"نعيش معا، فلماذا لا نُدفن معا؟" كان هذا هو عنوان الحملة الشعبية التى اطلقها كثير من الكنديين فى مقاطعة كيبيك، عقب الإصرار الشديد من جانب اسلاميين وائمة مساجد على أن يكون للمسلمين مدافن خاصة بهم لا تجاور أى مدافن لغير المسلمين. وقالت السيدة صانى لوتورنو احد الذين نظموا هذه الحملة أن وجود مدافن للمسلمين دون غيرهم، يكرس نوعا من العزلة للمسلمين عن المجتمع الكندى الذى يقوم على التعددية الدينية، حيث يعيش الجميع معاً ويعملون معاً .. فلماذا لا يدفنون معاً. ليست المدافن فقط التى يريد الإسلاميون فى هذه المقاطعة الكندية أن يقيموها للمسلمين وحدهم, فقد كانت هناك محاولة اخرى لإقامة مجمع سكنى للمسلمين، مما اثار غضباً واسعاً، ورفض رئيس حكومة كيبيك فيليب كويار مشروع حيّ مسلم لأنّ ذلك يتعارض مع الاختلاط ومبادئ الاندماج التى تنادى بها حكومته. كما رفض حزب التحالف من أجل مستقبل كيبيك والحزب الكيبيكى (حزبا المعارضة فى الجمعيّة الوطنيّة الكيبيكيّة) وأعلنا معارضتهما للمشروع . وبالطبع فقد سارع الذين طرحوا المشروع الى التملص من أن الحى سيكون للمسلمين وحدهم، لأن هذا مخالف للقوانين الكندية، وأشاروا إلى أنه سيكون مسموحاً لأى كندى أن يشترى بيتا فى هذا المجمع بشرط أن يحترم «قيم جيرانه المسلمين». وهو تعبير غامض يعنى من وجهة نظر الإسلاميين الذين يطرحونه. فربما يعنى ذلك فرض الحجاب أو مقدمة لتطبيق تصوراتهم عن الشريعة واقامة محاكم خاصة بهم. صحيح أن هناك مجموعات دينية وعرقية تفضل العيش فى احياء محددة مثل بعض طوائف اليهود والصينيين وحتى المصريين، لكن هذه هى المرة الأولى التى يكون هناك حى مخصص لفئة دينية ويفرض على من يسكن فيه ما يسميه الإسلاميون «قيم للمسلمين». أمابالنسبة لتخصيص مدافن للمسلمين وحدهم، فقد جاء وفق البعض إستغلالا للإعتداء الإجرامى على مسجد كيبيك الكبير و الذى ادى الى قتل واصابة عدد من المصلين. وبالفعل وافق رئيس حكومة كيبيك، وعدد من السياسيين، منهم عمدة المدينة برنار واليت على المشروع، حيث اكد واليت ان اقامة مدافن لن يزعج احداً، واعتبره انفتاحاً على الجميع». لكن العقبة كانت هى أن القانون الكندى يشترط موافقة اغلبية السكان المحيطين، سواءً كان المشروع مدفنا أو مسجدا أو كنيسة أو أى دار عبادة. كان الحل للأزمة كما يقول القانون هو اجراء استفتاء للسكان المحيطين بالمدافن المقترحة، وكانت النتيجة هى فوز معارضى المشروع بتسعة عشر صوتا مقابل ستة عشر صوتا وامتناع شخص واحد عن التصويت. لكن هذا لن يوقف الإسلاميين الذين يصرون على المطالبة بالمدافن، فهم سوف يحاولون مجدداً مع الدورة المقبلة لبرلمان مقاطعة كيبيك. كما سيحاولون البحث عن قطعة ارض اخرى تكون مخصصة للمدافن حتى لا يكون هناك استفتاء على إقامتها، لكن حتى فى هذه الحالة هل سيسمح بذلك القانون الكندى؟.