قد يحتار المرء فى تصنيف تلك النصوص الواردة فى كتاب «عشق مختلف جدا» للكاتبة مريم توفيق، هل هى قصائد شعر، هل هى قصص قصيرة، هل هى جزء من السيرة الذاتية، أم فصول من رواية لم تنته بعد، هل هى مقالات، هل هى مونولوجات أو ديالوجات وحوارات. هل هى «مشاعر وأشعار من مصرية عربية قبطية أرثوذكسية»، كما وصفها الأب بيسنتى أسقف حلوان والمعصرة فى الصفحة الخامسة من الكتاب؟ وأنا أعتقد أن الكتاب يشمل هذا كله سنجد نصوصا شعرية بيتية موزونة مقفاة، وسنجد نصوصا شعرية تفعيلية، ونصوصا شعرية نثرية، سنجد قصصا قصيرة، ولمحات من السيرة الذاتية، سنجد أيضا مقالات أدبية، ومشاعر متأججة، وأنواعا من المونولوجات العشقية، والحوارات اليومية، وغيرها من فصول الأدب ونصوص الكتابة عبر النوعية. سنجد أربعين نصا أدبيا رفيعا من النصوص التى تتميز باللغة الرصينة الهادئة البليغة المتمكنة المنسابة. فى أول فصل من فصول الكتاب سنجد الشعر حاضرا بقوة فى قول مريم توفيق تحت عنوان «تأملات»: «ذبتُ بحرفٍ كبّلني، أوقدني، جلجل فى كفي، أهدانى وردا من شوك، وجواد العتمة يخطو». ومن القضايا التى تثيرها مريم توفيق فى هذا الفصل موضوع أغنية «يا ليلة العيد أنستينا» لكوكب الشرق أم كلثوم، وهل كانت ستغضب لو تُذاع هذه الأغنية فى أعياد الميلاد والقيامة؟ وأرى أن الكاتبة عندها كل الحق فى هذا المطلب، خاصة عندما نعرف أن هذه الأغنية لم تغنها كوكب الشرق خصيصا لأعياد المسلمين، ولكن غنتها فى عيد جلوس الملك فاروق على كرسى الحكم. وفى النص «السيدة زينب (رضوان الله عليها) وروحانيات متجددة» تربط الكاتبة بين مريم العذراء والسيدة زينب فى قولها: «إنى أراك والعذراء تشيدان ممالك من النور والحب، تزرعان فى ربيع أيامنا الورد، ترددان أنشودة اللقاء بالإيمان والسلام». وتؤكد هذا الربط فى قولها: «فلنجدد العهد يا مريم.. يا زينب.. هنا إنجيل هنا قرآن، يبددان الخوف، لحنا أنقى وأطهر». وهدفها النهائى هو مصر.. مصر التى يرفرف القلب بحبها. ثم إلى العالم الجليل صاحب المقام الرفيع إلى الطيب الإنسان حيث نقرأ مقالا يقطر محبة ومودة واحتراما وتبجيلا لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذى تصفه بأنه «نبع من كف الرحمة الإلهية»، «فاجتمعنا أقباطا ومسلمين على محبته». ومن رحاب المولد النبوى الشريف إلى رحاب ليلة القدر وليلة فى حب «سيد الكونين». وتذكر الكاتبة فى فصول أخرى - ضمن تقنيات السيرة الذاتية - كيف تمت دعوتها للمشاركة فى مهرجان شعرى فى ذكرى المولد النبوى الشريف، وكيف شاركت فى ميدان التحرير فى أثناء أحداث ثورة 25 يناير 2011، مشيرة فى حوارها مع الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب إلى قوله: «لا داعى للخوف، مقدساتكم نحميها ونحميكم لا تخافى من ألف تنين، الله خير الحافظين». ومن الإمام أحمد الطيب، إلى كمال الهلباوى الذى أخّرت الكاتبة ذكر اسمه حتى منتصف المقال لتحقق نوعا من التشويق والإثارة الأدبية، ثم إلى البابا الأنبا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وقصيدة من بحر الكامل بعنوان «اختيار السماء» تقول فى مطلعها: هذا اختيارٌ باركته سماءُ ** نورُ المسيح عليه والأضواءُ يا رأس ملّتنا وراعى شعبنا ** طُوبى لشعبٍ أنت فيه ضياءُ ثم يُطل علينا الفصل التاسع تحت عنوان «جلسة إنسانية جمعتنا فى حب الرسول» والذى أفردت فيه الكاتبة قصيدة فى مدح للرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم»، وهنا نتذكر شعراء مسيحيين مدحوا الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» فى العصر الحديث من أمثال: جورج صيدح، والشاعر القروى رشيد سليم الخوري، وخليل مطران، ومارون عبود، وإلياس فرحات، وعبدالله بوركى حلاق، وجاك صبرى شماس، وإلياس قنصل، وشبلى الملاط، وغيرهم. ولعلنا نلاحظ أن الشعراء السابقين كلهم من الشام أو من سوريا ولبنان، وأنهم شعراء ذكور يكتبون القصيدة العمودية بإجادة، لذا تأتى مريم توفيق لتكسر القاعدة فى ثلاثة أشياء: أولا أنها مصرية، ثانيا أنها شاعرة أنثى، وثالثا أن قصيدتها ليست عمودية ولا حتى تفعيلية ولكنها قصيدة نثر. لمزيد من مقالات أحمد فضل شبلول;