نائب رئيس حزب المؤتمر: الحوار الوطني يحقق طموحات الجمهورية الجديدة    إرتفاع أسعار النفط بعد سلسلة خسائر استمرت أسبوعين    تكريم 40 من حفظة القرآن الكريم والطلبة المتفوقين في الدقهلية    عاجل من "الشعبة" بشأن أسباب ارتفاع أسعار البن في مصر (فيديو)    مياه المنيا: استمرار امتحانات التقييم الخاصة بالمسار الوظيفي للعام المالي 2023-2024    عماد الدين حسين: مصر تسعى لإيقاف آلة الحرب الإسرائيلية ضد أهل غزة    مصر في 24 ساعة| تفاصيل أزمة مالك التوحيد والنور وابنته.. آخر تطورات الوضع في غزة    شاهد| هدف الأهلي الثاني في شباك مازيمبي    «تموين الإسكندرية»: تحرير 158 مخالفة لمخابز بلدية وسياحية    أنغام تتصدر محركات البحث بعد حفل عيد تحرير سيناء    إقبال جماهيري على عروض اليوم الأول من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    سميرة أحمد تكشف سر خلافها مع وفاء صادق    «قصور الثقافة» تحتفي بالمسيرة الإبداعية ل محمد أبو دومة الثلاثاء المقبل    ذوي الهمم والعمالة غير المنتظمة وحماية الأطفال، وزارة العمل تفتح الملفات الصعبة    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    برلماني: استرداد سيناء ملحمة وطنية تتناقلها الأجيال    فصل طالبة مريضة بالسرطان| أول تعليق من جامعة حلوان.. القصة الكاملة    جماعة الحوثي تشن 5 هجمات ضد السفن في البحر الأحمر.. فيديو    الزراعة: إصلاح الفدان الواحد يكلف الدولة 300 ألف جنيه    اختفاء دول.. خبير أبراج يتوقع مرور العالم بأزمات خطيرة    وزيرة التخطيط: الفجوة التمويلية في الدول النامية تصل إلى 56%    الكشف الطبي بالمجان على 1058 مواطنا في دمياط    الأونروا: قطاع غزة يشهد موجة حر غير عادية فاقمت الأزمة المعيشية    أحمد فايق يقدم نصائح لطلاب الثانوية العامة عبر «مصر تستطيع»: «نجتهد دون قلق»    وزيرة «التخطيط» تشارك بمنتدى التمويل من أجل التنمية بالأمم المتحدة    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى فاقوس المركزي ويحيل مشرف التغذية للتحقيق    طائرة الزمالك "سيدات" يفوز على أسيك ميموزا الإيفواري بنتيجة 3-0 في البطولة الإفريقية للأندية    صلاح ضمن التشكيل الأفضل للدوري الإنجليزي    علاقة متوترة بين انريكي ومبابي.. ومستقبل غامض لمهاجم باريس سان جيرمان    مسؤول إسرائيلي: بلينكن يزور إسرائيل الأسبوع المقبل لبحث صفقة جديدة    مساعد وزير التعليم: 8236 مشروعا تعليميا ب127 ألف فصل    حياتى أنت    تعرف على أهداف الحوار الوطني بعد مرور عامين على انطلاقه    اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. مصر تجري اتصالات مع كل الأطراف لوقف الحرب في قطاع غزة    الغيابات تضرب الاتحاد قبل مواجهة الجونة    شركة GSK تطرح لقاح «شينجريكس» للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    مصرع طفل سقط في مصرف زراعي بالفيوم    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سرفيس على صحراوي قنا    محافظ المنوفية: 25 فاعلية ثقافية وفنية خلال أبريل لتنمية المواهب الإبداعية    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي شرقي لبنان    الأمم المتحدة للحق في الصحة: ما يحدث بغزة مأساة غير مسبوقة    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    مؤتمر تين هاج: تطورنا بطريقة جيدة للغاية.. وهذا ما طلبته من اللاعبين    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    نجم الأهلي السابق: سنتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو مسؤول عن استبعاده الدائم    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    سويسرا تؤيد خطة مُساعدات لأوكرانيا بقيمة 5.5 مليار دولار    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق بريطانية: «الإخوان» تنظيم إرهابى منذ نشأته..

* التخطيط لتشكيل الجماعة تم بشكل دقيق وأسندت لأعضائها مهام محددة
*
* الإخوان تنظيم ظلامى رجعى يثير الشعور بالخوف من الأجانب.. ويستعرض عضلاته
* أقلية ضئيلة من المصريين أيدوا الإرهاب الإخوانى وكثير من هؤلاء لم يدعموا ممارسات التنظيم بعد اغتيال البنا
* تحذير من قدرة الجماعة على استغلال الاستياء من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية
* تنظيم الإخوان هو أكثر العناصر غموضا فى المشهد السياسى المصرى
............................................................................................................

لم يعد لدى البريطانيين سبب للادعاء بعدم العلم بالنشاط المسلح العنيف لجماعة الإخوان المسلمين، فهم يعلمون يقينا أن للإخوان جناحا إرهابيا مسلحا منذ نشأة التنظيم، فخلال بحث «الأهرام» فى جذور العلاقة بين بريطانيا والتنظيم، عثرت على وثائق تقطع بأن أجهزة الاستخبارات والحكومة البريطانية تعتبر الإخوان منذ عقود تنظيما لا يميل فقط إلى العنف لتحقيق أغراض سياسية، بل إنها كانت تتعامل فى مراسلاتها السرية بشأن الجماعة على أنها تنظيم إرهابى.
وتؤكد الوثائق أن بريطانيا كانت تعلم أنه حتى لوغير التنظيم أساليبه بهدف تحسين صورته، فإن الجماعة لم تغير فكرها المتطرف، وتشير الوثائق، التى تتناول سنوات حكم الرئيس الراحل أنور السادات، إلى أن نشاط التنظيم فى العامين الأولين من رئاسة السادات أثار تساؤلات لدى أجهزة الاستخبارات ومخططى السياسات الخارجية فى بريطانيا بشأن احتمال تحول الجماعة إلى قوة سياسية فى المجتمع المصرى.
ففى شهر يونيو عام 1971 بعثت السفارة البريطانية فى تل أبيب ببرقية إلى وزارة الخارجية تبلغها بتكهن إسرائيل بأن «الأحداث الأخيرة فى الجمهورية العربية المتحدة قد تؤدى إلى عودة الإخوان المسلمين كقوة سياسية».
ورد «ايه. دي. بارسونز» من الإدارة العربية بالوزارة، على السفارة بقوله: «انطباعنا أنه سيكون من غير المحتمل أن يقوى السادات نمو أى حركة سياسية من هذا النوع»، غير أنه حذر من أنه «يظل هناك احتمال أن يؤدى السخط على السادات، أو الاعتقاد بأن الآلة الأمنية قد تم تفكيكها، إلى عودة النشاط السياسى السرى».

شكوك
رغم بيانات السادات المتكررة فى ذلك الوقت بشأن تفكيك أجهزة الأمن، فإن الأجهزة الاستخبارية والدبلوماسية البريطانية «ساورها بعض الشك فى هذه البيانات»، كما قالت وثائق الخارجية البريطانية، وأشارت إلى أن السادات «باعتبار أن لديه خبرة طويلة بالمؤامرات، سوف يبقى بالتأكيد على بعض الأجهزة الاستخبارية للوقاية من مثل هذا الاحتمال (عودة النشاط السرى)، وبفضل إبقاء السادات على هذه الأجهزة، توقع البريطانيون أن يكون هذا النهج فعالا فى قطع الطريق على الإخوان.
وقال بارسونز: «لهذا، فإنه يساورنا شك فيما إذا كان الإخوان المسلمون سيصبحون عاملا يتمتع بأى أهمية فى السياسة المصرية فى المستقبل القريب»، وطلب بارسونز من ديك بيمونت، السفير البريطانى لدى مصر، أن يعد تقريرا بشأن وضع الإخوان فى الحياة السياسية المصرية.
وفى تقريره، الذى وصفه بارسونز بأنه «مثير جدا للاهتمام»، أكد السفير لحكومته ممارسة الإخوان للإرهاب، وبأن لهم جناحا «جيد التدريب والتسليح لتنفيذ عمليات إرهابية»، وقال إنه «من بين كل العناصر فى المشهد السياسى المصرى، ربما يكون الإخوان المسلمون حاليا الأكثر غموضا، ولذلك من الصعب الكتابة عنهم بثقة».

ويبدو واضحا من الوثائق أن تنظيم الإخوان المسلمين المصرى كان فى ذلك الوقت أحد شواغل بريطانيا، التى كانت تعتمد على «صلاتها» فى المنطقة لجمع المعلومات عنه - حسب الوثائق-.
يقول السفير إنه رغم الغموض، الذى يحيط بالتنظيم «فإن بعض صلاتنا المصرية تخبرنا بأنها (الجماعة) تصبح مرة أخرى قوة يُحسب لها حسابا، لكن دون أن يطرحوا أدلة دامغة لتبرير هذا الاعتقاد».
سر الجاذبية
فى تقريره حاول السفير، كما قال، «تقييم أهمية الإخوان»، مستندا إلى أسس منها «تحليل تاريخى للحركة» و«معلوماته عن صلة السادات السابقة بهم»، وفيما يلى نص تقرير ديك بيمونت، السفير البريطانى لدى مصر: جاذبية الإخوان المسلمين تكمن أساسا فى رسالتها الدينية الشاملة إضافة إلى الإصلاح الاجتماعى والاقتصادى والسياسى. بحلول منتصف الأربعينيات، أمكن للجماعة أن تدعى أن لها أتباعا فى معظم قطاعات المجتمع المصرى. ومن وجهة النظر السياسية، يكمن الانجذاب الرئيسى لها فى حقيقة أنها تقدم لأعضائها نوعا من المشاركة والإشراك، وهو ما لا يمكن للأحزاب المعارضة عديمة المصداقية الأخرى أن تفعله، ولذا فإنها (الجماعة) تتيح بديلا جديا مهما (لحزب) الوفد.
لقد تم التخطيط لتشكيل التنظيم تخطيطا دقيقا، وأسندت إلى أعضائه مهام محددة لإنجازها فى إطاره، لهذا فإن كل عضو يشعر بأنه يقدم إسهاما إيجابيا. وبحلول عام 1946، اُنشئت فروع للتنظيم فى سوريا والأردن وفلسطين وأصبح الإخوان قوة ديناميكية فى السياسة المصرية لدرجة أنهم، كما تعلمون، اضطروا الحكومات المصرية المتعاقبة بين عامى 1947 و1951 إلى استخدام معظم القوى الأمنية للدولة فى مكافحة الجناح الإرهابى، جيد التسليح وجيد التدريب، للتنظيم. وقبل وبعد ثورة 23 يوليو 1952، اُقنع الإخوان بأنه يمكنهم استغلال حركة الضباط الأحرارلتحقيق غاياتهم ذات الهدف النهائى وهو الوصول إلى السلطة بأنفسهم، وقد تشجعوا فى تطلعاتهم السياسية بعد الثورة بفعل حقيقة أن حل الأحزاب السياسية فى يونيو 1953 لم يؤثر عليهم مبدئيا.
غير أنهم انزعجوا أيضا بسبب إقرار نظام جمهورى وبإنشاء هيئة التحرير، التى عارضت ادعاء الإخوان بأنهم يوفرون قاعدة شعبية ملائمة للثورة.
وزادت المعارضة النشطة من جانب الإخوان للنظام خلال 1953، حتى أدى العداء المنظم فى أوائل عام 1954 إلى حلهم، وقد انتهى تخفيف القيود عليهم فى وقت لاحق من العام فجأة بسبب محاولة عضو من الإخوان اغتيال عبد الناصر فى أكتوبر 1954، وعلى الفور بدأ النظام سحق التنظيم، ويُعتقد بأن 4000 من أعضائه اعتقلوا. وكان من المصادفة «اكتشاف» صلة الرئيس (محمد) نجيب بالمؤامرة ، وهو ما استخدم لتبرير سقوطه النهائى من السلطة والمكانة، وبغض النظر عن ضلوعهم المزعوم فى مؤامرة ضد النظام فى أغسطس 1965، والتى أدت إلى القبض على 4000 عضو من الإخوان، يبدو أنهم لعبوا بعد ذلك دورا أقل نشاطا فى السياسة المصرية.
من الصعب دائما معرفة أعضاء الإخوان المسلمين، غير أنه يبدو أن السادات كانت له صلات قوية مع التنظيم منذ أوائل سنوات الحرب، عندما نُفذت محاولة غير ناجحة لتنسيق أنشطة الإخوان مع أنشطة الضباط الأحرار.
وفى كتابه «ثورة على النيل»، يصف السادات دوره بأنه الوسيط بين الضباط الأحرار وحسن البنا، المرشد العام للإخوان، ومن الواضح أنه كان أحد الضباط الأحرار الذين اعتمد الإخوان على علاقتهم بهم للحصول على مساعدة لدفع تحقيق الأهداف السياسية، ولم يخف السادات انجذابه وأعضاء آخرين من تنظيم الضباط الأحرار لتنظيم الإخوان، ولم يخف أسفه الشخصى لأن الإخوان ضلعوا فى التآمر على النظام. وانجذب عبد الناصر نفسه لهدف الإخوان تأمين قيادة مصر للعالم الإسلامى، كما أنه كان مغرما فى السنوات السابقة على الحرب العالمية الثانية بفكرة السعى لتحقيق أهدافه داخل الإخوان. وجذب التأكيد على نقاء الدين والعودة إلى الفضائل البسيطة للمجتمع الإسلامى التقليدى المصريين من مختلف الخلفيات الاجتماعية والثقافية، لدرجة أن الإخوان تغلغلوا فى المجتمع إلى حد لم تبلغه على الإطلاق أى منظمة أخرى ذات عضوية طوعية فى مصر، وعكس ذلك الشوق الأساسى للعديد من المسلمين، وكان التنظيم منضبطا وقويا بما يكفى لجعل أهدافه تبدو سهلة التحقيق.
غير أنه إن لم يكن من قبيل الإفراط الافتراض بأن الكثير من المصريين كانوا ومازالوا منجذبين للإخوان المسلمين (على الأقل كمصطلح كان حسن البنا أول من نحته واستخدمه)، فإننى أعتقد أن أقلية صغيرة فقط من المصريين أيدوا بفعالية لجوء الإخوان المسلمين للإرهاب. وحتى من بين هؤلاء، هناك كثيرون شعروا بأنهم غير قادرين على دعم العنف المتعصب الذى انغمس فيه الإرهابيون الإخوان بعد اغتيال المرشد العام (حسن البنا) عام 1949، رغم أن هذا الحدث أثار أسفا على نطاق واسع.
لا نعرف على وجه اليقين موقف السادات الخاص من تصاعد النشاط الإرهابى فى ذلك الوقت، كما لا نعرف ما إذا كان السادات نفسه، كما زعم البعض، قد شارك فى هذا، غير أن مشاركته على الأقل فى محاولة اغتيال واحدة، قبل وصول الضباط الأحرار إلى السلطة، حملته مسئولية معينة فى الدوائر الثورية، كما يشير إلى أن وسائل القوة المسلحة التى يستخدمها الإخوان قد تنطوى على بعض الجاذبية بالنسبة له، ربما لدرجة مشاركته شخصيا فيها.
هل للإخوان أى نفوذ فى المجتمع المصرى اليوم؟. يفترض المرء أن التنظيم قد اُضعف بفعل الاعتقالات ضدهم عامى 1954 و1965، وأنه ما لم يتلق الإخوان تشجيعا فعالا من قبل السادات فإن الأمر سوف يحتاج بعض الوقت لإعادة التجميع، ولأن يصبحوا مرة أخرى قوة يُحسب لها حساب فى السياسة المصرية.
مرة أخرى، نحن لا نعرف موقف السادات الحالى، وقد يفسر تعاطفه الماضى مع الحركة (وحاجته الحالية إلى أوسع قاعدة شعبية ممكنة) ما يتردد عن إطلاق سراح عدد كبير بالفعل من الإخوان من السجن فى الشهور الأخيرة، وهذا العدد يبلغ عدة مئات -حسب بعض مصادرنا- وقد قيل لنا إن فقط الرجعيين، الذين رفضوا إعطاء ضمانات بحسن السلوك، بقوا فى السجن، وقيل إن بعض الذين أطلق سراحهم قد غادر مصر إلى الكويت والسعودية، ومن الصعب معرفة ما إذا كانوا غادروا لأنهم انتهوا إلى أنه لا مستقبل لأنشطتهم فى الجمهورية العربية المتحدة، غير أن السادات يأمل على الأرجح فى أن يساعدوا فى دعم صورته خارج مصر كرئيس ليبيرالى، عازم على الرحمة والعفو.
بالنسبة لأتباع الإخوان الجدد، فمن الصعوبة بنفس القدر معرفة عددهم وديناميكيتهم، ويمكن للمرء أن يفترض بدرجة معقولة من الاطمئنان أن أى نشاط غير عادى من جانب الإخوان يُراقب عن قرب، وتنتشر روايات هنا عن أن السادات يحاول تشجيع الإخوان المسلمين على التجمع مرة أخرى، كترياق محتمل للتسلل الشيوعى، ويشاع أنه يجرى تشجيع الإخوان على الترشح فى انتخابات الاتحاد الاشتراكى العربى المقبلة، وقد قيل لنا إن هدف السادات بعيد المدى قد يكون تحقيق نوع ما من التوازن داخل ال «أيه. إس. يو» بأن يفسح المجال لجناح ماركسى معاد للدين ضد فصيل مسلم اشتراكى مؤلف من أعضاء سابقين أو متعاطفين مع الإخوان المسلمين. ولذا يبدو أن السادات يستخدم الجاذبية الأساسية للإخوان لتحقيق أهدافه الخاصة، وربما يمكن لإحيائهم، إن وُجد، أن يؤدى إلى مشكلة لو بدأ الإخوان اللعب على استياء المصريين من درجة (حالة) التقدم الاقتصادى والاجتماعى للبلاد، أو كراهيتهم لمستوى النفوذ السوفيتى والشيوعى الآخر هنا، غير أننى أميل إلى الشك (وأسارع بأن أضيف أن هذا، وكما هو الحال فى معظم هذه الرسالة، هو رأى شخصى قائم على حقيقة قيمة دامغة بقدر قليل)، فيما إذا كان الإخوان متماسكين بدرجة كافية تجعلهم يشكلون أى نوع من التهديد الآنى للنظام، وعلى أى حال، فإنه لو أن السادات نفسه، كما أشرت، مسئول عن تخفيف الإجراءات القمعية السابقة ضد الإخوان، وربما حتى يعطيهم بعض التشجيع، فإنه يجب أن يكون قادرا على الحفاظ على السيطرة، كما يمكن توقع أنه سيقمع بقسوة لو بدأ الإخوان تهديد موقعه، وقد طرح أحد زملائنا من إحدى دول شرق أوروبا فكرة أن السادات قد وجه لتوه ضربة قوية لليسار من أجل ترسيخ سلطته الشخصية، ومن ثم تشجيع اليمين والعناصر اليمينية الليبرالية على توسيع أنشطتها، وأنه سوف يجد نفسه مضطرا فى الوقت المناسب لتوجيه ضربة مماثلة لليمين المنظم لتحقيق الهدف نفسه بالضبط.
إعادة التقييم
وبعد خمس سنوات ونصف من متابعتهم لوضع الإخوان فى بدايات عصر السادات، عاود البريطانيون تقييم وضع الإخوان فى سياق مراجعة تتعلق بما وصف ب«الصحوة الدينية» فى مصر، ففى أكتوبر 1977، بعثت السفارة البريطانية بمذكرة إلى إدارة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا فى الخارجية بشأن «الدين فى مصر»، وكان الهدف هو «دراسة الآثار المترتبة على هذه الصحوة بالنسبة لمصر ونظام الحكم فيها».
واستهلت السفارة مذكرتها بتسجيل أن «هناك العديد من العلامات على نهضة دينية مسلمة (إسلامية)»، وأشارت إلى «تنامى التردد على المساجد.. وتوفر الموارد بسخاء لصيانة وبناء مساجد جديدة»، وأفردت المذكرة، التى جاءت فى 9 صفحات، صفحتين عن تنظيم الإخوان المسلمين، ونبهت إلى أن «الإخوان يتلقون دعما من متعاطفين فى الخارج، مصريين وأجانب، ورصدت «نشاط الإخوان الكبير للغاية فى الجامعات».
وألقت الضوء على الالتزام الصارم بالنظام والتراتبية داخل التنظيم، وقالت: «ربما يؤكد الالتزام بالنظام تصميم الإخوان، على سبيل التكتيك، على الترويج لصورتهم كجماعة جديرة بالاحترام، وهى الصورة المناقضة لأعمال القتل والعنف التى ميزت أنشطة الإخوان فى أواخر الأربعينيات ومنتصف الخمسينيات».
ولاء وفوضى
لفتت المذكرة الانتباه إلى أنه «رغم انتقاداتها فى كثير من الأحيان لسياسات الحكومة، فإن مجلتهم (الدعوة) لم تهاجم قادة الحكومة»، وأضافت: «علاوة على ذلك، بذل الإخوان جهودا مضنية للتأكيد على أن جماعة (التكفير والهجرة) التى اغتالت فى يوليو 1977 الشيخ محمد الذهبى (وزير الأوقاف الأسبق) لا صلة لها بهم، كما أدانت (مجلة) الدعوة القتل».
فماذا كان تأثير سعى الإخوان للترويج لصورتهم كجماعة محترمة؟
تقول المذكرة إنها «قد تضعف إلى حد ما صورة الإخوان باعتبارهم دعاة لمجتمع بديل»، وتضيف أنه «علاوة على ذلك، فإنه بينما كان الإخوان فى الماضى على درجة عالية من التنظيم تحت قيادة (المرشد الأعلى) الذين يكنون له الولاء الشديد، فإنهم يبدون حاليا فى حالة تتسم ببعض الفوضى الداخلية، ويفتقدون إلى زعيم معلوم»، وحرصت السفارة على تنبيه لندن إلى أن الإخوان «تنظيم سرى.. ومن الصعب ظهور الحقائق» عنهم. ورغم هذه «السرية»، فإن المذكرة كشفت عن علم بطريقة عمل التنظيم ودور المرشد الحاسم فيه، فتقول: إنه «من السهل أن تتغير التكتيكات بسهولة لصالح أتباع وسائل أكثر عنفا إذا قضت القيادة بأن فيها منفعة»، ولهذا فإنه «حتى لو أن التنظيم ليس منضبطا كما كان فى الماضى، ولو كانت التكتيكات الحالية تبدو وكأنها تعطى الإخوان صورة ألطف، فإنه يستحيل تجاهل الأيديولوجية القديمة التى تعود إلى الثلاثينيات والأربعينيات».
وتلقى السفارة مزيدا من الضوء على أفكار الإخوان السياسية وعلاقتها بالدين، مستندة إلى شعاراتهم الإعلامية وخاصة التى روجت لها مجلة الدعوة، وأبرز هذه الشعارات «الإسلام دولة ودين» و«الإسلام هو الحل لمشكلات مصر الاقتصادية والاجتماعية»، وتعلق المذكرة على هذه الشعارات قائلة إنه «ليس فيها ما يمكن أن يعترض عليه الأزهر.. والفارق هو أن الإخوان المسلمين تنظيم يتطلع أكثر إلى الوراء (تنظيم رجعى) وأكثر ظلامية وإثارة للشعور بالخوف من الأجانب فى نظرته، كما أنه أكثر استعراضا للعضلات والقوة فى نشاطاته».
برقية مثيرة للاهتمام
ويخلص تقييم السفارة إلى أن «مبرر وجود الإخوان هو أنهم رد فعل مناهض للاتجاهات الغربية والعلمانية»، ويضيف «هذه الاتجاهات نفسها، فى نظر الإخوان، تعود بقوة جديدة مع سياسة الباب المفتوح، التى تتبعها الحكومة، وهى اتجاهات بغيضة لديهم».
ومع تنامى نشاط الإخوان، والإسلاميين عموما فى الجامعات المصرية، فى النصف الثانى من ثمانينيات القرن الماضي، وضعت بريطانيا رصد الأوضاع فى الجامعات على رأس قائمة أولوياتها، وكانت انتخابات اتحادى طلاب جامعتى القاهرة والإسكندرية فى شهر يناير 1978 موضع اهتمام بريطانى ملحوظ، كما تكشف الوثائق، ففى 23 يناير بعث كيفين باسمور، رجل الاستخبارات فى السفارة البريطانية بمصر، برقية إلى إدارة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا فى الخارجية بلندن بعنوان «الانتخابات الطلابية»، نبهت إلى «انتصار ملحوظ للإخوان»، ولوحظ أن البرقية أرسلت بتوصية تقول إنها «مقيدة»، أى لا يطلع عليها سوى «بي. جيه تورى»، رئيس الإدارة، ولا توزع على أى سفارات أو مسئولين آخرين.
وقالت البرقية: «رغم أن رؤساء اتحادات الطلبة فى الجامعتين هم بالفعل منتمون إلى اليمين الدينى، فإنه يبدو أن حجم انتصار الإخوان أظهر تقدمهم، مصحوبا بتقدم فى جامعات كانوا حتى اليوم يفتقدون فيها القوة».
وفى ذلك الوقت تحدثت تقارير عن تعرض الطلبة الناخبين للترهيب والاعتداءات من جانب مؤيدى الإخوان، ولذا تقرر إعادة التصويت فى بعض الكليات، غير أن تقييم باسمور جاء على النحو التالى: «لا نعلم ما إذا كانت (الحكومة) منزعجة من إمكانية سيطرة الإخوان القوية على اتحادات الطلبة، أم أنها منزعجة مغتاظة من هزيمة مرشحيها.. الاثنان معا على الأرجح»، وأضاف: «لا يعكس نجاح الإخوان الأولى بالضرورة وجهات نظر الطلبة بدقة، وعلى عكس غالبية الهيئة الطلابية، يتميز الإخوان بالتنظيم الجيد والإصرار، وكما فى حالات أخرى، فإن جماعة صغيرة لكنها نشطة يمكن أن تحدث تأثيرا غير مكافئ لحجمها فى أى انتخابات لا تبالى الأغلبية بالمشاركة فيها».
وفى نهاية تقييمه، قال باسمور: «مراقبة السلطات المركزة على اليسار قد يساعد دون قصد فى تحول المعارضة الطلابية لتأييد الإخوان المسلمين، التى هى التجمع الرئيسى الآخر الوحيد ذى الرأى المناهض للمؤسسة».
وقد ردت إدارة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا على برقية السفارة واصفة إياها بأنها «مثيرة للاهتمام ومفيدة»، وأضافت أن مشكلة الإسلاميين، أيا تكن اتجاهاتهم، إخوان، أصوليون، متشدوون، متطرفون، مهمة، وقالت: «إنها تعنينا خاصة أن مسألة قوة الصحوة الدينية فى مصر تُطرح بشكل متكرر هنا من جانب المصريين الساعين للبقاء فى هذه البلاد (بريطانيا)».
ونصحت الإدارة، بشكل غير مباشر، فى برقية إلى باسمور، بتوخى الحذر فى التعامل مع الظاهرة الإسلامية فى مصر حتى لا يستغلها الراغبون فى اللجوء إلى بريطانيا بذريعة التعرض للاضطهاد الدينى، وقالت إن تمديد إقامة طالب مصرى فى بريطانيا، مثلا، لأنه غير دينه الإسلامى ويخشى الاضطهاد فى بلده «يمكن أن يضع سابقة يمكن للجميع استغلالها بشكل سهل».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.