كان الصمت فى عيونهما يشدو بالحلم الحميم، وفرشوا أولى سنوات العمر بالطموح، كانت تفوح منهما رائحة البراءة وعطر الطفولة، كانت امانيهم بحجم السماء والأرض، حتى جاءت اللحظة التى لا لحظة بعدها، واستباح أبوهما دماءهما الطاهرة، هذا ما حدث مع حمدى 9 سنوات وشقيقه مصطفى 5 سنوات، حيث قام ابوهما سيد حمدى بقتل الاول وإصابة الثانى إصابة خطيرة. فوالدهما سيد حمدى ترك نفسه فريسة لوحش القسوة، وفى لحظة تخلى عن انسانيته وخمدت عواطفه، ورحل عقله وانطلق كريح غادر تتنازعه القسوة، وقرر أن يدمر قلاع كل الأفراح من حوله، وأن يقضى سنوات عمره فى مماشى الزمن السحيق، ومن القسوة عرف الجريمة وتلطخت يداه بدماء صغيريه. القصة بدأت عندما قرر حمدى وشقيقه مصطفى الخروج للعب فى الشارع وبعد انتهائهما من اللعب قررا أن يذهبا الى زيارة والدتهما بعد طلاقها من والدهما دون أن يخبرا والدهما وقضى الطفلان وقتا كبير مع والدتهما، وجلسا يشكوان لها قسوة أبوهما فى التعامل معهما.. والأم تستمع لهما وقلبها يعتصر حرقا على طفليها، تشعر بالعجز ماذا يمكن أن تفعل لهما؟ وفى النهاية تصل إلى نتيجة واحدة وهى الشعور بالعجز، الام بدأت تهدأ روعة حمدى ومصطفي، وفجأة وهما يتحدثان مع والدتهما طلبا منها سرعة المغادرة حتى لا يشعر والداهما بغيابهما عن المنزل، وعندما عادا الى منزلهما سألهما والدهما عن سبب تأخرهما، فقالا له كنا نلعب فى الشارع، فرد عليهما إنه بحث عنهما فى الشارع ولم يجدهما، فرد عليه طفله الصغير مصطفى بأنهما ذهبا لزيارة والدتهما، لتهنئتها بعيد الأضحى وأخذ العيدية منها، وهنا استشاط الأب غضبا وقرر معاقبتهما، ونزل عليهما ضربا بفأس، ولم تشفع توسلاتهما له بأن يتركهما، وأنهما لن ينفعلا ذلك مرة أخري، لكن القدر كان اسرع من الجميع، فمن شدة الضرب على الطفلين لقى حمدى مصرعه أما شقيقه الأصغر مصطفى فقد اصيب اصابات بالغة فى جمسه، وهنا ترك الاب الفأس من يده غير مصدق أنه قتل ابنه من أجل تأديبه على اللعب فى الشارع وزيارة والدته فى العيد. تطاير خبر مقتل الطفل حمدى واصابة شقيقه مصطفى فى قرية منشأة دياب بمركز بنها كسريان النيران فى الهشيم وعلى الفور حضر الاقارب وأهالى القرية، وكانت الصرخات على الطلفين تكاد تفزع الطير المحلق فى السماء، وانسالت الدموع تبكى الطفلين والمنزل تفوح من كل اركانه رائحة الحزن بعد أن تلاشت عنه الحياة. وخمدت كل الأصوات من داخله إلا صوت الصراخ والعويل، واختلطت التساؤلات إلا أن الجميع اتفقوا على حقيقة واحدة وهى أن والد الطفلين سيئ السمعة و يعاملهما بقسوة باستمرار, لكن الأب نفى أن تكون معاملته لطفليه تتسم بالقسوة والشدة، لكنه كان يقصد تأديبهما فقط ولم يكن يدرى أن نجله الكبير سيلقى حتفه، مشيرا إلى أنه كان يخشى عليهما من اللعب فى الشارع والخروج من المنزل دون علمه. وكان اللواء محمد توفيق حمزاوى مدير أمن القليوبية، قد تلقى بلاغا بقيام اب بقتل نجله وإصابة شقيقه بدعوى تأديبهما فى قرية منشأة دياب بمركز بنها، وعلى الفور أمر اللواء محمد الألفى مدير المباحث بتشكيل فريق بحث بقيادة المقدم محمد سعيد رئيس مباحث مركز بنها والنقيب اسماعيل السكران معاون المباحث، وتم القبض على المتهم.