لا أحد يشاهد التليفزيون ، ليس فقط التليفزيون المصرى الذى صار مهجورا واصبح مصيره هو نفس مصير صيدناوى وشملا وعمر افندى وباتا والصالون الاخضر وبيع المصنوعات لكن الفضائيات كلها تفقد جمهورها بالتدريج بفعل الملل ، الجمهور لم يعد يثق فى أولئك الذين يفترسون آذانهم واعينهم كل ليلة فى موضوعات عجيبة يعقبها إعلانات تزيد من حالة الفصام الموجودة فى المجتمع ثم مسلسلات وبرامج رياضية واستوديوهات تحليل تضيع عمر المواطن لساعات فى تحليل كرة لم يلحظها الحكم ، لم يعد المواطن الجديد مستعدا لدفع عمره بلا طائل أمام شاشة لا يصدقها ، هرب الجميع إلى فضاء آخر واصبح للسوشيال ميديا بتجلياتها وأمراضها وإيجابياتها الصدارة . غرفة المعيشة الان فى البيوت لم يعد يجلس بها احد، الكل ينظر فى جهازه المحمول وآى باده ولاب توبه ولا أحد يعير تلك الشاشة التى كانت تتوسط حياة الأسرة أدنى اهتمام ،غاية ومراد كل شاشة إذا نجحت فى عرض فقرة مثيرة من برنامج اوحلقة قوية فى مسلسل أن يراها الناس على اليوتيوب فتتحقق نسب مشاهدة عالية ،لا جرائد ورقية تشارك الناس افطارها ،الإعلام الموازى استحوذ على الجماهير ولا يصدقون سواه ،لسبب بسيط وهو أنهم صنعوه بأنفسهم ،التويتة والبوست والصورة واللايف هم الحقيقة التى يجتمع عليها كل من هو اون لاين فى تلك اللحظة ، زال الحاجز بين الفنان وجمهوره وبين الشخصيات العامة وحياتهم الخاصة وتغير حتى مفهوم النجومية فصارت هناك نجومية ليست مرتبطة بالاعمال الفنية التى يصنعها النجم ولكن مرتبطة باخباره وصوره وحفلات اعياد ميلاده على الانستجرام ، الإعلام الموازى والنقود الموازية (بتكوين ) والنجومية الموازية حتى الجرى لمسافات طويلة فى الشوارع والأندية صباحا تحول الى جرى مواز على اجهزة فى اماكن ضيقة ، العالم الموازى يضيق المسافات ويتسع بالرؤى والخيال ونحن مازلنا مقصرين فى العوالم الاصلية التى اندثرت ، العالم الموازى يفرض وجوده ونحن نحاول تجديد الخطاب الدينى ومناقشة فتاوى عفا عليها الزمن، العالم الموازى قطار سريع يجوب العالم فى ثوان ونحن على عكازين نقفز متظاهرين اننا ننتمى للعالم ونخاطبه بخطاب جديد ، خطاب لا يستمع اليه احد فى الداخل ولا فى الخارج فقد تغير العالم اصلا واتخذ طريقا اخر ونحن لم نعرف بعد ونسير فى طريق مهجور ......