في ثاني أيام الامتحانات.. وكيل تعليم الأقصر يتفقد بعضاً من مدارس المحافظة    موعد بدء أعمال مكتب تنسيق الجامعات 2024 لطلاب الثانوية العامة والشهادات المعادلة    جامعة بنها الأهلية: بدء الدراسة بكليتي الفنون البصرية والطب البيطري العام القادم    جامعة بني سويف تشارك في ندوة "الدمج والإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة"    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعقد اجتماعه التحضيري الأول للاستعداد لمؤتمره السنوي    وزيرة الهجرة: المصريون بالخارج يعززون من تأثير القوى الناعمة المصرية ولهم دور وطني في الداخل    السيسي يصدر قرارا جمهوريا جديدا    ارتفاع استخدام وسائل الصحة الإنجابية إلى 82%    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال رصف شارع الجيش بدسوق ب5 ملايين جنيه    تجنبًا لإلغاء التخصيص|«الإسكان الاجتماعي» يطالب المُتعاقدين على وحدات متوسطي الدخل بضرورة دفع الأقساط المتأخرة    السياحة والآثار: لجان تفتيش بالمحافظات لرصد الكيانات غير الشرعية المزاولة لنشاط العمرة والحج    النائب أحمد المصرى: توجيهات الرئيس بشأن مشروعات التوسع الزراعى تحقق الأمن الغذائي للبلاد    قرار جمهوري بإنشاء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي.. تعرف على أعماله    التفاوض مع الشيطان أسهل!    أول تعليق من رئيس إسرائيل على تصريحات وزير الأمن القومي بشأن حب بايدن ل حماس    لليوم الرابع على التوالي.. إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام المساعدات لغزة    إسبانيا وأيرلندا تدرسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية 21 مايو الجارى    شوبير يكشف عن 3 عقبات في طريق تجديد علي معلول للنادي الأهلي    محامي محمد الشيبي يطالب المحكمة بتغيير وصف القضية    نفسيته تعبانة، تفاصيل مرافعة دفاع المتهم بقتل الطفلة جانيت    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية رشوة التموين ل 8 يوليو    حسين فهمي ضيف شرف اليوبيل الذهبي لمهرجان جمعية الفيلم    تراجع ملحوظ في إيرادات شباك تذاكر السينما تزامنا مع انطلاق امتحانات نهاية العام    حسين فهمي ضيف شرف اليوبيل الذهبي لمهرجان جمعية الفيلم    رجعوا لبعض.. ابنة سامي العدل تفجر مفاجأة عن عودة العوضي وياسمين عبد العزيز    «قومية القاهرة» تقدم العرض المسرحي «إلكترا» بقصر ثقافة روض الفرج    دعاء الامتحان.. كلمات أوصى النبي بترديدها عند نسيان الإجابة    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    هل تصح الصلاة على النبي أثناء أداء الصلاة؟.. الإفتاء توضح    إجراء الكشف الطبي على 1209 مواطنين خلال قافلة «حياة كريمة» بكفر الشيخ| صور    اكتشفوه في الصرف الصحي.. FLiRT متحور جديد من كورونا يثير مخاوف العالم| هذه أعراضه    مسلسل البيت بيتي الحلقة 5، كراكيري يخسر منزله وينتقل إلى بيت المزرعة    عقيل يطالب بسرعة إصدار قانون تداول المعلومات لاكتمال منظومة حماية الحريات    عاجل| مصدر أمنى رفيع المستوى يكشف تطورات جديدة في مفاوضات غزة    المحكمة تستمع لدفاع حسين الشحات في اتهامه بالتعدى على الشيبي    إمام وخطيب مسجد عمرو بن العاص يوضح حكم حج الرجل عن أخته المريضة    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    مفاجآت سارة ل5 أبراج خلال شهر مايو.. فرص لتحقيق مكاسب مالية    السكري- ما أعراض مرحلة ما قبل الإصابة؟    طريقة عمل كبسة الدجاج بالخضروات، سهلة ومميزة    12 صورة بالمواعيد.. تشغيل قطارات المصيف إلى الإسكندرية ومرسى مطروح    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    بوتين يحيي ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية    الحوثيون يستهدفون 3 سفن إسرائيلية في خليج عدن وبحر العرب    البورصة تخسر 5 مليارات جنيه في مستهل أخر جلسات الأسبوع    طلب إحاطة بتعديل مكافآت طلاب الامتياز ورفع مستوى تدريبهم    مصدر عسكري: يجب على إسرائيل أن تعيد النظر في خططها العسكرية برفح بعد تصريحات بايدن    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    بعد العاصفة الأخيرة.. تحذير شديد من الأرصاد السعودية بشأن طقس اليوم    موعد مباراة الإسماعيلي والداخلية اليوم الخميس بالدوري    الأهلي يخطف صفقة الزمالك.. والحسم بعد موقعة الترجي (تفاصيل)    أحمد عيد عبدالملك: تكاتف ودعم الإدارة والجماهير وراء صعود غزل المحلة للممتاز    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    «أسترازينيكا» تبدأ سحب لقاح كورونا عالميًا    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصف الباقى من حرب أكتوبر
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 09 - 2017

فى نهاية أيام حركة الغضب الذى عشناه بعد الخامس والعشرين من يناير؛ كان انتباهى الخاص مركزا فى ثلاث حقائق كانت واضحة أمام عيونى لا لأنى قارئ كف الوطن، ولكن لأنى عشت محذرا من حالة الترهل الجسيم الذى أصاب الخريطة المصرية فى سنوات ما بعد انتصار السادس من اكتوبر العظيم. وجرى الواقع مسرعا إلى ترهل ظاهر بدءا من الإنفتاح السداح مداح مرورا برحلة تمكين هادئة ثم مسرعة لتيارات التأسلم السياسى بدعوى أن شعار «الله أكبر» هو الذى صنع النصر العظيم، متجاهلين أن السماء لا تمطر انتصارات ولكنها تتوج جهود البشر بنتائج اعمالهم؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ لم يكن جهد رئيس الأركان سعد الشاذلى قبل حرب أكتوبر ساقطا من حسابات السماء عندما وفقتنا إلى النصر المغزول برؤية عبد الغنى الجمسى فى دراسة تيارات المياه بالقناة كى يكون العبور اقل صعوبة؛ فضلا عن بداهة إستخدام فكرة إذابة الرمال بمدفعية المياه المستفيدة من خبرة اللواء زكى باقى المهندس العظيم، بالإضافة إلى أن كل مقاتل قد تدرب على مهمته حتى صارت سلوكا تلقائيا فيما قابله من تفاصيل. وما أذكره الآن بكلمات بسيطة كان وراءه حياة مصرية يقف فيها من كل عائلة مصرية مقاتل قادر على أن يغزل النصر مع بقية زملائه.
ثم بدأت رحلة ترهل هادئ ثم متسارع فوجدنا تمهيدا يشبه التمهيد النيرانى للاستسلام للترهل كأسلوب حياة. ولن أحكى عن تجفيف القطاع العام ودخول التعليم إلى لعبة إنفصال التحصيل الدراسى عن حقائق الواقع ، فإنطلق فيروس الدروس الخصوصية ليأكل أول ما يأكل كرامة المعلم، وصادف ذلك إغتيال السادات ثم إنتقال رجل فى قامة يوسف صبرى أبو طالب من عمله كمحافظ للعريش التى وضع لها وبمشاركة القبائل خطة تنمية تعتمد على تجويد التعليم وإستكشاف ما يصلح للأرض هناك من زراعات، وفور نقله من موقعه حتى بدا إهمال سيناء لترعى فيها جحافل السلفية، وعندما أتذكر تلك الحقائق فهى ابنة أفكار رجل تربى فى بوتقة الكرامة العلمية والعملية وهى بوتقة العسكرية المصرية؛ وهو ايضا من واجه بفهم عميق أساليب إحتيال شركات توظيف الأموال فلم يسمح لأى منها بالدخول فى مشروعات تخص محافظة القاهرة. ومثل يوسف صبرى أبو طالب هناك كثير ممن رفضوا توغلا لتلك الفيروسات المدعية للتأسلم فى الجسد المصرى على الرغم من امتصاصهم جزءا لا بأس به من مدخرات بسطاء البشر .
حدث كل ذلك بينما كان المتأسلمون يتكاثرون بدعوة البشر إلى الغياب عن الواقع مع عجز أجهزة الدولة عن صناعة مسالك علمية وطبيعية لتطوير المجتمع.
طبعا كان كل ذلك يجرى بينما شيمون بيريز أحد المؤسسين لدولة إسرائيل يعلن عن الشرق الاوسط الجديد، فهو أحد الآباء الشرعيين للعبة إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط . وكانت الولايات المتحدة تمد انف مدافعها وطائراتها مرة إلى العراق التى إبتلتها ظروفها بحاكم دموى المزاج هو صدام حسين الذى خاض حربا ضد إيران ذات الحكم الشيعي، فوضع اساسا لصراع مذهبى مقيت؛ ثم تبع ذلك بمحاولة احتلال الكويت، وبدأت فكرة القومية العربية فى التآكل، لتصحو نعرات مذهبية .
كل ذلك ولا يلتفت قادة العرب إلى الهول الذى صنعوه لشعوبهم؛ هو عدم الإلتفات إلى مهمة تستكمل بها الأمة العربية ما بدأه المصريون فى انتصار أكتوبر المجيد، فلم يتجه المال العربى إلى خريطة الأحلام التى إنبثقت من نصر اكتوبر المجيد. وكان إقتصار الدور المصرى على الإستمرار فى الإنفتاح الكسول عن تنمية المجتمع كنسيج واحد فصعد نجم طبقة القطط السمان التى تحولت إلى حيتان تلتهم خيرات الوطن المصرى فإتسعت الفجوات بين فئات المجتمع لتذوب الطبقة الوسطى تحت سياط وكرابيج تجمع خيرات المجتمع المصرى فى يد حفنة قليلة وجدت فى نظام حسنى مبارك خير مناخ يساعدها على استنزاف ما بقى من القطاع العام؛ ولتتسع الهوة بين شعارات فضفاضة وبين واقع يئن من ضغوط الحياة اليومية، وكان هذا هو خير مناخ استثمرته جحافل التاسلم بداية من المعونات العينية من سكر وزيت وارز فى القرى ضعيفة القدرة على إشباع حاجات سكانها، ومرورا بفساد التعليم الذى لايؤهل الفرد إلى إكتشاف قدراته، بل هو حفظ وتلقين أو غش جماعى وتكدس الجامعات باعداد مهولة عاجزة عن إستيعاب ما تدرس فصار كثير من الكليات تقذف بخريجين لا يتقنون ما درسوا.
فقد انفصل مضمون الشهادة الجامعية عن الشكل. ولذلك جاء إنفجار الخامس والعشرين من يناير لتمنح التأسلم فرصة سرقة إدارة المجتمع، وجاء محمد مرسى كمندوب احتلال عثمانى أمريكى منخفض التكاليف لدرة إفريقيا والشرق الأوسط ألا وهى مصر المحروسة. ثم تأتى الصحوة التى كشفت كل اوراق التآمر على مستقبل مصر؛ جاءت صحوة الثلاثين من يونيو لتقذف بتيار التأسلم من حالق. وكان الواقع مثخنا بجراحه يبحث عن خريطة امل لا تعرف الرضوخ للدول الكبرى وتحاول إيقاظ الضمير العربي، فكانت دولة الإمارات والسعودية ثم الكويت هى أول الدول التى قررت دعم مصر لتنتصب واقفة على أقدامها .
بطبيعة الحال لم يغب عن قادة العرب الصادقين حقيقة عبث الإستعمار الجديد متمثلا فى بؤر ذات ثروة وضجيج مثل بؤرة قطر، ولم يغب عن قيادة مصر ابدأ انها الدولة القادرة على أن تصحو من جديد عبر مشاريع عملاقة يمكن ان تردم فجوة التخلف الشاسعة. ولم يغب عن جموع المصريين اهمية الإلتفاف حول القيادة الجديدة التى لم تغرقهم فى اوهام بل طلبت منهم التضحية رغم الظروف الصعبة. وقد قبل المصريون الدواء المرير من اجل إعادة صياغة نظام اقتصادى قادر على إشباع الحاجات الاساسية وقادر على أن يلحق مصر بقطار الأمل فى مستقبل مختلف غير مترنح بين إنتظار معونة او دعم خارجى .
وهانحن نحاول غزل ثوب انتصار اجتماعى جديد نستكمل به انتصار اكتوبر. ولعل البداية هى محاولة تطوير التعليم كيلا ينتج إرقاما بشرية تحمل شهادات لا تعبر عن مضمون فعال ، بل بشرا قادرين على إبداع علمى وصناعى جاد.
لمزيد من مقالات منير عامر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.