فاتنة فى عين وقلب من يتملكها تحت أى مسمى أو رابط..وتكون النتيجة المتاحة بأن جسدها موجود من أجل إعجاب وإمتاع الآخرين بامتياز وكفي.. من هنا أظن أنه يتحتم علينا أن نتعامل مع تلك النوعية من القضايا كقضايا شائكة، وبالتالى يكون لزاماً علينا أن نحاول الوقوف والتمعن فيما يحدث داخل المجتمع من ممارسات تمس كيان الأسرة برمتها وليكن للإعلام دور أكبر مما هو متاح الآن لكسر حاجز الصمت والتواطؤ على ما يحدث من عنف وتمييز يرجع لسنوات طويلة، وهنا نأتى لمطالبة المهتمين بالكيان النسوى لمشاركة مؤسسات ووزارات الدولة المعنية بحقوق الإنسان والمرأة والطفل لإيجاد طريقة فعالة لمكافحة جرائم العنف ضد المرأة لقانون موحد يجرم انتهاك كرامتها وأدميتها تحت أى مسمى وبأى طريقة تنال من سمعتها وقدرتها على التعايش فى مجتمع يلفظها لمجرد تعرضها لجريمة أُجبرت عليها بالإكراه، اليوم وليس غداً نحن فى أمس الحاجة لإتاحة مساحات أكبر لمناقشة تلك القضايا من خلال رجال الدين الوسطى من المنتمين للأزهر الشريف ورجال الكنيسة من وجوه ثقافية وإعلامية من خبراء نفسيين مشهود لهم بالكفاءة فى التعامل مع معظم الناجيات من حوادث العنف القهري، من أجل تحليل أوجه قصور التعامل معهن. فى ظل حقيقة أن العمل على تلك القضايا يحتاج مجتمعا مدنيا فاعلاً وقويًا ومساحات لحركة نسوية تأخذ على عاتقها هذا العمل برغبة قوية فى إنقاذ هؤلاء الضحايا من الانهيار والاكتئاب والرغبة فى الانتحار. إن النساء فى بلدى يستحققن مساحات أكثر من المتاح حالياً للحديث عما يتعرضن له من عنف ويستحققن المزيد والمزيد من النصح والتوعية لكيفية حماية ليس فقط أجسادهن، ولكن أيضاً كيفية استكمال حياتهن التى تعكرت قليلاً للنجاة من العديد من التجارب المريرة لنصبح مجتمعاً أفضل. لمزيد من مقالات ◀ هالة برعى