قبيل غروب شمس اليوم الخميس تنطلق فرق استطلاع هلال شهر رمضان, والتي تضم علماء دين وعلماء فلك متخصصين, للتمركز فوق أعلي مناطق في مصر في مرصد القطامية وفوق برج الجزيرة بالقاهرة وفي محطة الرصد الفلكي في اسوان, حيث يصوبون نظارات خاصة مزودة بكاميرات للرؤية يطلق عليها العينية تتيح رصد لحظة ميلاد القمرعلي شكل هلال في الأفق الغربي الواسع, وتعتمد قدرة الرصد لفترة مكث الهلال في الافق علي زاوية الارتفاع, وتحديد هذه الزاوية ليس بالامر السهل وفقا للحسابات الفلكية الدقيقة ولكن لوجود فلكين مصريين متخصصين في تحديد هذه الحسابات يمكن تحديد زاوية الرؤية بدقة, الا ان الاعلان عن ميلاد القمر او غرة شهر رمضان الكريم لايتم الا بناء علي الرؤية البصرية الشرعية للهلال وهي التي توفر الغطاء الديني الشرعي للحسابات الفلكية وذلك عملا بحديث الرسول صلي الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته. فالصيام منوط بالرؤية الشرعية وليس بالحسابات الفلكية. ولسنوات طويلة فان تحديد يوم الصيام خضع لاهواء السياسة بسبب تسييس الامور الدينية للمسلمين وأيضا بسبب التزام بعض الدول الاسلامية بما فيها السعودية وباكستان بالاعتماد علي الرؤية البصرية الشرعية وليس علي الحسابات الفلكية. وكما نرصد هذا العام دخول لاعب جديد من امارة ابوظبي لساحة تسييس صوم الشهر الكريم وهو المشروع الاسلامي لرصد الأهلة, والذي يسعي لتوحيد صوم المسلمين هذا العام وتحديد غرة رمضان بيوم السبت المقبل, وان التحري عن نهاية الشهر يوم29 شعبان الموافق اليوم الخميس يستحيل معه رؤية ميلاد هلال رمضان من جميع المناطق الشمالية من العالم وايضا في المناطق الوسطي من الكرة الارضية, بسبب توقع غروب القمر قبل غروب الشمس مما يستحيل معه رؤية هلال رمضان, اما ما تبقي من مناطق العالم العربي فإن رؤية الهلال غير ممكنة اطلاقا بسبب غروب القمر مع الشمس أو بعده بدقائق معدودة. اكد الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الاسلامية, وهي الجهة المنوط بها تحديد الاشتراطات الشرعية لرؤية أهلة الشهور العربية, قال بعض الاشخاص يعتبرون انفسهم هم الامناء علي الامة دون غيرهم, وانهم الصادقون دون غيرهم وهذا ليس من اخلاق المسلمين, مشيرا الي رفضه للمشروع الاسلامي لرصد الاهلة, لان هناك اشخاصا وجهات في الدول الاسلامية عملهم الرئيسي الامور الدينية الشرعية التي تخص المسلمين مثل المفتي في مصر ومجلس القضاء الاعلي في السعودية. واكد الدكتور ابو طالب أن اختلاف مطالع الهلال يعطي الفرصة لكل بلد لتحديد يوم الصيام وفقا لرؤيته, وشدد ابوطالب علي ضرورة عدم تسييس الدين او تدخل السياسة في الدين قائلا: وهو ما حذرنا منه كثيرا ونحذر منه الان. وأضاف قائلا: اعتقد أنه في في هذا العام لن تتدخل السياسة في الدين وتحديد يوم الصيام, فالاعلان الشرعي عن دخول أو عدم دخول شهر رمضان سيتم وفقا للواقع والحقيقة. والسؤال ما هو الطريق الي الحقيقة أو الحسابات الفلكية أو المعادلات العلمية التي تقودنا لتحديد توقيت ميلاد هلال رمضان بعد أن مكث لمدة يومين في المحاق او اختفي عن الظهور خلف ضوء الشمس. وكما يقول عالم الفلك المصري الدكتور مجدي يوسف, إن ميلاد هلال الشهر العربي ملاحظة كونية, والمشكلة أن تراه وهو ما يتوقف علي زاوية البصر, وزاوية انحراف الهلال عن الشمس, وزاوية الارتفاع في الافق, وفي لحظة ميلاد الهلال في الافق الغربي الواسع, فانت تنظر في اتجاه ضوء الشمس الذي يغطي القمر ونور الهلال في هذه اللحظة اقل من نور شمعة, وفترة مكث الهلال قليلة, ورؤيته تتوقف علي الحسابات الدقيقة والمعادلات التي تحدد زاوية الارتفاع كما تتوقف علي قدرة الخبير الفلكي علي تحديد ذلك. والقاعدة الفلكية اذا غرب الهلال قبل غروب الشمس استحال رؤية الهلال, ولكن اذا ما غرب الهلال عقب غروب الشمس ولو بدقيقة تيقنا من ولادة هلال الشهر العربي الجديد. فالمسألة هي حسابات فلكية لتحديد زوايا الرؤية والارتفاع وانحراف الهلال عن الشمس. فاذا كانت زاوية الارتفاع عن الافق7 درجات فما فوق امكن رؤية الهلال, هذه الزاوية تتغير من مكان لاخر وآخر مدي لها12 درجة فاذا لم تراه عند هذه الزاوية لايمكن ان تراه الا في اليوم التالي ولايصح بدء الصوم الا في اليوم التالي. وفي الحسابات الفلكية لايتم حساب زاوية الارتفاع عن سطح الارض, ولكن يتم تحويله حسابيا لمركز الارض ويتخيل الفلكي انه يقف في مركز الارض, وهو تقاطع القطر الافقي مع القطر الرأسي لها. وهذه الحسابات الفلكية عبارة عن معادلات لحساب حركة كل من الارض والقمر والشمس والهدف الوصول الي تساوي بين عدد المتغيرات وعدد معادلات الميكانيكا او حركة الاجرام السماوية الثلاثة الشمس والقمر والارض. فاذا كان عدد المتغيرات اكبر من عدد المعادلات نضطر لحذف بعض المتغيرات لحل المعادلات والهدف معرفة تاثير المتغير المحذوف علي النتيجة النهائية للوصول لأحسن طريقة للحل. وهناك طرق كثيرة لحل هذه المعادلات والفرق بين طريقة واخري هو نسبة الخطأ, ونسبة الخطأ قليلة, فالحل وتحديد ميلاد الهلال ليس بالامر السهل وان تم تبسيطه للعامة والمشكلة هي عدم توافق الرؤية البصرية مع الحسابات الفلكية. فالارض في الواقع غير كروية ولكنها كمثرية الشكل, وبالتالي فان التحويل الحسابي من سطح الارض لمركز الارض يفرق في بعض الاوقات في زاوية اختلاف المنظر وهذا ما يسبب المشكلة. وحتي يخرج الفقهاء من هذا المازق قالوا لوان القمر يغرب قبل الشمس فهذا ليس اول الشهر العربي ولكن لو ان القمر غرب بعد غروب الشمس فحن امام احتمالين اولهما ان يغرب القمر بعد غروب الشمس مباشرة والثاني بعدها بدقائق, ورصد ذلك يتم بدرجات ما بين8 و12 درجة حسب ما اتفق عليه المؤتمر الاسلامي وهذا هو الحل الاحوط, وفقا لهذه الدرجة من الارتفاع في الافق للرؤية يتيح للدول المشتركة في جزء من الليل رؤية الهلال في نفس اليوم من الناحية الفلكية وهذا ينطبق علي الدول الاسلامية من باكستان حتي المغرب. والمسألة بالنسبة للناس كيف يمكن ترجمة كل هذه الحسابات الفلكية المعقدة لتحديد الفترة الزمنية التي يمكث فيها الهلال في الافق الغربي الواسع. الدكتور عيسي علي عيسي يؤكد ان الرؤية الشرعية للهلال لابد ان تتم والسماء الصافية خالية من السحب والدخان والا طبقت القاعدة الشرعية اذا غم عليكم يكون الصوم في اليوم التالي. والتعريف العلمي للعين العادية التي تري الهلال لحظة ميلاده وهي ان تكون خالية من امراض العين, والا يزيد عمر الشاهد عن25 عاما. واضاف أن الحسابات الفلكية تعتمد علي نظرية المسارات او المدارات وهذه النظرية تأخذ في الاعتبار ست قوي جاذبية لها تاثير قوي علي لحظات شروق وغروب القمر والشمس. وحسب زاوية الرؤية وارتفاعها فان عدد من العلماء قاموا بحساب فترة المكث للهلال في الافق, كانت في القاهرة خمس دقائق, وفي السعودية6 دقائق, وفي موريتانيا12 دقيقة, والفروق في التوقيت يأتي من اختلاف خطوط الطول والعرض, مؤكدا ان الفلك لا يتيح لاحد الاختلاف لانه حسابات علمية وهي نظريات علمية دقيقة ايدت بالارصاد, ولكن الاختلاف مرجعه السياسة وليس العلم, منتقدا في هذا الصدد ادعاء البعض في المشروع الاسلامي لرصد الاهلة للمعرفة العلمية الفلكية, فأي اراء في تحديد موعد ميلاد اهلة الشهور العربية لابد ان تعتمد علي حسابات علمية دقيقة, والفلكيون المصريون لهم خبرتهم المتخصصة المعروفة في ذلك. ويؤكد الفلكيون الاعتماد علي الحسابات الفلكية دون اهمال الرؤية الشرعية بتوفر شروطها.