أثار الدكتور أسامة الغزالى حرب الكثير من الجراح والألم فى نفسى وهو يتساءل عن لماذا لم نتقدم؟.. وهو تساؤل قديم جديد طرحته مرارا وأجبت عليه فى مقالات سابقة كثيرة بصور مختلفة، وإجابات متعددة نظرا لكثرة عوامل التقدم والتخلف التى رصدها العلماء.. ويبدو أن من سبقونا ب 100 عام و50 عاما و30 عاما طرحوا نفس التساؤل، وربما ردوا بإجابات مماثلة رغم الفارق الزمنى، وإن كان بأمثلة مختلفة من زمنهم. ولكن، وعلى مدى سنوات البحث والدراسة سواء فى مصر أو بالخارج ترسخ لدى اقتناع بأن نظم التعليم الفاشلة لدينا فى العالم العربى، وثقافتنا الأدبية الخطابية، من الصعب أن تنتج عقولا مبدعة فى مجالات الصناعة والاقتصاد التى يعرفها العالم، وكانت من أسباب النهضة الصناعية في أوروبا ثم العالم. وقد ظل كثيرون يرددون مقولة إن القهر والقمع وسيطرة الأجهزة الأمنية على المدارس والجامعات وتدخلها فى اختيار قليلى الكفاءة مضمونى الولاء على حساب الكفاءات العلمية، هو السبب الرئيسى فى تخلف وتأخر مصر اقتصاديا وصناعيا.. وربما يكون ذلك صحيحا جزئيا.. ولكن ما قولكم فى نموذج كوريا الجنوبية ؟ الكل يتحدث عن التقدم الاقتصادى والصناعى والاجتماعى الذى أحرزته على مدى ال 30 عاما الماضية، وبعد أن كانت أكثر تخلفا من مصر فى بداية الستينيات من القرن ال 20، أصبحت مصر تتمنى وتحلم بأن تحقق 10%من التقدم الصناعى والاقتصادى لكوريا الجنوبية، من الذى أسس مثل هذا التقدم فى تلك الدولة الراقية؟ إنه الديكتاتور، الجنرال «بارك يونج هى 1962 1979»،الذى ربما لم تشهد كوريا الجنوبية نظاما دمويا مثله، وهو بالمناسبة والد رئيسة كوريا المعزولة فقد كان بالرغم من ديكتاتوريته متنورا ويريد لبلاده أن تحقق تقدما يضاهى ماحققته جارته وخصمه اللدود اليابان من تقدم، وخلال ال 18 عاما التى حكم فيها كوريا الجنوبية أمر العلماء والتنفيذيين فى عهده بوضع قواعد التقدم الصناعى والاقتصادى للبلاد.. ولأن مؤسسات التعليم فى كوريا الجنوبية كانت قوية وخرجت علماء ومبدعين حقيقيين وليسوا مدعين وحملة أسفار لا يفقهون فيها شيئا.. فقد أبدعوا وابتكروا، مستفيدين من تجربة اليابان حتى انطلق بلدهم لرحاب التقدم، ولو كان لدينا علماء ومبدعون حقيقيون مثلهم لتقدمت مصر رغما عن القهر والديكتاتورية منذ سنوات طويلة! لمزيد من مقالات منصور أبوالعزم