«شرح مواصفات الورقة الامتحانية».. تعليم مطروح تطلق المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية    رئيس «النواب» مهنئًا السيسي بعيد العمال: كامل ثقتنا في جهودكم لدفع عجلة التنمية    أسعار العملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء    «ليه رفعتوا الأسعار؟!».. مشادة على الهواء بين إعلامية وتاجر أسماك    البورصة تخسر 16 مليار جنيه في مستهل تعاملات أخر جلسات أبريل    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق بسبب الديون    حجم التبادل التجاري والاستثمارى بين مصر والكويت تزامنا مع زيارة الأمير للقاهرة.. بالأرقام    الجيش الأمريكي ينشر أول صور للصيف البحري الذي أقامه في غزة    مستشارة أوباما السابقة: أمريكا تسعى لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن    ريال مدريد في مهمه صعبة ضد بايرن ميونخ بدوري الأبطال    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي في الدوري الممتاز والقنوات الناقلة    عماد النحاس: الأهلي والزمالك سيخوضان مواجهات صعبة أمام الترجي ونهضة بركان    ماذا فعل "أفشة" مع كولر في غرفة الملابس بعد عدم مشاركته؟.. والمدرب يرفض معاقبته    بسبب منخفض السودان الموسمي.. «الأرصاد» تحذر من طقس الأيام المقبلة    هل ظهرت إصابات بالجلطات بين المصريين الحاصلين على لقاح استرازينيكا؟.. الصحة تجيب    وزير الإسكان: ندعم شركات القطاع الخاص في تنفيذ مشروعاتها بالسوق المصرية    محتمل إصداره أوامر باعتقال نتنياهو.. من هو كريم خان المدعي العام للمحكمة الدولية؟    خلال الاجتماع الثاني للمهندسين| عيسى: اللائحة وضعت لحماية المهنة.. و"ترك" يستعرض آليات تنفيذها    تأجيل محاكمة المتهم بدهس طبيبة بيطرية بسيارته بالتجمع الخامس    ضبط متهمين بالإتجار فى الأسلحة النارية في الفيوم وبحوزتهما 10 قطع سلاح نارى    أمن المنافذ يضبط 3 قضايا هجرة غير شرعية خلال 24 ساعة    لليوم الثاني على التوالي.. طلاب النقل بالقاهرة يؤدون امتحانات المواد غير المضافة للمجموع    أخلاقنا الجميلة.. «أقصى درجات السعادة هو أن نجد من يحبنا فعلا يحبنا على ما نحن عليه أو بمعنى أدق يحبنا برغم ما نحن عليه»    الأحد والأثنين المقبلين إجازة للقطاع الخاص بمناسبة عيدى العمال وشم النسيم    أسترازينيكا: لقاح كورونا يسبب أثارا جانبية مميتة| فما مصير من تلقي اللقاح؟    وزير الإسكان: 131 ألف حجز ل1747 قطعة أرض بالطرح الرابع لبرنامج «مسكن»    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    مصادر: من المتوقع أن ترد حماس على مقترح صفقة التبادل مساء الغد    نجم الزمالك: الأهلي سيتوج بدوري أبطال إفريقيا    سفير فنلندا في زيارة لمكتبة الإسكندرية    النبي موسى في مصر.. زاهي حواس يثير الجدل حول وجوده والافتاء ترد    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    بسبب ثوران بركان جبل روانج.. إجلاء آلاف الأشخاص وإغلاق مطار دولى بإندونيسيا    مؤسسة ساويرس تقدم منحة مجانية لتدريب بحارة اليخوت في دمياط    حسام موافي في ضيافة "مساء dmc" الليلة على قناة dmc    اليوم.. الحُكم على 5 مُتهمين بإزهاق روح سائق في الطريق العام    هل يرحل مارسيل كولر عن تدريب الأهلي؟    زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب شرق تايوان    اليوم.. استئناف فتاة على حكم رفض إثبات نسب طفلها للاعب كرة شهير    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    «مصر للصرافة» تجمع حصيلة من العملات تعادل 8 مليارات جنيه    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    "المصل و اللقاح" عن الأثار الجانبية للقاح "استرازينيكا": لا ترتقي إلى مستوى الخطورة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    بين تقديم بلاغ للنائب العام ودفاعٌ عبر الفيسبوك.. إلي أين تتجه أزمة ميار الببلاوي والشيح محمَّد أبو بكر؟    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غرب آسيا: الحاجة إلى جهد إقليمى
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 05 - 2017

إن التحدّي الأكبر الذي يواجه مسألة الحفاظ على السلام والازدهار في غرب آسيا، هو غلبة النمط الثنائي الذاتي في العلاقة ما بين الدول، التي تتكون منها المنطقة، خلافًا للنمط الإقليمي الأكثر موضوعيةً.
تمزّق هذه المنطقة، التي تضم شطرًا كبيرًا من العالم العربي والإسلامي، الخلافات المذهبية بين الذين يدّعون الإيمان، ويصرّون على اعتبار الآخرين غير مؤمنين، وأولئك الذين يسوّغون بدورهم الغزو والقمع. كما أنها أكثر المناطق فقرًا في العالم، وتنشب فيها معظم النزاعات المسلحة تقريبًا، ومنها يخرج أغلب مهجّري العالم عمليًا. ومن الصعب على المنطقة أن تتعاون، بشكل فعّال، في حل مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية أو أن تدبّر أمر أمنها انطلاقًا من المقاربة المستندة إلى الثنائيات. فالخطاب المتحكم في الحوار بين الدول، والوحيد في معظم الأحيان، يمثّل جانبًا من الانقسام الجغرافي- السياسي أو الطائفي الذي تتماشى معه؛ الأمر الذي يجعل من شبه المستحيل معالجة الهموم الاجتماعية المشتركة، مثل الجموع الغفيرة من اللاجئين، أو معالجة ندرة المصادر مثل المياه.
إن الهيكل الإقليمي القائم، الذي يمكنه معالجة قضية الأمن على كافة المستويات، ضعيف، وهو أسير النظام الثنائي السائد. فنشر المعرفة، وتقاسم المصادر والخبرات المتنوعة كلها مستبعدة بسبب غياب التواصل الحضاري الذي لا تقيّده الانقسامات، وما يترتب على ذلك من ضعف الاستقلال الأكاديمي.
لقد آن أوان التخلص من دوامة الدمار الخانقة هذه. ويتطلب القيام بذلك نوعًا من التفكير العقلاني بشأن التحديات المشتركة التي تواجه المجتمع في غرب آسيا، وخلق مجموعة جديدة من المؤسسات لإدارتها.
نسمع كثيرًا أن التنمية والازدهار يسودان بعد تحقيق السلام، وأن الفشل في حل النزاعات المستمرة منذ أجيال يحكم علينا بدوام الأزمة وعدم اليقين. لكن الحرب السورية وضحاياها، الذين ناهزوا النصف مليون، ولدت مجموعةً جديدةً من التحديات المشتركة لبقائنا، وغيرت كل شيء. وقد تحمّلت تركيا، ولبنان، والأردن، مجتمعةً عبء أكثر من 2.5 مليون لاجئ.
إن تكنولوجيا القتل التي تمطر مواد كيماويةً على الأطفال الأبرياء، أو تقتلهم وهم يصرخون بحثًا عن الطعام والملجأ تتجاوز الحديث عن الشرعية الطائفية أو السياسية. ولا شك في أن ادعاء الحقيقة والشرعية شيء، وامتلاكهما شيء آخر.
يتطلّب الوضع شيئًا لا يقل عن خطة طارئة أو عمل إقليمي، يُدعَم بتأسيس كيانات جديدة لتنفيذ السياسات المتفق عليها، وتوزيع المصادر الضرورية لمعالجة التحديات الرئيسية. وعلى هذه الكيانات أن تهتم، أساسًا، بإدارة أو دمج الأعداد الهائلة من المهجّرين، وإعادة بناء وتأهيل المجتمعات التي مزّقها النزاع. كما أن المنظمات الدولية المعنية بالمساعدات لن تتمكن من القيام بواجبها على الوجه الأمل إذا كانت المساعدات المقدَّمة مشروطةً.
يتعيّن علينا، إذن، أن نلتفت إلى أنفسنا، لأننا لا نفتقر إلى الوازع الأخلاقي أو الوسائل المادية كي نساعد بعضنا. فمن المنطقي أن تكون أفضل طريقة لمعالجة التحديات الإقليمية بطريقة فعّالة هي منح الدول الأكثر فاعليةً تفويضًا كي تتجمع وتتعاون. وبتجاهل الخطوط الطائفية التي قسّمت وقطّعت المنطقة، يمكن للمبادرة أن تبدأ بتشكيل مجلس اقتصادي واجتماعي يغطي المناطق المضطربة في سوريا والعراق والمناطق المحاذية للأردن، لبنان، وتركيا، وهي التي تتحمّل أعباء تداعيات النزاع. ولندعوها «خطة بلاد الشام».
يسعى مثل هذا المجلس، في المستوى الأول، إلى تسخير قدرات المجتمع المدني المتاحة من خلال تلك الدول في محاولة لتعظيم وتعزيز تأثيرها. قد يحتاج المسؤولون، على مستوى العمل في الحكومات، إلى التدخّل، وتقديم الدعم الذي يتأتى من تبسيط القواعد التنظيمية، وفتح الحدود والمشاركة في البيانات. وهذا لن يتأتى إلا إذا توصل قادة تلك الدول إلى توافق في الرؤية حول الحاجة الملحة للعمل.
غالبًا ما يكون الإلزام الثنائي القيد الأكثر فاعليةً على أعلى المستويات، مقاومًا أكثر الحجج إلزامًا من الناحيتين الأخلاقية أو الإنسانية. على مستوى العمل، فإن قدرًا محدودًا من الحرية، وانعدام الاستقلالية المربكة سيجعلان المؤسسات لا تخدم سوى مجموعة ضيقة من المصالح، وهذا يترك المجتمع المدني مكشوفًا ومتعثرًا.
إن طريق الخروج هو عبر التحرر، ليس من خلال التأكيد المكلف والعبثي على الإرادة الشعبية التي طبعت ما يسمى بالربيع العربي، بل بتحرير العقل والروح. لقد اعتمد إقليم غرب آسيا، ولفترة طويلة، على القوى الخارجية، الغرب بشكل رئيسي، الذي استغل بدوره مرض الثنائية السائد في المنطقة لإدارة حروبه بالوكالة.
وكان شرق آسيا، بالمثل، قد عانى معوّقات في السنوات الأولى من الاستقلال بسبب الآثار السلبية للحرب الباردة. لكن خلال عقد الثمانينيات حدث شيء مشهود: الدول التي كانت تقف في مواجهة بعضها بإيعاز من دول أخرى، أو بسبب عداوات قديمة، نحّت جانبًا خلافاتها بهدف معالجة التحديات المشتركة للأمن والازدهار. كيف حدث هذا؟ يمكن القول لأنها اختارت وضع قدرتها على التحمّل فوق النزاع. اختارت الازدهار بدلاً من الاعتماد على المساعدات الخارجية بشكل كلّي.
قد يزعم المتشككون بعدم إمكانية تحقيق ذلك في غرب آسيا: عقود من الانقسامات الطائفية فاقمت من الانقسام الجيوسياسي، والمأساة اليومية الناتجة عن الإرهاب العنيف وعرقلة الجهود يُنظر إليها ببساطة على أنها جزء من المشهد، بمعنى أنها منطقة لا يمكن جمع شملها على الإطلاق. ورغم ذلك، تمكنوا في شرق آسيا من تحقيق الأمر. الخمير الحمر قتلوا قرابة مليوني شخص في فترة لا تزيد عن أربع سنوات، ومع ذلك تعاونت الدول المجاورة لكمبوديا مع المجتمع الدولي لجمع شتات البلد في أقل من عقد من الزمان. يمكن تحقيق شيء مماثل لهذا بثلاث خطوات مباشرة نسبيًا:
عقد قمة رفيعة المستوى للقادة تُخصص لبند وحيد هو تأسيس مجلس اقتصادي اجتماعي للمنطقة تحت إطار اتفاق بين الحكومات. يعقب القمة مباشرةً اجتماع تعهدات يشمل الحكومات والقطاع الخاص.
بعد تشكيل المجلس، يقوم فريق من الخبراء، الذي يُعيّن من قبل الدول الأعضاء في المجلس، بتشكيل مجموعات للعمل في مجالات الاهتمام ذات الأولوية. ليس هناك ما هو معقّد بشأن العمل الإقليمي، فهو يتبع عادةً منطق النشاط الإنساني الجماعي، أي السعي للخير العام ومنفعة الأجيال المقبلة. لقد حان الوقت لتطبيق هذا المنطق على غرب آسيا.
لمزيد من مقالات الحسن بن طلال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.