يأخذنا الدكتور «شاكر عبد الحميد» وزير الثقافة الأسبق، فى رحلة نقدية مُشوّقة عبر كتابه الأخير «مدخل إلى الدراسة النفسية للأدب»، الصادر أخيرا عن الدار المصرية اللبنانية ضمن سلسلة رؤى نقدية. ليضيء العلاقة العميقة بين الأدب علم النفس, التى بدأت فى بدايات القرن العشرين بإسهامات من العلماء «فرويد» و«يونج» و«جونز»، وغيرهم. وتباينت استجابات نقاد الأدب والفن لما قدمه علم النفس, بين مؤيد بالمطلق، ومعارض تماما, وشرح الكتاب موقف الفريقين بتوسع.وعرض وجهات النظر التى طرحها علماء علم النفس حول كيفية إنتاج الأدب، والفن، ولحظات الكتابة لدى المبدعين، والظروف المحيطة التى تلعب دورا مهما فى ميلاد الفكرة ونضوجها. مشيرا إلى أن المبدع الروسى يوشكين كان يفضل الكتابة فى الخريف, و«جان جاك روسو»، و«تشارلز ديكنز» كانا يفضلان الكتابة صباحا، بينما «بايرون»، و«ديستوفسكي» يكتبان فى المساء، وكتب الشاعر الفرنسى «بيرانجيه» أغانيه فى مقاه رخيصة، ومثله أحب «إليا اهرنبورج» الكتابة فى المقاهي. ويفسر دكتور شاكر عبد الحميد تأخر الدراسة النفسية العلمية للأدب، ورفض بعض النقاد والأدباء التعاون مع البحوث العلمية للأدب، وذكر مثلا لهذا الرفض باثنين من أشهر النقاد المعاصرين، «رينيه ويليك» و«أوستن وارين» لاعتقادهما بأن الفن العظيم يتجاوز معايير علم النفس، ومثلهما رفض الروائى الأمريكى «وليم فوكنر»، ويشير إلى أن رؤية فوكنر فيها خلط بين التحليل النفسى كما قدمه فرويد وأتباعه، وبين علم النفس كعلم منهجى موضوعي.