جدول مواعيد امتحانات الشهادة الإعدادية العامة 2024 في محافظة البحيرة (الترم الثاني)    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية التجارة    عاجل: سعر جرام الذهب عيار 21 اليوم الثلاثاء 7 مايو 2024 في محلات الصاغة    رئيس دمنهور يتفقد المركز التكنولوجي مع بدء تلقي طلبات التصالح.. صور    اسعار الاسماك اليوم الثلاثاء 7 -5-2024 في الدقهلية    وزير الري يتابع تدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية حياة كريمة    1.6 مليار دولار حجم الصادرات الغذائية المصرية خلال الربع الأول من 2024    الشيخ: الإعلان عن قيد شركة تندرج تحت قطاع المقاولات ببورصة النيل خلال الأسبوع المقبل    «معلومات الوزراء»: توقعات بنمو الطلب العالمي على الصلب بنسبة 1.7% عام 2024    رئيس البورصة: النظام الإلكتروني لشهادات الإيداع الدولية متكامل وآمن لتسجيل العمليات    استشهاد 34789 فلسطينيًا في قطاع غزة منذ بداية الحرب    وزير الخارجية الإسرائيلي: دخول الجيش إلى رفح يعزز الهدفين الرئيسيين للحرب وهما إطلاق سراح الرهائن وهزيمة حماس    اليوم.. تنصيب بوتين رئيساً لروسيا للمرة الخامسة    باحثة سياسية: الدور المصري له أثر كبير في دعم القضية الفلسطينية    نجم المغرب السابق: الزمالك يلعب كرة قدم حديثة.. ومهمة بركان لن تكون سهلة    "أمور خفية والنفوس شايلة".. كريم شحاتة يكشف عن أزمة البنك الأهلي في الدوري    دويدار: معلول سيجدد تعاقده مع الأهلي    العد التنازلي.. كم متبقي على ميعاد عيد الأضحى 2024؟    ماس كهربائي.. نشوب حريق داخل شقة دون إصابات في العمرانية    العد التنازلي يبدأ.. موعد امتحانات الثانوية العامة 2024 علمي وأدبي    طقس الفيوم اليوم الثلاثاء.. مائل للحرارة نهارا والعظمى 31°    أسرة الطفلة السودانية "جنيت" تحضر أولى جلسات محاكمة قاتلها    إصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم سيارة ملاكي وموتوسيكل في الدقهلية    مدير حدائق الحيوان ب«الزراعة»: استقبلنا 35 ألف زائر في المحافظات احتفالا بشم النسيم    رئيس جامعة حلوان يشهد احتفالية أعياد شم النسيم بكلية السياحة والفنادق    المتحف القومي للحضارة المصرية يحتفل بعيد شم النسيم    ياسمين عبد العزيز: «كان نفسي أكون ضابط شرطة»    لقاح سحري يقاوم 8 فيروسات تاجية خطيرة.. وإجراء التجارب السريرية بحلول 2025    لا تأكل هذه الأطعمة في اليوم التالي.. الصحة تقدم نصائح قبل وبعد تناول الفسيخ    مدحت شلبي يعلق علي رفض الشناوي بديلًا لمصطفى شوبير    رويترز: جيش الإحتلال الإسرائيلي يسيطر على معبر رفح الفلسطيني    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    مصرع سيدة أربعينية أسفل عجلات قطار المنيا    Bad Bunny وSTRAY KIDS، أفضل 10 إطلالات للنجوم بحفل الميت جالا    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-5-2024    إصابة الملك تشارلز بالسرطان تخيم على الذكرى الأولى لتوليه عرش بريطانيا| صور    اليوم.. مجلس النواب يناقش حساب ختامي موازنة 2022/2023    ياسمين عبد العزيز:" عملت عملية علشان أقدر أحمل من العوضي"    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    صدقي صخر: تعرضت لصدمات في حياتي خلتني أروح لدكتور نفسي    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى الذكرى ال 40 لمبادرة السلام .. هل فوجئ العرب حقا ؟!
بتعليمات من عبد الناصر.. السادات فى القدس لحصار الإخوان عام 1955
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 11 - 2017

شهيد السلام : ما فعلته مع إسرائيل منتهى طاقتى وعلى الذين يأتون بعدى أن يحرروا القدس بالأفعال والرجال وليس بالتصريحات

(إننى على استعداد أن أذهب إلى آخر الأرض إذا كان ذلك سيمنع إراقة دم جندى واحد من أبنائى, أنا مستعد أن أذهب إلى آخر الأرض، وسوف تدهش إسرائيل حين تسمعنى أقول إننى مستعد أن أذهب إلى الكنيست كى أناقشهم) . بهذه العبارة التى قالها السادات ، فى خطابه الذى ألقاه أمام مجلس الشعب فى 9 نوفمبر1977 فى الجلسة التى حضرها الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات ورصدته الكاميرات وهو يصفق بكلتا يديه عند سماعه العبارة المفاجأة للسادات ولكنه بمجرد أن غادر القاهرة فى اليوم التالى صب لعناته على مصر ورئيسها.
.......................................................................
لم يكن هناك من يريد أن يصدق أن السادات ألقى حجرا ثقيلا فى بركة ماء آسن لدرجة أن المقربين منه اعتبروها مزحة أو إحدى مناوراته السياسية على أفضل تقدير. ولم يكن العالم الذى وجد نفسه أمام مفاجأة من العيار الثقيل يدرك أن الرجل لم يكن يمزح، وإنما سيقدم فعلاً على الخطوة الأكثر إثارة فى تاريخ الشرق الأوسط .
وللحقيقة وللتاريخ أن هذه الزيارة التى كتبت تاريخا جديدا فى الشرق الأوسط بخط يد السادات لم تكن هى الزيارة الأولى له بل كانت هى الزيارة الثانية للزعيم الشجاع بعد الزيارة الأولى التى تمت بخطة من عبد الناصر عام 1955والتى حرص السادات على عدم الكلام عنها وعدم ذكرها فى كتبه لكنها وردت فقط فى الطبعة الانجليزية من كتابه البحث عن الذات ، ولولا الصور الملتقطة له مع فلسطينيين وأردنيين و آخرين , لم تكن لتسجل هذه الزيارة أبدا .
فى أثناء إحدى زياراته للأهرام بعد ثورة 25 يناير تجرأت وقلت للأستاذ محمد حسنين هيكل وكان يتحدث فى شئون مختلفة متى ستنصف السادات ؟ فأجاب قائلا : الكثيرون أنصفوه , ولم يمنحنى الفرصة لأقول له ولكنك قضيت عشرات السنوات تهاجمه خاصة فيما يتعلق باتفاقية السلام بينما وقفت إلى جواره عندما أطاح بكل رجال عبد الناصر . فيما بعد قرأت خبرا أنه قال فى ندوة بالإسكندرية : إنه يشعر بالامتنان بأثر رجعى لما قام به السادات بإرجاع سيناء بعدما قارن وضع مصر بسوريا والأراضى الفلسطينية , ثم تأكدت أنه ذكر كلاما فى نفس السياق للأستاذ أنور عبد اللطيف مؤلف كتاب (هيكل.. الوصايا الأخيرة ). رحل هيكل والسادات وكثيرون من شهود المرحلة المؤيدين والمعارضين وبقيت اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية تثير جدلا مستمرا رغم تزايد أعداد الذين يرونها بطولة وانحسار صفوف من اعتبروها خيانة . كنت دائما أتساءل ما الذى قدمه الرئيس حسنى مبارك للعرب ولم يقدمه السادات لهم حتى يعيدوا علاقاتهم مع مصر ويعيدوا مقر الجامعة العربية إلى القاهرة ؟ لا شئ .. إذن لماذا لم يصطفوا مع السادات لتقوى جبهة المفاوض العربى حتى لو كانت المفاوضات نفسها ثنائية كما كانت تريد إسرائيل ؟ وهو ما حصلت عليه بعد ذلك مع منظمة التحرير الفلسطينية وكل من سوريا والأردن . هل رفض زعماء العرب الذين امتلأت خزائنهم بأموال البترول بعد الارتفاع الرهيب فى اسعاره بعد حرب رمضان هل رفضوا أن يقودهم السادات إلى السلام كما قادهم إلى النصر ؟ ولملا ؟ خاصة أن العراق وليبيا والجزائر قد قدموا إسهامات فاعلة ومؤثرة لدعم جبهات القتال فى سيناء والجولان , أم هل كان الاتحاد السوفيتى بمخابراته المتعمقة فى النظام العربى وراء رفضهم خاصة أن المبادرة ستنهى وجوده تماما فى المنطقة بعد رحيل خبرائه العسكريين من مصر قبل أكتوبر 73 ؟ السادات تكلم فى هذه النقطة كثيرا .
زيارة لم يذكر السادات عنها شيئا !
وشتان بين زيارات الرئيس أنور السادات الأولى لقدس فلسطين والخليل وزيارته الثانية للقدس المحتلة . وقد ذهب السادات بصفته أمينا عاما لمنظمة المؤتمر الإسلامى, ورغم الضجة التى أثارتها الزيارة الأولى إلا أنها لا تقارن بالجدل الذى أحدثته الثانية فى العالم العربى . وهو جدل بدأ يخفت ويتراجع مع الوقت حتى من أشد معارضى السادات ذاته .
ومن المؤكد أن الكثيرين لا يعلمون أن السادات ذهب إلى القدس فى عام 1955قبل 22 عاما من زيارته الثانية , كأمين عام لمنظمة المؤتمر الإسلامى قبل تأسيس المنظمة الحالية عام 1969فى الرباط بالمغرب - وهو نفس العام الذى بدأ فيه مشروع تشييد الكنيست بأموال تبرع من عائلة روتشيلد اليهودية الثرية- ورغم الضجة التى أثارتها الزيارة الأولى إلا أنها لا تقارن بالجدل الذى أحدثته الثانية فى العالم العربى .
ولولا الصور الملتقطة له مع فلسطينيين وأردنيين و آخرين , لم تكن لتسجل هذه الزيارة أبدا والغريب أن نسخة كتاب البحث عن الذات باللغة العربية وهى السيرة الذاتية التى كتبها السادات عن نفسه لم تتضمن أى إشارة لهذه الزيارة , ولكن فى نسختها الإنجليزية التى صدرت عام 1978 نشرت صورة له أمام قبة الصخرة فى القدس دون ذكر تفاصيل .
ولكن لماذا ذهب السادات إلى القدس ؟ لم يذكر السادات شيئا عن ذلك فى كتابه , ولكن مارتن كريمر أستاذ تاريخ الشرق الأوسط الحديث فى كتابه الصادر عن مركز موشى ديان للدراسات الشرق أوسطية والأفريقية يقول : إن زيارة السادات الأولى كانت فى ديسمبر 1955 ضمن جولة عربية شملت سوريا ولبنان والأردن والعراق والسعودية بهدف حشد التأييد العربى لفكرة عقد مؤتمر إسلامى بالقاهرة تحت رعاية منظمة المؤتمر الإسلامى التى كان أمينا عاما لها . ففى 12ديسمبر وصل السادات إلى القدس قادما من عمان فى موكب سيارات وكان فى استقباله محافظها والأعيان والشيخ سعد العليمى مفتى القدس , صلى السادات فى المسجد الأقصى وفى مسجد قبة الصخرة وتعهدت مصر بعد هذه الزيارة بمبلغ 75 ألف جنيه لتجديدات المسجد الأقصى و75 ألفا أخرى لإنشاء مكتب دائم لصيانة المسجد , وبالفعل كان المهندسون المصريون فى الطريق للإشراف على أعمال التجديد .
تضييق الخناق على الإخوان
خطة السادات فى هذا الوقت كانت تهدف لإنشاء مركز ثقافى إسلامى أكبر وأعظم من المراكز الثقافية التى أنشأتها الدول الغربية هناك وكان يرغب أن يكون المركز ملتقى للمسلمين من جميع أنحاء العالم , اختار السادات – والكلام ل (مارتن كريمر) مكانا محددا فوق مقبرة اليهود بجبل الزيتون وهو مكان مطل على قبة الصخرة وهى أرض تابعة للأوقاف الإسلامية ليقيم عليها المركز . أهداف أخرى غير معلنة انطوت عليها زيارة السادات الأولى للقدس منها تعزيز مكانة منظمة المؤتمر الإسلامى العام التى أسستها كل من مصر والسعودية وباكستان عام 1954 وذلك لمواجهة تمدد نفوذ حلف بغداد بعد أن انضمت له باكستان وأوشك الأردن أن يلحق بها .ويرى ( كريمر ) أن الزيارة جاءت فى إطار سعى نظام عبد الناصر لتحجيم نفوذ جماعة الإخوان المسلمين بعد احتدام الصراع بينهما وانتقاله إلى ساحات إقليمية وبالتحديد القدس والأردن , ففى ديسمبر 1953 كانت جماعة الإخوان المسلمين قد سبقت السادات إلى القدس بعقد مؤتمر إسلامى حضره العديد من نشطاء الجماعة فى مصر وسوريا والأردن منهم سيد قطب ومصطفى السباعى المرشد العام لإخوان سوريا وعلال الفاسى رئيس حزب الاستقلال المغربى والسيدة نافاب صفوى رئيس الفيدرالية الإيرانية الإسلامية . و أعلنت الجماعة فى هذا المؤتمر تحويل القدس إلى مركز دولى للإخوان المسلمين , وكانت زيارة السادات تهدف إلى تضييق الخناق على الجماعة فى الأردن والقدس حتى لا يصبحا نقطة انطلاق لتوسيع نفوذها فى مواجهة جمال عبد الناصر والنظام المصرى الثورى .
شىء لا يصدق
أما فى مساء السبت فى التاسع من ذى الحجة 1397ه الموافق السبت 19 من نوفمبر1977 ، وبينما جموع المسلمين يقفون على جبل عرفات فقد حسمت طائرة السادات الجدل والشكوك حول إمكانية قيام زعيم اكبر دولة عربية بزيارة لأعدائه فى عقر دارهم رغم حملات الهجوم عليه فى المحيط العربى والتهديد بالقتل أو الاختطاف . أما فى إسرائيل فقد عمت البهجة وأصيب مواطنوها بفرحة هستيرية لا تقل عن تلك التى أصابت زعماءها . ووقف رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحيم بيجين فاتحا ذراعيه مرحبا بضيفه الكبير الرجل الذى كان أول من أذاقهم مرارة الهزيمة فى أكتوبر 1973وبجوار بيجين وقف موشى ديان ، وأريل شارون ، وإسحق شامير رئيس الكنيست ، وعلى يساره وقفت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة التى عبرت عن دهشتها الشديدة حين رأت السادات قائلة هذا شيء لا يصدق .
تقول بعض الروايات إن بيجين أمر بعض القناصة بالاستعداد فى شرفات المطار خوفا من أن يكون كل ذلك مؤامرة من السادات ، ومن الغريب أن ما كان يخشاه بيجين (المؤامرة ) اعتبره بعض الحكام والمواطنين العرب كذلك ! وذهب الكثيرون إلى وصف السادات بالخائن والعميل وقد كان منذ 4 سنوات بطلا مغوارا .
مبادرات عبد الناصر المرفوضة !
فى قراءته لما ورد بكتاب فى كواليس الشرق الأوسط ل (إريك رولو ) الصحفى اليهودى الفرنسى من أصل مصرى الذى ولد بالقاهرة ودرس بالمدارس والجامعات المصرية والذى كان يقرأ ويكتب ويتكلم العربية بطلاقة , يلخص السفير المصرى المخضرم سيد قاسم تطور رؤية عبد الناصر للصراع مع إسرائيل منذ تولى مسئولية الحكم فى مصر أن عبد الناصر حدد فى حديث لصحيفة فورين أفيرز الأمريكية فى عددها الصادر فى ديسمبر 1954أعداء الشعب المصرى الثلاثة كالتالى : الشيوعيين،والإخوان المسلمين والسياسيين المنتميون للنظام القديم ، وأضاف أن برنامج ناصر مؤسس على أهداف ثلاثة، هي: الإصلاح الزراعى وإجلاء القوات البريطانية وإنشاء بنك صناعى، ولم يرد أى ذكر لإسرائيل أو تحرير فلسطين فى هذا البرنامج .أما فى عام 1964 وفى حوار مع ( رولو ) فقد ذكر عبد الناصر أنه يتعين على إسرائيل إعادة الأراضى المحتلة - يقصد خارج حدود الدولة اليهودية التى حددها قرار التقسيم- وإعادة اللاجئين أو تعويضهم فى مقابل السلام مع العرب والعلاقات الطبيعية، وكان هذا التصريح يعد تنازلا كبيرا فى وقت كانت كلمات المصالحة والسلام والتطبيع تعد كلمات بذيئة فى قاموس السياسة العربية . ويقول ( رولو) كان عبدالناصر حريصا على تجنب الحرب فى كل الظروف فقد أبلغ الأمريكيين قبيل نشوب حرب يونيو 1967 بأسبوع أنه سيغمض عينيه عن عبور السفن الإسرائيلية لمضيق تيران، وأنه سيوفد زكريا محيى الدين إلى واشنطن لمحاولة تفادى النزاع المسلح، وأنه مستعد لاستقبال هربرت همفرى نائب الرئيس الأمريكى لكى ينظر فى تسوية شاملة للنزاع وقد تم نشر هذه النصوص ضمن سجلات وزارة الخارجية الأمريكية بعد عشرين سنة .وقد اعترف الإسرائيليون بعد ذلك بأن عبدالناصر لم يكن يرغب الحرب فى عام 1967 فقد صرح الجنرال رابين فى فبراير 1968 بذلك , وأضاف : أن عبدالناصر كان يتظاهر وكان كلانا يعلم ذلك (نحن وهو)، كما قال مناحم بيجين فى عام 1982 بلا مواربة لنكن أمناء مع أنفسنا لقد كنا نحن من قررنا المبادرة بالحرب ولم يكن عبدالناصر راغبا فيها . أما بن جوريون فقد أسر لناحوم جولدمان رئيس المجلس الصهيونى العالمى لو كنت قائدا عربيا ما كنت لأبرم أبدا معاهدة سلام مع إسرائيل وهذا أمر طبيعى ( لقد أخذنا أرضهم ) .
مائير : إعادة سيناء غير مطروحة بالمرة !
كتاب( رولو ) المنشور بالفرنسية فى 2012 وصدرت ترجمته للعربية فى القاهرة عام 2015وسط مظاهر تقدير واحتفاء كبيرين بمؤلفه وبما أورده عن الحقبة الناصرية , تضمن فقرات مهمة منها أن الرئيس عبدا لناصر ظل لآخر لحظة من عمره يدعو للسلام ويتخذ المبادرة تلو الأخرى ولكن لم يلتفت لها من روجوا للكتاب فى كافة وسائل الإعلام العربى . ففى حديث مطول فى يناير 1970 دام أكثر من ساعتين ونصف الساعة مع إريك رولو وفى خضم حرب الاستنزاف صرح عبد الناصر بلا مواربة بأنه مستعد لإقرار سلام دائم مع إسرائيل وإقامة تطبيع كامل على مراحل فى مقابل حل مشكلتين : الأراضى المحتلة واللاجئين ، ويعلق الكاتب على ذلك بأن المفاجأة هى استخدام عبدالناصر لكلمة اللاجئين وعدم ذكره الشعب الفلسطينى وحقوقه الوطنية وقد نشر نص هذا الحوار فى جريدة الأهرام كاملاً حتى لا يقال إنه كلام موجه للاستهلاك الأجنبى . وبالرغم من ذلك فقد سارعت إسرائيل برفض المبادرة ورأت رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير أنها لم تأتِ بجديد، وأضافت حتى تقطع أى أمل لدى عبدالناصر بمواصلة المبادرة إن إعادة سيناء أمر غير مطروح بالمرة حتى مقابل السلام والتطبيع الدائم , إلا أن عبدالناصر لم يتوقف عن تقديم مبادرات للسلام.
مبادرة روجرز: أحلام السياسيين ومرمطة اللاجئين
عند قبول عبدالناصر لمبادرة السلام التى أطلقها ويليام روجرز وزير الخارجية الأمريكى اندلعت المظاهرات الغاضبة فى جميع الدول العربية تتهم مصر بالخيانة وارتكبت إذاعة فلسطين، التى تبث برامجها من القاهرة خطأ فادحا بمهاجمة عبدالناصر بالاسم فتم إغلاق المحطة وطرد معظم كوادر المنظمات الفلسطينية الراديكالية . وعلى أثر ذلك أوفدت منظمة التحرير وفدا برئاسة عرفات للقاء عبدالناصر الذى قال لهم: أحسن لكم تقبلوا بفلسطين مصغرة فى الضفة وغزة لأن شعبكم مش هيمشى وراءكم فى سكة الأوهام.. يعنى الناس لما تتمرمط عشرين سنة فى مخيمات اللاجئين صعب عليهم أن يتحملوا أحلام أهل السياسة ، وأضاف: ما تقلقوش من مشروع روجرز لأنه مكتوب عليه الفشل على يد إسرائيل, ولكن حتى لو نجح فمفيش حاجة تمنعكم من مواصلة الكفاح .
مؤتمر الكويت ونوايا السادات ( فيديو)
السياسة لا ترسم والاستراتيجيات لا توضع أمام الميكروفونات
بعد رحيل عبد الناصر المفاجئ حاول‮ ‬السادات‮ فى عام 17 أن‮ يبدأ عملية سياسية مع إسرائيل ليصل إلى حل سلمى وإنهاء الاحتلال ،‮ لكن الغرور ركب إسرائيل،‮ واعتبرت مصر جثة هامدة فقرر الرئيس‮ السادات‮ بعدما تيقن من‮ ‬هنرى كيسنجر‮ وزير الخارجية الأمريكى عن طريق المحادثات التى قام بها المرحوم‮ ‬حافظ إسماعيل‮ , بأنه لن‮ يحدث أى تحرك سياسى إلابعد تعديل الوضع العسكرى ولم يكن أمام السادات إلا أن يقاتل .فى مايو 5791. وفى زيارة للكويت كان الرئيس السادات واضحا جدا خلال إجابته على أسئلة الصحفيين وتناول مشاكل المنطقة وتوقع مشكلات أخرى، لكنه بدا حاسما فى تصريحاته بأن مصر لن تخوض حروبا أخرى وأنه يسعى للسلام وذلك قبل عامين من زيارة اسرائيل, عن إمكانية قيام إسرائيل بحرب أخرى بعد حرب أكتوبر 1973، قال إنه يتوقع ذلك والجيش المصرى يستعد لذلك ووارد فى كل لحظة أن تشن إسرائيل حربا أخرى، لكنه قال : إن مصر تعطى لعملية السلام كافة الفرص المتاحة للنجاح لحقن الدماء و قال أيضا إن الرد المصرى سيكون قويا لو فكرت فى توجيه ضربة لمصر أو العرب . وأضاف :على إسرائيل أن تذكر أنها تسلمت 39 جثة من قتلاها فى الحرب قبل شهروتحدى الإسرائيليين بكشف عدد قتلاهم فى الحرب أو ثغرة الدفرسوار . وعندما سئل عن رفض منظمة التحرير الفلسطينية لمؤتمر جنيف ضحك قائلا : من حقى أن أسال ما هو تصور الفلسطينيين لجنيف؟ وهل اتفقوا على الذهاب لجنيف أم لا ؟ وإذا اتفقوا، فكيف كان الاتفاق؟. وأضاف السادات أنه تم اتهامه بإبرام اتفاق سرى بعيدا عن العرب، مشيرا إلى أنه يترك الجميع لضمائرهم، وأن مصر لم ولن تتخلى عن العرب وقال: للأسف نحن العرب نخلق المشكلات لأنفسنا . وأكد السادات أن مصر ستحافظ على كل أرض عربية وتبذل من دمائها ودماء أبنائها وثرواتها طيلة 27 عاما، أى منذ العام 1948 وحتى العام 1975، من أجل خدمة القضايا العربية، وبعد أن كانت مصر من أغنى الدول أصبحت دولة فقيرة لاستنزاف مواردها فى حروب من أجل القضايا العربية، ولم نغضب بل نحن سعداء بالتزامنا لأننا مؤمنون به. والعبرة بضرورة وقف وتنحية كافة الخلافات الجانبية العربية حتى نتفرغ للقضايا الأساسية، وحلها وتوحيد الجهود العربية وتكوين تكتل عربى قوى يستطيع الحفاظ على حقوق العرب .
الاتحاد السوفيتى يحمى إسرائيل
وردا على سؤال - سطحى - هل تحمى أمريكا إسرائيل ؟ أجاب السادات: نعم أمريكا تحمى إسرائيل ، مضيفاً أن الاتحاد السوفيتى أبلغه خلال زيارة له لموسكو قبل حرب أكتوبر أنه لا مساس بحدود إسرائيل وهى حدود 1967، ولذلك اعتبر السادات أن اسرائيل حقيقة قائمة ولا مساس بها، . وأضاف : خلال حرب أكتوبر 1973 أرسلت برقية للرئيس السورى حافظ الأسد يوم 19 أكتوبر، وقلت له وأنا أنزف دما إننى سأوافق على وقف إطلاق النار لأن أمريكا تحاربنى منذ 10 أيام وليست إسرائيل، وختم السادات: لا بد أن نتغير ولا نقاطع العالم أو أوروبا بسبب تأييدهم لإسرائيل، بل علينا أن نواجه إسرائيل فى كل محفل دولى، فبسبب ما كنا نفعله سابقا ضاع نصف فلسطين، ثم ضاع النصف الآخر، ومعها سيناء والجولان. ولذلك يجب تغيير الإستراتيجية العربية وتحويلها من مرحلة المقاطعة إلى مرحلة المواجهة وبقوة من أجل وقف وكبح جماح إسرائيل .
رسالة 1500 ضابط وجندى إسرائيلى لبيجين
وصل السادات إلى مطار اللد فى ذلك اليوم من أيلول (سبتمبر)1977 وكان فى استقباله كل شخص فى الدولة يملك صلاحية الدخول إلى المطار على حد تعبير البروفسور شمعون شامير، وطوال المسافة بين اللد والقدس البالغة 50 كيلومترا تقريبا احتشد الناس من كل حدب وصوب ومن كل الأعمار على الجانبين فى دولة كان تعدادها آنذاك لا يزيد كثيرا على أربعة ملايين، والأغرب أنهم لم ينصرفوا مباشرة بعد مرور الموكب حتى يتخلصوا من وطأة الذهول.ثم كان توقيع نحو 1500 ضابط من جيش الدفاع بيان تأسيس حركة ‘السلام الآن . ومع ذلك تعرض مشروع السادات لأزمة زالت سريعا عندما بدأ مناحيم بيجين فى التملص من مأزق السلام،وصارح السادات علنا على العشاء بأنه لا يثق به، وكاد حلم السادات يتحول إلى يقظة مؤلمة ويائسة عندما أصدر أمره بإعداد الطائرة للمغادرة فى الصباح الباكر، وفجأة حضر الجنرالان ايجال يادين وعزرا وايزمان إلى الفندق وانخرطا فى حديث طويل حتى الفجر تقريبا مع رئيس الوزراء المصرى السابق د.مصطفى خليل بهدف التأكد من نية السادات وقدرته على تنفيذ تعهداته. وفى الصباح وبعد حديث أقرب إلى المشادة بينهم وبين مناحيم بيجين خضع الأخير وحضر للاجتماع بالسادات وصرح له بأنه سينزل على رغبة جنرالاته لأنهم من سيدافعون عن إسرائيل إذا لم تكن نياته صادقة .
مطالب ومطامع
فى لحظة مكاشفة على ما يبدو وكما يروى الدكتور محمود جامع الصديق الأقرب للسادات أنه قال له : أنا لم أحارب إسرائيل بل أمريكا بكل هيلمانها ولابد أن يدرك الشعب ذلك , وما فعلته مع إسرائيل منتهى طاقتى , وعلى الذين يأتون بعدى أن يحرروا القدس بالأفعال والرجال وليس بالتصريحات .
حانت اللحظة ووقف السادات أمام الكنيست وتابعه العالم كله ليسمعه يقول : بشّروا أبناءكم، أن ما مضى هو آخر الحروب ونهاية الآلام، وأن ما هو قادم هو البداية الجديدة، للحياة الجديدة، حياة الحب والخير والحرية والسلام , يا أيتها الأم الثكلى ويا أيتها الزوجة المترملة ويا أيها الابن الذى فقد الأخ والأب يا كل ضحايا الحروب املأوا الأرض والفضاء بتراتيل السلام . ويقول قد جئت إليكم اليوم على قَدَمَيْن ثابتَتَيْن، لكى نبنى حياة جديدة، لكى نُقِيم السلام.فى ال 20من نوفمبر 79
ثم يتكلم عن ظروف اتخاذه للقرار قائلا : اتخذت هذا القرار بعد تفكير طويل، وأنا أعلم أنه مخاطرة كبيرة، لأنه إذا كان الله قد كتب لى قدرى أن أتولى المسئولية عن شعب مصر، وأن أشارك فى مسئولية المصير، بالنسبة إلى الشعب العربى وشعب فلسطين، فإنَّ أول واجبات هذه المسئولية، أن استنفد كل السبُل، لكى أجنّب شعبى المصرى، وكل الشعب العربى، ويلات حروب أخرى، محطمة، مدمرة، لا يعلم مداها إلاَّ الله . ثم يبرر قراره قائلا : أعلنت من قبل، ومنذ أعوام، وبالتحديد فى 4 فبراير 1971, أننى مستعد لتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل. حتى وصل إلى اللحظة التى أعلن بوضوح : أننا نقبَل كل الضمانات الدولية التى تتصورونها وممّن تَرضَونه أنتم . نعلن أننا نقبَل كل الضمانات التى تريدونها من القوَّتين العُظمَيين أو من إحداهما أو من الخمسة الكبار أو من بعضهم . وأعود فأعلن، بكل الوضوح أننا قابلون بأى ضمانات تَرتضونها لأننا فى المقابل سنأخذ نفس الضمانات .
يكفى مصر ما تحملته
كان السادات متعجلا لاسترجاع سيناء بأى ثمن , وكان يخشى أن تملأها إسرائيل بالمستوطنات , كما أنه أدرك أن الظروف الدولية ليست فى صالحه بعد التوافق الأمريكى السوفيتى 1972 بعد حادثة خليج الخنازير فى كوبا , وكان قلقا ان تصاب قضية الانسحاب من الأراضى العربية المحتلة بالجمود والركود واضعا أمام عينيه ما تحملته مصر من أعباء على مدى 30 عاما منذ نكبة 48 , وأراد أن يستفيد من التغيرات السياسية التى طرأت فى إسرائيل بعد فوز حزب الليكود فى انتخابات الكنيست 77 الذى لم يكن يعارض فكرة انسحاب إسرائيل من سيناء. ويؤكد ذلك ما قاله السفيرعبد الرءوف الريدى مندوب مصر لدى الأمم المتحدة فى جنيف، و سفير مصر فى باكستان 1979 وفى الولايات المتحدة 1984 قال : الزيارة لإسرائيل لاقت رفضاً‮ عربيا كاملاً،‮ وكونت العراق وسوريا والجزائر وليبيا مجموعة الصمود والتصدى. ويشير الريدى إلى نقطة غاية فى الأهمية لم يتناولها الإعلام العربى أبدا وهى أنه عندما وقعت اتفاقية الفصل بين القوات في‮ 5791 نص أحد بنودها على أن كلا من الطرفين لا‮ يستخدم القوة ضد الآخر ولذلك لم يحدث أن خالفت سوريا هذا البند وضربت قوات الاحتلال الإسرائيلى فى الجولان .
إعجاب شديد.. فى مقابل وعى غير سهل
فى الوثائق السرية التى أفرجت عنها الحكومة البريطانية وصف جيه. سى. ماسون، السفير البريطانى فى تل أبيب المزاج الشعبى فى إسرائيل عشية زيارة الرئيس السادات هناك قدر كبير من الإعجاب بشجاعة الرئيس السادات، ولكن فى مقابل وعى غير سهل، يذهب إلى أن الرجل الذى حمل مخاطر كبرى، إنما يقف أيضا لكسب سياسى كبير، خاصة فى أمريكا. والناس ترى، أنه وأيا كان محتوى محادثاته مع مناحم بيجين، فلدى السادات فرصة عادلة لوضع قدم الإسرائيليين فى الموضع الخطأ، أما الرسالتان المتبادلتان بين الرئيس السادات والملك خالد، فالأولى مؤرخة فى 19 / 11 / 77 - يوم بداية الزيارة - وفيها عبر الرئيس السادات للملك خالد عن تحمله وحده المسؤولية، وأن النتائج التى قد تفرزها الزيارة لن تكون ملزمة لأحد، وأن هذه الزيارة بمثابة فرصة للضغط على حكام إسرائيل . ورد الملك خالد برسالة تضمنت الإشارة إلى أهمية تبادل الرأى بين القيادتين المصرية والسعودية إزاء القضايا المصيرية، كما تضمنت التأكيد على عنصر المفاجأة الذى أصاب المملكة عند الإعلان عن الزيارة ولا سيما أن الملك خالد والرئيس السادات كانا قد التقيا فى مطلع شهر نوفمبر، وقبل فترة وجيزة من إعلان الرئيس السادات رغبته فى زيارة القدس..وفى النهاية شتان بين زيارات الرئيس أنور السادات الأولى لقدس فلسطين والخليل وزيارته الثانية للقدس المحتلة عام 1977.
ويبقى السؤال الأهم هل فعلا فوجئ الزعماء العرب والسياسيون والنخبة بمبادرة السلام كما زعموا؟!
كيف ومنذ اليوم الأول لجلوسه على عرش مصر كان السادات يقولها علنا وسرا , بل وتباحث مع زعماء عرب وأجانب حول السلام وضرورة الانسحاب الإسرائيلى من الأرض المحتلة عام 67 . والحق أن السادات أطلق مبادرته ليحصل على السلام الذى رفضت إسرائيل أن تعطيه لعبد الناصر قبل وبعد هزيمة 67 التى فقدت فيها مصر إدارة غزة وخسرت سيناء وقناة السويس معا فى نفس الوقت الذى كسرت فيه رغبتة فى إغلاق المضايق, فهل كانت مصر- السادات - تستحق المقاطعة العربية؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.