لم يعد هناك مفر من مواجهة ظاهرة النمو السكاني المخيف، الذي يلتهم ثمار التنمية ، ويحمل الموازنة أعباء مالية كبيرة، لايقوي الاقتصاد القومي علي تحمل آثارها السلبية، إلي جانب تدني مستوي الخدمات وتزايد معدلات الاستهلاك، وارتفاع معدلات الأمية، وانتشار ظاهرة عمالة الاطفال وزيادة نسب التسرب من التعليم، إلي جانب الآثار السلبية الأخري للنمو السكاني، كارتفاع معدلات الفقر، والبطالة، وتزايد الفجوة الغذائية. ولم يعد من المحتمل - في ظل محدودية الموارد- إن يتجاوز تعداد السكان في مصر ال 93 مليون نسمة في عام 2017، وإذا استمرت الزيادة السكانية علي هذا النحو المخيف، فإنه بعد 13 عاما، أي بحلول عام 2030 ، قد يصل عدد السكان وفقا لمعدلات النمو الحالية، بحسب توقعات خبراء السكان- إذا لم تتم مواجهتها- إلي نحو 128 مليون نسمة، قد تزيد أو تنقص بدرجات متفاوتة ، لكنها تستلزم - في كل الأحوال - معدلات تنمية مرتفعة، قد لا يقدر الاقتصاد الوطني علي تحقيقها. الظاهرة جد خطيرة، وقد اثارها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حواره الذي أجراه مع رؤساء تحرير الصحف القومية مؤخرا، والذي دعا فيه الرئيس، كافة المصريين للسيطرة علي الإنجاب، للحد من النمو السكاني، الذي يشكل عبئاً كبيراً جداً، ولو لم تتم السيطرة عليه لن يشعر الناس بثمار التنمية، مشيرا إلي أن هناك جهودا يبذلها المجلس القومي للسكان ومراكز الريف، لكن لابد من وجود مناخ مهيأ، وأن يكون السياق مساعداً، لاختيار توقيت الحملات، وإلا سنهدر الموارد دون تحقيق الهدف. مشروع قانون لتنظيم النسل وتزامنا مع دعوة الرئيس للحد من الإنجاب، ومطالب الخبراء بضرورة التصدي لظاهرة النمو السكاني المخيف الذي تشهده مصر حاليا، تستعد النائبة غادة عجمي، لجمع توقيعات عدد من أعضاء مجلس النواب، لطرح مشروع قانون، لتنظيم النسل، ومواجهة الزيادة السكانية، حيث تقترح النائبة - في مشروع القانون الذي كشفت ل « الأهرام» عن بعض تفاصيله، منع الدعم عن الطفل الرابع، بحيث يتم حرمان رب الأسرة حال عدم اكتفائه بإنجاب 3 أطفال أو أقل- من الدعم التمويني، ولبن الأطفال المدعم، والخدمات الحكومية كالتعليم ، والصحة ، والإسكان الاجتماعي، ومعاش تكافل وكرامة، وفرص العمل، وغيرها من الخدمات التي يحصل عليها المواطن مدعوما من الدولة، علي أن يتم تطبيق القانون علي المخالفين لمواده، بالتوازي مع خطة شاملة للتوعية بمخاطر الزيادة السكانية بمشاركة كافة أجهزة الدولة، كوزارة الصحة، والمجلس القومي للمرأة، وأجهزة الإعلام، وغيرها، وإتاحة وسائل تنظيم النسل وتحفيزالمرأة علي استخدامها. أما لماذا قررت النائبة غادة عجمي إعداد مشروع القانون تنظيم النسل ، فلأنها علي حد قولها تري أن البعض يتخذ من الزيادة السكانية كسبوبة حيث يجري تشغيل هؤلاء الأطفال في أعمال عديدة بعضها يتعارض مع قوانين العمل ، كالأعمال المحظور علي الأطفال العمل بها، أو التسول في إشارات المرور، فضلا عن الهجرة غير الشرعية حيث يدفع بعض الآباء أبناءهم للموت في عرض البحر، بسبب كثرة أعدادهم، وبحثا عن فرصة عمل، مؤكدة أن هناك تأييدا قويا داخل البرلمان لمشروع القانون الذي تعتزم طرحه عقب انتهاء الإجازة البرلمانية، لمساعدة الوطن في مواجهة حرب اقتصادية شاملة، وتحديات صعبة، من أبرزها الإرهاب، كماأن الزيادة السكانية، تلتهم ثمار التنمية، في ظل نقص الموارد ، وتراجع معدلات الإنتاج، مايفرض علي المواطنين التكاتف مع الدولة، ودعم جهودها، لتنظيم النسل وترشيد معدلات الاستهلاك، ودفع عجلة الإنتاج، لتحسين حالة الاقتصاد الوطني، الأمر الذي سينعكس إيجابيا علي الظروف المعيشية، ويؤدي لتحسين مستوي معيشة المواطنين. زيادة الإنتاج غير أن النائب عمر مصيلحي عضو لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بمجلس النواب يؤكد أن الزيادة السكانية في مصر كبيرة، وتلتهم جهود التنمية وثمارها، ولذلك لابد من تنظيم النسل مشيرا إلي أن مشروع القانون الذي تعتزم النائبة غادة عجمي تقديمه للبرلمان مهم وضروري - وإن كان توقيت طرحه غير مناسب حاليا- حيث يقترح عدم زيادة الأطفال في الأسرة علي 3 أطفال فقط علي أن يتم حرمان الطفل الرابع من الدعم والخدمات الحكومية، وإذا كنت أري أهمية الحد من الزيادة السكانية، فلا يقل عن ذلك أهمية في الوقت الحالي ضرورة دفع عجلة الانتاج، وزيادة الاستثمارات والتوسع في المشروعات التنموية، لخلق فرص عمل جديدة، وزيادة الناتج القومي، ورفع معدلات التصدير، لتحسين حالة الاقتصاد الوطني ذلك أنه في حالة زيادة الإنتاج نكون بحاجة إلي تلك الطاقات البشرية الهائلة. القانون وحده لا يكفي ولا أعتقد والكلام مازال للنائب عمر مصيلحي - أن الحرمان من الخدمات والدعم، ليس هو الوسيلة الفعالة للتغلب علي مشكلة الزيادة السكانية بصورة جذرية ولكن الأهم في تقديري - هو استثمار العنصر البشري، وجذب استثمارات جديدة، والتوسع في المشروعات، ساعتها سنكون بحاجة للقوة البشرية المصرية لتنفيذ المشروعات التي يعمل الرئيس علي تنفيذها، مشيرا إلي أن مصر تتميز بأنها دولة شباب ( 60% من سكانها في سن الشباب) بعكس دول أوروبا التي أوشكت علي الانقراض بفعل الشيخوخة، كما أن مشكلتنا الأساسية هي قلة الموارد، وزيادة معدلات الاستهلاك فلو تم نشر ثقافة ترشيد الاستهلاك، وتغيير ثقافة المجتمع المصري حول الوظيفة الميري، والتوجه نحو العمل في القطاع الخاص، سنتمكن من القضاء علي البطالة، والاستفادة من العنصر البشري في زيادة الانتاج، ما سينعكس بالإيجاب علي الاقتصاد المصري، ويخفف الأعباء عن الموازنة العامة. الاستثمار الأمثل وبشكل عام فإن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمعالجة قضية الزيادة السكانية - كما يقول الدكتور عبد النبي عبد المطلب الخبير الاقتصادي - تعني في رأي البعض تحديد النسل، أو الحد من الزيادة السكانية خاصة أن تلك الزيادة السنوية في عدد السكان، تلتهم كل مخرجات التنمية، ومن ثم لاتظهرالإنجازات، ولايشعرالمواطن البسيط بمعدلات التنمية، ولكن علي الجانب الآخر، يعلم الجميع أن العنصر البشري يعد أحد أدوات الإنتاج، فهو الصانع والزارع، والمنتج، وزيادة العنصر البشري قد تعني زيادة الإنتاج ، وتجويده ، وتقديم الاختراعات ، واكتشاف وسائل تكنولوجية جديدة لرفع معدلات الإنتاج وزيادة الرقعة الزراعية والاستفادة المثلي من كافة الموارد المتاحة - فمثلا - تشير البيانات إلي وجود أكثر من 10 ملايين مصري شاركوا بقوة في تحقيق التنمية في مناطق عديدة حول العالم في الدول التي يقيمون بها، بل أن بعض العلماء المصريين نجحوا في وضع حلول ابتكارية للعديد من المشكلات التي واجهت الدول التي يقيمون بها، مثل الدكتور سمير بانوب مؤسس نظام التأمين الصحي في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والمهندس هاني عازر أحد أبرز خبراء النقل والسكك الحديدية في المانيا، وغيرهم من علماء مصر الأكفاء، الذين تم استثمار طاقاتهم وكفاءتهم علي النحو الأمثل، وإذا كان العالم كله يستفيد من القدرات البشرية المصرية، فإن تحوله من عنصر داعم للتنمية، الي عنصر معوق لها، يعكس قضية سوء إدارة لتلك الموارد البشرية ، من هنا فإن الزيادة السكانية كما يراها الدكتور عبد النبي عبد المطلب - لاتعتبر مانعا للتنمية لكننا لم ننجح حتي الآن في إدارة واستثمار ذلك العنصر البشري بكفاءة تضمن الاستفادة القوي منه وقد سبق أن تحدثنا عن إقامة مصر الجديدة في الوادي الجديد وإذا تمكنا من تنفيذ هذا المشروع، فإنه سوف يضيف نحو5 % علي الأقل من المساحة المأهولة بالسكان وسوف تكون تلك المناطق البكر بحاجة إلي ايدي عاملة زراعية وصناعية، بمايفوق الأيدي العاملة الحالية ومن ثم ينبغي توسيع الرقعة الزراعية الحالية، وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة، فمصر في سبيلها لتحقيق توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو زراعة المليون ونصف المليون فدان، والتي ستكون مركزا لتجمعات صناعية وزراعية، فضلا عن مشروعات تنمية محور قناة السويس، وكل هذه المشروعات تحتاج للأيدي العاملة، ومن ثم ينبغي التوسع في برامج تدريب الشباب للاستفادة منهم في هذه المشروعات الجديدة التي تعتزم مصر إقامتها في إطار مشروعات التنمية الشاملة. أعباء كبيرة والحال كذلك كما يقول الدكتور فؤاد أبو ستيت الخبير الاقتصادي وأستاذ الاستثمار والتمويل بكلية التجارة جامعة حلوان- فإن الزيادة السكانية تشكل أعباء كبيرة علي الاقتصاد المصري ، حيث تزيد أعداد السكان في مصر، بمعدلات مرتفعة مقارنة بمثيلاتها من الدول النامية وحتي المتقدمة، فمعدل النمو السكاني يتراوح بين 2.2% و2.4% خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهذه معدلات مرتفعة، تتطلب نمو الاقتصاد القومي بمعدل يقدر بنحو 7% علي الأقل، حتي يتناسب مع تلك الزيادة السكانية المرتفعة، كما أن الزيادة السكانية لها أعباء كثيرة، وتشكل ضغطا علي مناحي كثيرة مثل التعليم، والصحة، والطرق، والنقل، والمواصلات العامة، والبيئة، وغيرها، كما أنها تؤدي لزيادة معدلات الأمية والجهل، مشيرا إلي أنه يتم تخصيص مبالغ هائلة في الموازنة العامة السنوية لتقديم خدمة لائقة للمواطنين، تتناسب مع تحديث البنية التحتية، وقوة العمل، كما ان ارتفاع معدلات النمو السكاني تضيف أعباء كثيرة علي الدولة، كالبطالة، وبالتالي فإن الاقتصاد القومي بحاجة لخلق وظائف تتراوح بين 750 ألفا و950 ألف وظيفة سنويا، مايتطلب تحقيق معدلات مرتفعة من الاستثمار حيث تتكلف كل فرصة عمل نحو 100 ألف جنيه علي الأقل. من هنا تظهر أحد أهم أعباء النمو السكاني، كما أن زيادة معدلات البطالة تؤدي لزيادة نسبة الجريمة، والتطرف، ما يشكل تهديدا للدولة، وخطرا داهما عليها، الأمر الذي يستدعي الانتباه لخطورة ظاهرة الزيادة السكانية، وتوعية المواطنين بمخاطرها، عبر مرافق الدولة المختلفة حتي الدينية منها، علي أن تنطلق خطط التوعية بمخاطر النمو السكاني من المسجد، والكنيسة والإعلام والجامعات، والمدارس، لكي يتفاعل معها المواطن، ويستجيب لها عن اقتناع. تنظيم النسل وهكذا- كما يقول الدكتور فؤاد ابو ستيت- فإن مخصصات الصحة والتعليم، والبنية التحتية، تكون غير كافية في ظل ارتفاع معدلات النمو السكاني، كما تزيد من معدلات الفقر والبطالة، ومن ثم فإن مواجهة الزيادة السكانية تكمن في التوعية بمخاطر تلك الظاهرة وأعبائها علي الاقتصاد القومي، وكذلك تأثيراتها الخطيرة علي جهود التنمية، التي لن تؤتي ثمارها في ظل هذه الزيادة السكانية الرهيبة التي تشهدها البلاد حاليا ،إذا يجب ألا يزيد عدد الأبناء في الأسرة الواحدة على اثنين أو ثلاثة، علي أن يتحمل رب الأسرة كافة التبعات المالية في حالة تجاوزه هذا العدد ، من حيث التعليم، والصحة، وكافة الخدمات وبرامج الدعم الحكومي، كما تفعل دول كثيرة كالصين وإندونيسيا وغيرها من الدول التي لجأت لتنظيم النسل، لتتمكن من تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وتقديم خدمات وبرامج حماية اجتماعية لائقة للمواطنين، مشيرا إلي أن زيادة الانتاج وتدريب العنصر البشري واستثمار قدراته في ميادين الإنتاج المختلفة، يمثل حلا للاستفادة من الطاقات البشرية، لكن لايقل أهمية عن ذلك التوسع في المشروعات، وجذب الاستثمارات، وهو أمر يحتاج جهودا كبيرة.