فى ليلة مقمرة سماؤها صافية وعلى ساحل راس سدر الفاتن الجميل اتطلع لأعلى.. ملايين النجوم انتثرت على وجه السماء كالرمال اللامعة على ساحل البحر، أتأملها.. يا لعظمة الخالق وضآلة المخلوق، ويظن البعض كبرا أن الكون الواسع خلق للإنسان وحده حتى إنك تعجب لمن يتساءل عن وجود مخلوقات أخرى غيره، فى هذا الكون السحيق!!! وكأن جرثومة فطرية فى قطعة صغيرة من جبنة الركفور تحدث نفسها بأن هذا الكون القطعة ولا شىء غيرها قد خلق لها ولزميلاتها من البكتيريا، ولا شك أن هذا الكون عامر بخلق الله، وله فى خلقه شئون، ولكن بالطبع لكل موقع، مخلوق يناسبه، خذ مثلا: فى الأرض لا تتخيل السمكة فى الفضاء، ولا الطير فى البحر، ولا الإنسان فى الفضاء والبحر فلكل مكانه، وأطمئن نفسى بأن وجودنا بعد النهاية المحتومة قد يكون بداية لانطلاقات أخرى فى سماوات أوسع وأرحب... وهل تصور الجنين، وهو فى أعماق الرحم أن يصادف حياتنا بكل ما فيها من معجزات، ثم تعود بنظرك إلى ملايين النجوم الساطعة، وتسأل نفسك: كيف يظن بعض الناس الطيبين أن من بين هذه النجوم التى ما أن وطئت أقدامنا أحدها وجدناها «جلاميد» من صخر بركانى، كيف ظن هؤلاء الطيبون أن هذه «الجلاميد» المنثورة، على صفحة الكون يمكن أن تتحكم فى شخصيات البشر ومستقبله وماضيه!!. منظر مؤذ تصادفه عند دخولك المسجد للصلاة.. مئات من الأحذية والمراكيب تسد عليك طريقك بعد أن ألقاها المصلون على مدخله، بلا اهتمام لمن سوف يليهم، وتمضى تتقافز حول الأحذية وفوقها حتى تصل إلى حرم المسجد بقدر معقول من نظافة وتطهر، فقد سرت فوق نعال لاشك أن بعضها قد تلوث بوعثاء الطريق هذا منظر لا يليق بدور العبادة فى دين من أولوياته النظافة، ويأمرنا بها خمس مرات كل يوم، ومن الممكن أن يخلى مسئول المسجد ممرا محاطا بسور رفيع من الخشب أو القماش أو حتى مجرد خطين يذودان عن حرم المسجد من هذا المنظر، ولم أطلب تجهيز مسافات من أكياس النظافة يسحبها المصلى يحفظ فيها حذاءه معه، كما يحدث فى بعض البلاد الإسلامية فهذا كثير وطلب نؤجله. أمة تتكاثر بما يساوى دولة كاملة كل عشر سنوات!! فى فيلم «مرجان أحمد مرجان» منذ نحو ثمانى سنوات قالت البطلة لمرجان عارف يا مرجان تعداد مصر كام؟ 72مليونا... ونحن الآن بعد مضى 8سنوات زدنا عشرين مليونا يعنى ما يساوى حجم بلجيكا ودولة أو دولتين من أوروبا الشرقية، وما يساوى تقريبا نصف حجم تعداد فرنسا، ويعلمنا علم الإحصاء أنه كلما زاد العدد كانت تضاعفاته أسرع، ولماذا نذهب بعيدا، فعندما سافرت فى بعثتى بباريس خلال السبعينيات كان تعداد مصر نحو 40مليونا، وكذلك تعداد فرنسا ونحن اليوم قد زدنا اثنين وخمسين مليونا يعنى أكثر من 250% ولم يزد تعداد فرنسا عن خمسة ملايين يعنى نحو 10% ونقارن بين الحال هنا وهناك كيف يمكن لدولة أن تدبر مقدرات شعب يزيد قطرا كاملا كل عشر سنوات.. أكاد أقول أن مجرد الحفاظ على القدر المقبول من توفير الغذاء يعد من قبيل الاعجاز الذى يحتاج إلى جهد فوق الخارق، وأتخيل لو أن انجلترا أو فرنسا قد تضاعف تعدادهما فى هذا المدى القصير، هل كانوا سيصبحون ما هم عليه الآن من تقدم وتفوق!! ومن المفروض أن تقوم الدولة ببعض الإجراءات التى تسهم فى جعل المواطن يفكر كثيرا قبل الإنجاب بلا حساب، وأعتقد أن الدولة بدأت ذلك، ولكن على استحياء.. فعندما زاد دعم البطاقات إلى نحو 50جنيها اقتصر الدعم على أول طفلين فقط.. هكذا تم الأمر وفى هدوء مخطط، فهل يمتد هذا إلى خطوات أخرى قد تشمل التعليم المجانى، وغيره مثل حوافز زيادة الرواتب وغيرها ممن سبقتنا إليها بنجاح دول كثيرة، ولابد من عودة حملات التوعية لتنظيم النسل، وبالذات من رجال الدين فى القرى والنجوع، أما الحملات التليفزيونية، فيبدو أنها لم تؤد المطلوب منها، تخيل أن الدولة مطالبة اليوم بتوفير غذاء وكساء وتعليم وعلاج فى الاثنى عشر شهرا المقبلة لأكثر من مليونين ونصف المليون ممواطن فوق التسعين مليونا الحاليين!!!.. هذا كثير ومعجز.. د. خليل مصطفى الديوانى