◙ السائقون: بدأنا التدقيق.. ولن نكون كبش فداء.. ◙ الفنيون: نسابق الزمن لتجهيز القطارات للسفر برغم ضعف الإمكانات ◙ الكمسارية: تكدس الركاب وأعطال ماكينة التذاكر المحمولة تهدر أموال الهيئة
لم تكن حادثة قطار خورشيد الأولى ويبدو أنها لن تكون الأخيرة .. فرغم أن الجرح لم يندمل إلا أن المعاناة زادت لتنذر بوقوع كارثة أخرى إذا لم يتحرك المسئولون وينزلوا الى أرض الواقع ليسمعوا أنات وأوجاع العاملين البسطاء بمرفق السكك الحديدية بداية من السائقين ومرورا بالكمسارية وانتهاء بالمهندسين والفنيين. فى جولتها بمحطة مصر وورش أبى غاطس رصدت «تحقيقات الأهرام» جانبا من هذه المعاناة نعرضها فى السطور التالية: بدأنا الجولة فى تمام السابعة صباحا ، وهو موعد انطلاق غالبية القطارات حاملة الموظفين والمسافرين لنفاجأ بزحام رهيب وتجمعات كبيرة على بدايات الأرصفة إذ بالفعل تواجدت القطارات ولكن بدون جرارات !! فهذا قطار متجه إلى مطروح وآخر للإسماعيلية وثالث للإسكندرية ورابع للمنصورة وهناك قطاران متجهان للصعيد ، رصدنا حالة من التذمر والغضب بين الركاب خصوصا المرتبطين بمواعيد أعمالهم. الراكب محمد مصطفى أبدى استياءه الشديد من التأخير المستمر منذ وقوع حادثة قطار الإسكندرية ذهابا وعودة والذى يمتد لما يزيد على 4 ساعات يوميا. ويلتقط أطراف الحديث عبد القادر غلاب، مؤكدا أن رؤساءه فى العمل لا يقدرون هذه الظروف ويجازونه على التأخير الذى لا يد له فيه ، فى الوقت الذى لا يمكنه راتبه الضعيف من استخدام وسيلة مواصلات أخري. فجأة .. لمحنا حالة من الكر والفر وتنقل الركاب بين الأرصفة كلما اقترب أحد الجرارات من القطارات المتوقفة أملا فى تحركه برغم ما يمثله ذلك من خطورة على حياتهم وسلامتهم. متاعب الكمسارية تركنا الركاب وتزاحمهم وغضبهم لنلتقى عددا من الكمسارية الغاضبين هم الآخرون من تأخر القطارات .. حيث أكد أحدهم أنه خرج إلى عمله من الرابعة فجرا وحتى الآن لا يزال ينتظر القطار الذى سيبدأ عمله به ، موضحا أن أحدا لن يعوضه عن هذا التأخير بل إن فترة راحته التى ينبغى أن يقضيها فى استراحة محطة الوصول انتظارا لرحلة العودة قد ضاعت ، وعليه العودة «صد .. رد» برغم ما يمثله ذلك من إرهاق شديد يحول دون قيامه بعمله كما ينبغى. وحول المشكلات التى يعانيها الكمسارية فى عملهم أشار «عم محمد» إلى قلة عددهم داخل القطارات فتجد قطارا من 10 عربات به اثنان فقط مطلوب منهما فحص تذاكر جميع ركابه وهى مهمة شبه مستحيلة واقعيا فى ظل الزحام والتكدس الذى تشهده القطارات العادية والمميزة والتى تصبح أشبه ب «علبة السردين» والنتيجة وصول الكثيرين لمحطاتهم دون تحصيل حق الهيئة منهم. ويلفت كمسارى آخر نظرنا إلى مشكلة أخرى تتعلق بماكينة صرف التذاكر المحمولة والتى باتت تمثل عبئا عليه بعدما حاصرتها الأعطال وغياب الصيانة عن معظمها لعدم توافر قطع الغيار مما دفع مسئولى الهيئة إلى تكهين أغلبها، ناهيك عن قيامه بحمل 4 دفاتر يدوية والإيرادات اليومية والسير بها وسط هذا الزحام الرهيب. وللخروج من هذه المشكلات أكد ضرورة أن يتعامل المسئولون والقيادات مع هذا المرفق وكأنه ملك لهم فيحسنوا أداءهم حفاظا عليه وعلى موارده ، مؤكدا أنه منذ عمله الذى يتعدى ربع قرن من الزمن لم يسأله أحد عن الإيرادات فلم يكافأ عند زيادتها ولم يعاقب عند نقصانها!! «القطارات المتأخرة» وفى أثناء الحوار انطلقت صافرة القطار الفاخر المكيف رقم 905 معلنة استعداده للتحرك بعد تأخر يقارب الساعة لنفاجأ بقيام ركاب القطارات المتأخرة عادية ومميزة بالإسراع والوقوف بين القضبان أمام القطار رافضين إعطاءه أولوية التحرك قبل وصول جرارات قطاراتهم التى تجاوز تأخرها ثلاث ساعات.. الأمر الذى استدعى تدخل قوات الشرطة الموجودة و إفساح الطريق للقطار للتحرك. وخلال رصدنا لحالات التأخير اكتشفنا أنه تم إلغاء رحلات بعض القطارات مثل قطار 2200 المتجه إلى أسيوط وكذلك قطار مطروح والذى كان مقررا تحركه فى السادسة إلا الثلث صباحا وتم رد قيمة التذاكر والحجوزات للركاب. وأشار بعض الركاب إلى أنه تم بالأمس إيقاف غالبية القطارات المتجهة إلى القاهرة فى محطة قليوب من الساعة الواحدة ظهرا وحتى الرابعة عصرا نظرا لوجود وزير النقل بمحطة مصر!! ٍكبش فداءً تركنا الكمسارية ومتاعبهم وتوجهنا إلى ورش أبى غاطس المختصة بتجهيز الجرارات وفى مدخلها التقينا مجموعة من سائقى القطارات كل ينتظر قطاره حيث قابلونا بعاصفة من الغضب والسخط لاتخاذهم دائما كبش فداء فى كل الحوادث واتهامهم دائما بالتقصير والإهمال مطالبين قيادات الهيئة بالنزول إليهم والاستماع لمشكلاتهم ومراعاة الظروف القاسية والصعبة التى يعملون فيها صيفا وشتاء . وحول توجيه أصابع الاتهام لهم وتداول مقطع فيديو لبعض السائقين يتعاطون المخدرات داخل كابينة أحد القطارات، أكدوا أنهم يعرفون هؤلاء الأشخاص بالاسم وبصفة شخصية، وأنهم ليسوا من سائقى قطارات نقل الركاب، وإنما من سائقى جرارات التجديدات الخاصة باختبار الخطوط الجديدة، وبالتالى فإن استغلال ذلك لإلصاق التهمة بالسائقين فيه مغالطة كبيرة وإفلات للمسئول الحقيقى . والتقط سائق آخر أطراف الحديث ليبثنا شكاواهم المتعلقة بانخفاض بدل الرحلات والذى يقدر بنحو 10 قروش للكيلومتر أى أن بدل الرحلة إلى الإسكندرية ذهابا وعودة يقدر بنحو 40 جنيها فقط .. كما أبدى السائقون استياءهم من خصم ما يقارب ثلث رواتبهم لحساب «الشركة» المنشأة حديثا دون أن يكون لها أى فائدة أو مردود إيجابى عليهم!! وأوضح السائقون أنهم كانوا يتغاضون أحيانا عن بعض العيوب بالجرارات ويتحركون بها على مسئوليتهم الشخصية لتسيير العمل ورفقا بالركاب إلا أن الاتهامات الأخيرة لهم دفعتهم إلى عدم المخاطرة بأنفسهم ومستقبلهم ولذا فهم يرفضون التحرك بالقطار إلا بعد التأكد من صلاحيته للسفر، وهو أحد أسباب تأخر الرحلات بالساعات. قطع الغيار وفيما يتعلق بجهاز الأمان «ATC» أكد السائقون أنه كان معطلا فى معظم الجرارات لغياب قطع الغيار إلا أنه بعد الحادث تم توفيرها وتشغيل أجهزة الأمان ، كما أشاروا إلى وجود عيوب وأعطال فى السكة وسيمافورات الإشارة تجعل جهاز الأمان يتلقى إشارات خاطئة فيقوم بإيقاف القطار إجباريا لعدة مرات فى الرحلة الواحدة وهو سبب آخر لظاهرة التأخير الحالية. كما اشتكى السائقون كذلك من أن معظم الجرارات توجد بها مواتير معطلة وهو ما يؤثر فى كفاءة وقوة الجرارات ويخفض من سرعتها وهو من أسباب تأخر القطارات حاليا. وحول رؤيتهم لكيفية إصلاح الوضع الحالى أكد السائقون أن إقالة رئيس الهيئة وحده ليست حلا، وإنما لابد من تغيير القيادات لمسئوليتهم ودورهم فى الأوضاع الحالية 0 تجهيز الجرارات استكملنا جولتنا داخل ورش أبى غاطس لنتعرف عن قرب على عملية تجهيز الجرارات للسفر حيث يقوم على هذه المهمة مجموعة من الفنيين ما بين مهندس وميكانيكى وكهربائى وبراد وإخصائى تحكم .. وجدناهم - برغم الظروف غير الآدمية التى يعملون فيها - أشبه بخلية النحل يسابقون الزمن فى تنقلهم من جرار إلى آخر لتجهيزه، حيث أكدوا أنهم يجرون لكل جرار «عمرة متوسطة» تتعلق بالملاحظات البسيطة والأعطال الصغيرة في» الجوالق والكوالى والتروس والسوست ودائرة الهواء وزيوت البواجى «عجلات الجرار»، أما فى حالة وجود أعطال كبيرة والحاجة إلى إجراء «عمرة كثيفة» فإنه يتم حجز الجرار وإرساله إلى ورش الفرز لتوافر الإمكانيات بها.