يشكل القرار الذى اتخذته المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين بقطع العلاقات مع قطر بسبب دعم الدوحة للإرهاب، تهديدا وتحديا وجوديا مهما لمستقبل مجلس التعاون الخليجي، هذه المنظمة الإقليمية التى تأسست فى 25 مايو 1981 بهدف تحقيق وحدة سياسية واقتصادية وأمنية بين دول الخليج الست ومواجهة المخاطر الخارجية. وقد جاء القرار بقطع العلاقات مع قطر، إثر تصريحات لأميرها الشيخ تميم مثلت الخطوط العريضة لسياسة قطر بثتها وسائل الإعلام القطرية الرسمية، فى 24 من شهر مايو الماضى حول قاعدة «العديد» ووجود تواصل مستمر مع إسرائيل، وأن إيران تمثل ثقلا إقليميا وإسلاميا لا يمكن تجاهله، وأنه ليس من المصلحة التصعيد مع إيران، خاصة أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار فى المنطقة. كما وصف الشيخ تميم ميليشيات حزب الله اللبنانية بأنها حركة مقاومة. وفى اليوم التالى لهذه التصريحات أعلنت قطر أن موقع وكالة الأنباء تم اختراقه وليس هناك تصريحات للأمير. ثم تطورت الأمور للأسوأ حين نشرت قناة «الجزيرة» كاريكاتيرا مسيئا للعاهل السعودى الملك سلمان ثم تلغيه بعد موجة غضب عارمة، وفى اليوم التالى نشر موقع «ميدل إيست آي» باللغة الإنجليزية، المملوك لقطر، ويصدر من لندن، كاريكاتيرا أكثر إساءة للعاهل السعودي. وبالطبع فإن الموقف من مصر والتطورات السياسية شكل أيضاً مصدراً للخلافات مع الدوحة ففى وقت تصر فيه قطر على مهاجمة مصر وتفاخر بدعم جماعة الإخوان الإرهابية تقف السعودية والإمارات بجانب القاهرة. وهذه ليست المرة الأولى التى تقف فيها الدوحة فى مواجهة مباشرة مع دول أعضاء فى المجلس ففى عام 2014 سحبت دول أعضاء فى مجلس التعاون سفراءها من الدوحة احتجاجا على الدعم المفترض الذى تقدمه قطر الى حركة الاخوان المسلمين. كما يتزامن قرار هذه الدول الخليجية الثلاث، إضافة إلى مصر، قطع علاقاتها مع الدوحة مع فشل المحاولات الخليجية وتحديداً الكويتية لرأب الصدع بين قطر وشقيقاتها الخليجيات، وكانت الأنظار قد توجهت الأسبوع الماضى إلى الكويت، حيث قام الشيخ تميم بزيارة قيل وقتها إنها زيارة عادية غير أن العديد من المحللين أرجعوا الزيارة لكونها محاولة للقيام بوساطة لتخفيف حدة التوتر. قطع العلاقات خطوة غير مسبوقة أكدت نفاد صبر الدول الخليجية الثلاث من سياسات قطر هددت فى الأساس الأهداف الرئيسية التى أنشأ عليها مجلس التعاون، ووضعته بالتالى فى مفترق طرق، ويبقى على الدوحة التفكير ملياً والتراجع عن إجراءاتها للرجوع للبيت الخليجى وحفظ وحدته.