حالة يعفى فيها الموظف من مجازاته تأديبًا في قانون الخدمة المدنية    غارة إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان    هل سنشهد هدنة إنسانية بقطاع غزة في عيد الأضحى المبارك؟.. خبراء يجيبون ل "الفجر"    بشير التابعي: منتخب مصر "خطف" الفوز على بوركينا مبكرًا.. ونعاني من مشكلة الكرات الثابتة    تغير مفاجئ بالحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة بشأن حالة الطقس خلال الساعات المقبلة (تفاصيل)    بعد حفل باريس.. هبة طوجي تفتتح فعاليات مهرجان موازين الموسيقي بالمغرب    أهمية أول يوم في الليالي العشر    تأجيل سفر بعثة منتخب مصر لغينيا بيساو لمدة 24 ساعة    تفاصيل إصابة إمام عاشور في مباراة بوركينا فاسو    اليوم.. الأوقاف تفتتح 21 مسجداً بالمحافظات    برقم الجلوس والاسم.. رابط نتيجة الشهادة الاعدادية 2024 الترم الثاني محافظة الغربية (استعلم الآن)    انسحاب وفود الدول خلال كلمة ممثل إسرائيل بمؤتمر العمل الدولي (فيديو)    نيللي كريم تتغزل فى فستانها بزفاف جميلة عوض: اللون الأزرق هو الأقرب للحقيقة    ما قانونية المكالمات الهاتفية لشركات التسويق العقاري؟ خبير يجيب (فيديو)    بعد انخفاض الأخضر.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الجمعة 7 يونيو 2024 في البنوك    متحدث الكهرباء: قبل انتهاء العام الحالي سينتهي تخفيف الأحمال    محمد الشناوي: ماحدش قال لى حمد الله على السلامة وكله بيفكر مين هيلعب    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    إنفوجراف لكلمة مصر نيابة عن «المجموعة العربية» في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    «صلاة الجمعة».. مواقيت الصلاة اليوم في محافظات مصر    تحرير 30 مخالفة في حملات لتموين الأقصر للتأكد من التزام أصحاب المخابز والتجار    9 أيام مدفوعة الأجر.. موعد إجازة عيد الأضحى 2024 بعد ضم وقفة عرفات للقطاع العام والخاص    حصول مصر على 820 مليون دولار من صندوق النقد الدولي    السجن 7 أعوام على سفيرة ليبية في قضايا اختلاس    خالد جلال ينعي المخرج محمد لبيب مدير دار عرض مسرح الطليعة    هتوصل لأرقام قياسية، رئيس شعبة الذهب يصدم المصريين بشأن الأسعار الفترة المقبلة (فيديو)    عيد الأضحى 2024| أحكام الأضحية في 17 سؤال    ساتر لجميع جسدها.. الإفتاء توضح الزي الشرعي للمرأة أثناء الحج    أمين الفتوى: إعداد الزوجة للطعام فضل منها وليس واجبا    طريقة عمل البسبوسة بالسميد، مثل الجاهزة وأحلى    طريقة ومدرج وشهية.. حسام حسن يبدأ الرسميات من الباب الكبير    السنغال تسقط في فخ الكونغو الديمقراطية    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    حسين حمودة بعد حصوله على جائزة الدولة في الأدب: "حاسس إن في حاجة أقدر أقدمها لبنتي"    عضو اتحاد المنتجين: استقرار في أسعار الدواجن خلال 10 أيام    في عيد تأسيسها الأول.. الأنبا مرقس يكرس إيبارشية القوصية لقلب يسوع الأقدس    ملخص وأهداف مباراة هولندا ضد كندا قبل يورو 2024    سعر البطيخ والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    بعد ثبوت رؤية الهلال .. إليك أفضل أدعية العشر الأوائل من ذي الحجة    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا الثانوية العامة الجزء الأول    زيادة أسعار المنشطات الجن..سية 200%.. «الصيادلة» تكشف الحقيقة (فيديو)    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    ب 60 مليون دولار.. تفاصيل تمويل 12 فكرة ناشئة في مجال تكنولوجيا التعليم    التنمية المحلية: 98% نسبة مسحوبات التمويل من البنك الدولي لبرنامج تنمية الصعيد    حظك اليوم| برج الحوت الجمعة 7 يونيو.. «القمر مازال موجود في برج الحوت المائي ويدعم كل المواليد المائية»    نجل فؤاد المهندس: والدي كان يحب هؤلاء النجوم وهذا ما فعله بعد وفاة الضيف أحمد    عيد ميلاده ال89.. أحمد عبد المعطي حجازي أحد رواد القصيدة الحديثة    نادين، أبرز المعلومات عن الدكتورة هدى في مسلسل دواعي السفر    مؤتمر لأسر المحبوسين ولائحة الأجور، نقابة الصحفيين تحيي الذكرى 29 ليوم الصحفي الأحد    "طاغية".. بايدن يهاجم بوتين أثناء مشاركته في ذكرى إنزال النورماندي    ميليشيا الدعم السريع تحشد قواتها تمهيدا لاجتياح مدينة الفاشر    مصرع سيدة صعقا بالكهرباء في منزلها بالدقهلية    بينهم 3 أطفال.. إصابة 4 أشخاص إثر تصادم "لودر" الحي بسيارة أجرة ببورسعيد    المهن الموسيقية تنعى العازف محمد علي نصر: أعطى درسا في الأخلاق والرجولة    طائرات الجيش الإسرائيلي يقصف منطقة "كسارة العروش" في مرتفعات جبل الريحان جنوب لبنان    توقيع بروتوكول تعاون لترسيخ مبادئ الشَّريعة الإسلاميَّة السَّمحة    نجاح أول تجربة لعلاج جيني يعمل على إعادة السمع للأطفال.. النتائج مبشرة    تهشمت جمجمتها.. جراحة تجميلية ناجحة لطفلة سقطت من الطابق الرابع بالبحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطاب الذى لم نعد نتحدث عنه 5

حين نسعى لتجديد الخطاب الدينى نسعى لتحقيق المصالحة بين العقائد والقيم الدينية والأخلاقية التى نؤمن بها وبين قوانين التطور
التى عرفنا أنها تفرض نفسها فى كل المجتمعات البشرية. وبعبارة مختصرة تجديد الخطاب الدينى مدخل ضرورى أو شرط لتجديد الحياة.
الحياة لا تجدد نفسها إلا بالأحياء الذين يعيشونها ويمارسون فيها ما يمارسونه من تجارب ويواجهون ما يواجهونه من تحديات يجتهدون فى التغلب عليها ويستخلصون منها الدروس ويستفيدون بها فيما يلاقونه فى مستقبلهم من تجارب وتحديات جديدة يتغلبون عليها ويخرجون من عصر إلى عصر يعرفون فيه أنفسهم أكثر ويعرفون ما يحيط بهم ويؤثر فى حياتهم ايجابا وسلبا من حقائق الوجود وظواهر الطبيعة وتحولات المجتمع، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا بقدر كبير من الفضول والرغبة فى المعرفة والاكتشاف، والقدرة على متابعة الظواهر وعلى الربط بين الأسباب والنتائج، والايمان بأن حياة الانسان فى كل مجالاتها تتأثر بما يجد فيها وتتطور به وتتغير، تستوى فى ذلك حياتنا العملية وحياتنا العقلية. نظمنا السياسية وأوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية. معرفتنا للطبيعة ومعرفتنا لأنفسنا. خطابنا السياسى وخطابنا الديني. وكما أن حركتنا تختل وتتعثر وتتوقف وتتخلف لو مارسنا حياتنا السياسية فى هذا الزمن الذى نعيش فيه بالعقلية التى مارس بها آباؤنا وأجدادنا حياتهم فى العصور الوسطي، فهى تختل كذلك وتتعثر وتتوقف وتتخلف، لو مارسنا حياتنا الدينية بالعقلية التى مارس بها آباؤنا وأجدادنا شعائرهم الدينية فى العصور الوسطي، فلم نحسب حساب المعارف الجديدة التى حصلناها، ولم نميز بين المبادئ والتطبيقات وبين الوسائل والغايات.
نظمنا السياسية فى العصور الوسطى وطاقاتنا وخبراتنا فيها وأوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية كانت تربة خصبة للعبودية والجهل والخرافة والطغيان. وقد تطورت حياتنا فى هذه العصور الحديثة ونمت طاقاتنا وتغيرت أوضاعنا فلم يعد مفهوما ولا منطقيا ولا مقبولا ولا ممكنا أن تتكرر فى حياتنا، وأن تقوم من جديد هذه، وهذه النظم البائدة وهذه القوانين، وهذه الممارسات البربرية التى عرفتها العصور الوسطي، اللهم إلا فى عروض مسرحية تقدمها الآن جماعات الاسلام السياسي!
وكما أن قوانين التطور تفرض نفسها فى السياسية فتحل الدول الوطنية محل الدول الدينية، ويتحرر العبيد، وتحصل المرأة على حقوقها، وينتصر العقل على الخرافة والعلم على الجهل، وتحل الديمقراطية محل الطغيان، فقوانين التطور تفرض نفسها أيضا فى الدين فتكشف عما فى الخطاب الدينى التقليدى من صور الوهم والخوف من المجهول، والعجز عن مسايرة الحياة، وتفسح المجال لخطاب دينى جديد يتصالح مع هذه القوانين ولا يتعارض معها، وإلا أصبحت حياتنا كما عهدناها خلال القرنين الأخيرين.
نحن ممزقون بين واقع عملى يتغير دون أن يتطور ومعنى هذه العبارة أن تغيره فعل لا ثقافة وتدين شكلى لا روح فيه، لأن الروح لا تكون إلا فى الجسد الحي. ولكى يصبح التدين حياة فاعلة مؤثرة فلابد من خطاب دينى جديد يتواصل مع حياتنا الجديدة ويتجاوب معها، ويؤثر فيها ويتأثر بها، وهو عندنا شرط غائب. فالخطاب الذى ندين به اليوم قادم إلينا من عصور سلفت. وهو إذن خطاب مستهلك. شكل لا روح فيه. أزياء مسرحية، وعبارات محفوظة.
رسوم وشعارات تغطى الواقع ولا تسكنه ولا تحركه ولا تكشف عما فيه من ثغرات ولا تدفعه لمراجعة نفسه وإصلاح عيوبه. وفى هذا المناخ تتراجع سلطة الضمير ويضعف الوازع الأخلاقى ويصبح الخطاب الدينى مفارقا للدين ومعارضا له، فضلا عن مفارقته لقوانين التطور ومعارضته لها. وهذا أمر طبيعي. فالإنسان هو صانع التطور، والانسان هو الغاية التى تقصدها الشرائع الدينية حين تهديه للحق والخير وتساعده على أن يتطور ويتقدم والفرق بين قوانين التطور والشرائع الدينية أن هذه علم منزل، أما الأولى فمعرفة بالعقل الذى منحنا الله إياه.
أريد أن أقول إن تجديد الخطاب الدينى ليس فقط حاجة حيوية، وليس فقط شرطا للتقدم، وإنما هو إلى جانب هذا واجب أخلاقى وأصل من أصول الدين.
حين ننادى فى هذه الأيام بفصل الدين عن الدولة نكون أقرب إلى الدين من الذين يخلطون بينهما.
الفصل يحرر الدين من أسر السلطة، ويرده إلى بيته الدافىء وهو الانسان، ويعصمه من أن يصبح سلعة أو تجارة أو ستارة يحتمى بها الكذب، ويستشرى الفساد ويعم النفاق.
وفصل الدين عن الدولة يحرر الدولة من العمل ضد وظيفتها. لأن وظيفة الدولة هى أن تجمع بين كل من ينتمون لها على اختلاف أصولهم وعقائدهم ومذاهبهم، وتوحد صفوفهم، وتضمن لهم أمنهم وحريتهم، وتساعدهم على أن يتضامنوا ويتقدموا. وهذا ما تقوم به الدولة الوطنية التى تتأسس على العقد الاجتماعى الذى يصبح به الأفراد جماعة أو أمة تتفق فيما بينها على الانضواء تحت لواء يجمعها وسلطة تمثلها وتكون هى مصدرها، فالأمة فى الدولة الوطنية هى مصدر كل السلطات.
وعلى العكس من كل هذه الشروط تكون الدولة الدينية التى تقوم على رابطة الدين وحدها، أما الدولة الوطنية فتقوم على المواطنة التى تتسع للتعدد وهو أساس للحرية التى لا تعرفها الدولة الدينية، لأن الحاكم فيها لا يمثل المواطنين وإنما يمثل الله كما يزعم وينوب عنه فى الحكم. ولأن الدولة الدينية لا تعترف إلا بدين واحد فهى فى حرب متصلة مشتعلة أو غير مشتعلة مع أصحاب الديانات الأخري. وهذه ليست مجرد تنبؤات تصدق أو لا تصدق، وإنما هى وقائع فعلية نعيشها هل تكون هذه الدولة الدينية بهذا الوصف وطنا آمنا للدين؟ وهل يزدهر الدين فى مثل هذه الدولة ويصبح حضارة تتحاور مع غيرها؟
الجواب هو النفي. والدولة الوطنية بنظامها الديمقراطى وضمانها لحقوق الانسان هى الوطن الآمن للدين.
لكن هذا الجواب لا يتفق مع الخطاب الدينى الموروث من ثقافة العصور الوسطى ونظمها البائدة. ونحن إذن فى أشد الحاجة لخطاب دينى جديد.
لمزيد من مقالات بقلم: أحمد عبدالمعطى حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.