فى حى الأزاريطة بالإسكندرية وفى عمارة من عمائرها القديمة الأنيقة استقبلنى بخطوة بطيئة ولكنها مازالت تحتفظ بالثقة،أجلسنى بالحجرة الأثيرة إلى قلبه وهى بالفعل مريحة للنفس، كنت سعيدة تواقة للاستماع إلى تفاصيل بطولات رجل قال له السادات هو وزملاؤه من مجموعة 39 قتال إن شعبكم يضع شرفه وآماله بين أيديكم. إنه العميد بحرى إسلام توفيق قائد الصاعقة البحرية فى المجموعة 39 قتال التى كونها مع الشهيد إبراهيم الرفاعى وكان قد قابله صدفة فى مصر الجديدة عقب نكبة 67 مباشرة وتكونت للقيام بعمليات خلف خطوط العدو الإسرائيلى حتى تتمكن القوات المصرية المهزومة من تحقيق نجاحات للقضاء على أسطورة المقاتل الإسرائيلى وهو الهدف الرئيسى من إنشائها وعلى هذه الخلفية تم التخطيط لعملياتها، وخاصة أن مسرح العمليات الرئيسى بعد النكسة كان يحتاج لرجال الصاعقة البحرية وعلى رأسهم بطلنا إسلام توفيق العاتب على بعض إعلاميينا وصحفيينا عدم دقتهم فى نقل المعلومات العسكرية أو سرد تفاصيل عن أبطالنا فى حروب الاستنزاف أو أكتوبر. بطلنا شريك فى 124 عملية امتدت من الساحل الشمالى لسيناء حتى أقصى الجنوب فى خليج السويس الذى اصبح مسرحا للعديد من عمليات الإغارة التى صارت بالنسبة له وللشهيد الرفاعى وصحبهم من دروب التسلية وبالنسبة للعدو من أسباب الإزعاج والذعر كما ذكر فى كتابه «حرب الاستنزاف» الذى كتبه مع أستاذنا عبده مباشر سجل فيه تفاصيل هذه العمليات والتى وصلت خسائر إسرائيل فيها أكثر من خسائرها فى حرب 48 و56 و67 مجتمعة، بينما لم تخسر المجموعة 39 قتال أى عملية ولم يتم أسر أى جندى أو ضابط ,وكانت عمليات الإغارة عبر خليج السويس من أعنف العمليات قسوة وجرأة وتحديا للعدو فالعبور فى حد ذاته فى ظلمة الليالى وفى حالات البحر العالى لضمان مفاجأة العدو تحتاج إلى روح فدائية عالية واعصاب حديدية وكان يتم فى زوارق مطاطية عبر مسافات تصل إلى 40 كيلو مترا ذهابا ومثلهم إيابا ولكن مثل تلك الأهوال لم تكن لتضعف من عزيمة الرفاعى وإسلام وصحبه.كانت أول عملية فى شهر نوفمبر 67 بعد الانسحاب مباشرة حيث ظهر على طول جبهة القناة صواريخ مضادة للدبابات نشرتها القوات الإسرائيلية ولم نكن نعرف ماهية هذه الصواريخ ولا حجمها أو صفاتها التدميرية وكان المطلوب إحضار صاروخ منها وفى منتصف الليل سبح إسلام توفيق والرقيب عبد المنعم غلوش من سرية الصاعقة البحرية والنقيب طبيب بحرى عالى نصر ودخلوا الموقع الإسرائيلى ونجحت المجموعة فى الحصول على ثلاثة صواريخ وتم تجربة الصاروخ للتعرف على خصائصه وعلى ضوء المعلومات تم إنقاذ الأسلحة والدبابات المعرضة للتدمير على يد هذا الصاروخ وبعد ان علمت القيادة الإسرائيلية قررت سحب الصواريخ، واستمرت العمليات من أول كمين لأول أسير إسرائيلى وكمائن للطائرات وتلغيم وتفجير تشوينات الذخيرة المصرية فى سيناء التى كانت من مكاسب اليهود فى 67، وعمليات إغارة واقتحام مواقع العدو الحصينة فى لسان التمساح ونسف طرق واستطلاع وقصف مطارات ومنشآت صناعية وقواعد صواريخ ثم عمليات استطلاع إيلات. إن تفاصيل العمليات التى لا تمل الأذن الاستماع إليها ويهتز الوجدان فرحا بها رغم مرور نصف قرن على حدوثها ما زالت مجرد حكايات ما لم توثق فى فيلم روائى على غرار الأفلام العالمية لعمليات إبرار نورماندى ومدافع نافارين. سيكون الفيلم البوابة اللازمة لدخول عالم أرحب وأوسع وفضاء متسع لأجيال مختلفة وأعمار متعددة تصل لتفاصيل الحقائق بالتصوير والمشاهد السينمائية. مطلوب إلقاء الضوء على الأحياء من أبطال الاستنزاف وأكتوبر والاستماع اليهم وهم يروون تاريخا موثقا أمام الأجيال القادمة غير قابل للنفى او الإنكار أو التزييف ومطلوب عدم إبعاد نجومنا أبطالنا لأنها قريبة الآن، مطلوب السباحة فى تفاصيل الظروف الإنسانية والنفسية والمصاعب التى تعرضوا لها أثناء إعداد العمليات حتى تتحقق مقولة السادات وهو يكرم أبطال المجموعة «سيأتى اليوم الذى يعرف فيه شعبكم خوارق أعمالكم». لمزيد من مقالات سهيلة نظمى;