الجديد فى حركة الأمن القومى المصرى فى الاتجاه الجنوبى أن مصر صارت تتعامل مع الحوض الجنوبى لنهر النيل بنفس اليقظة الامنية والاستراتيجية والحماسة الاستثمارية كما تتعامل مع الحوض الشرقي. وبالتأكيد صراع البحيرات يمتد شمالا ليفاقم معضلة اتفاقية تقاسم مياه النيل التى وقعت عليها بوروندى فى 28 فبراير 2011. هذه الاتفاقية تتيح للدول الواقعة عند منابع النيل إقامة مشاريع للرى والطاقة الكهربائية من دون الحصول على موافقة مسبقة من مصر. وبوصف هذه الدول هى دول حوض النيل فسيكون امن النهر والاتفاقيات بين دول المنبع والمصب تحت رحمة استقرارها. هذا فضلا عما تشكله الطبيعة الجيوبولتيكية لشرق ووسط إفريقيا والتى تقوم على احتمالات استمرار الهيكلة السياسية. وتُعتبر زيادة أعداد اللاجئين الهائلة أحد عوامل الارتباط الخاصة بالأزمة المحلية التى تسوغ للحركة القسرية مما يؤدى إلى إذكاء نيران الصراعات، فضلا عن دخول هؤلاء اللاجئين الذين يتحول جزء كبير منهم إلى جماعات معارضة مسلحة، وتتحالف مع الدول المجاورة. مصر وهى تزيد الاهتمام فى الفترة الأخيرة، ظهرت العديد من المؤشرات التى تدل على أن شمال إقليم «كيفو» الكنغولي، قد تحول إلى معقل يضم جماعة إسلامية أطلقت على نفسها اسم «الدفاع العالمى الإسلامي». ولعل من أبرز المؤشرات التى تدل على وجود هذه الجماعة؛ ارتفاع عدد الجماعات المسلحة داخل هذا الإقليم المعروف بطبيعته الخلابة وغاباته الكثيفة. وفى هذا الصدد، تجند الصحفى الكونغولي، نيكاز كيبال بال أوكا، للبحث والتقصى عن حقيقة هذه الجماعة. ونقلت صحيفة «جيوبوليس» تصريحات الصحفى الذى أفاد بأن إقليم كيفو والبحيرات الكبرى الكونغولية خاضعة لنظام الخلافة. وحسب التحقيقات التى أجراها نيكاز كيبال، فإن جماعة الدفاع العالمى الإسلامي، تنتدب وبصفة مكثفة وعشوائية العديد من الشباب بهدف ضمهم لصفوفها، فى حين أن سكان هذا الإقليم، عاجزون عن التصدى لهذا التنظيم الذى بث الرعب والخوف فى قلوبهم. أطلق مقاتلو هذا التنظيم على حديقة فيرونغا الوطنية اسم «المدينة» التى تحولت إلى إحدى أهم المناطق الخاضعة تحت سيطرتهم التى شهدت على إعلان قيام تنظيم الدفاع العالمى الإسلامى لأول مرة. وفى هذا الإطار، صرح نيكاز كيبال، بأن «هذه الجماعة قد شرعت فى انتداب الشباب انطلاقا من حديقة فيرونغا الوطنية، مستعملة سياسة الإغراء، حيث تزوج عدد من المنتسبين إليها من نساء كنغوليات، ودخلوا فى عمليات تجارية مع عدة شباب من المنطقة قبل أن يتقربوا من سكان هذه المناطق بطرق سلمية، تعود بالمنفعة على كل ساكنيها، دون أن يلمحوا لحقيقة فكر الجماعة التى ينتمون لها ومنهجها». استغل تنظيم الدفاع العالمى الإسلامى الفوضى التى طغت على إقليم كيفو، الواقع غرب الكونغو الديمقراطية، لينشر فكره ويؤسس جماعته، إذ إن هذه المنطقة تمثل نقطة ضعف إقليم البحيرات الكبرى الإفريقية. إن المملكة المتحدة وتركيا ودولا اخرى هى المصدر الرئيسى للأسلحة. مع العلم أن هذا التنظيم يستغل أيضا الثروات الطبيعية التى يزخر بها إقليم كيفو. وفى هذا السياق، أكد نيكاز كيبال أنه «منذ سنوات طويلة، سيطرت هذه الجماعات على غابات ومحميات كيفو مما مكنهم من وضع أيديهم على كل من تجارة الخشب الرفيع وتجارة الكاكاو والقهوة. إن المتطرفين يحكمون سيطرتهم على منطقة غنية بالثروات الطبيعية فوق الأرض وتحت الأرض، وقد حولوها لمنطقة مستقلة ذاتيا بعيدا عن أى حضور للدولة الكونغولية التى يصعب على قواتها الأمنية قتال هذا التنظيم على الرغم من تكاتف جهود الجيش الكونغولي». أما بالنسبة للأسلحة التى يملكونها، فيبدو أن جماعة الدفاع العالمى الإسلامى تتزود بما تحتاجه من موارد عسكرية من السودان والصومال وفى بعض الأحيان عن طريق تجار الأسلحة الموجودين فى منطقة كيفو. والرئيس السيسى فتح حوارا واسعا مع تنزانيا والجابون بهذا الشأن. علما أنه قد التحق أخيرا العديد من المقاتلين بهذه الجماعة فى غرب الكونغو، فى حين قدم أغلبهم من أوغنداوتنزانيا والصومال وإريتريا وإثيوبيا والسودان ورواندا وبوروندي. فى قول آخر هناك نحو 80 مجموعة مسلّحة ناشطة فى مختلف أرجائها اسلامية ومسيحية، تعدّ منطقة البحيرات العظمى فى إفريقيا واحدة من أكبر تجمّعات المتمردين فى العالم. ويرى مراقبون أن عملية اجتثاث تلك المجموعات تواجه العديد من العقبات، أبرزها هشاشة أنظمة الدول المعنية، والحدود التى يسهل اختراقها، بالإضافة إلى «تواطؤ عدد من الفاعلين الاقتصاديين الأجانب، والثروات المنجمية، وظهور جيوب توتّر جديدة بالمنطقة. السياسة الإسرائيلية تجاه إفريقيا بشكل عام، وتجاه منطقة البحيرات العظمى وشرق إفريقيا بوجه خاص، تعد جزءاً رئيسياً من نظرية الأمن الإسرائيلى، تؤدى إلى تحقيق أهدافها فى المجال العسكرى الأمنى . قامت إسرائيل فى هذا الصدد بتشكيل فرق عمل أمنية وعسكرية مع إريتريا وأثيوبيا وأوغندا وكينيا ورواندا والكونجو الديمقراطية بهدف بناء نفوذ لإسرائيل داخل المؤسسات العسكرية والأمنية والاستخباراتية والسياسية فى البلدان الإفريقية. مصر وهى تدخل البحيرات الكبرى من الباب الواسع عليها أن تتوقع أن الصراع سيكون حادا لأن مصر تتصارع من أجل الموارد والبقاء . لمزيد من مقالات د.جهاد عودة;