بدون شك تمر العلاقات الألمانية الإسرائيلية حاليا بمرحلة من التوتر »الظاهري« الذى تعكسه مواقف وتصريحات السياسيين والدبلوماسيين فى البلدين وهو توتر ناجم عن الإستياء الألمانى الشديد من سياسة الإستيطان الإسرائيلية لحكومة بنيامين نتانياهو، ورغبة وزير الخارجية الألمانى الإشتراكى الجديد زيجمار جابريل فى تنشيط الدور الألمانى كوسيط مساعد فى إعادة إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وهو ما يقابل برفض قاطع فى تل ابيب. غير انه لا يوجد من بين المراقبين الجادين هنا من يتوقع ان تؤثر عمليات الشد والجذب الحالية على العلاقات الألمانية الإسرائيلية الوثيقة للغاية. معروف ان المستشارة الألمانية انجيلا ميركل اعربت اكثر من مرة عن إستيائها من سياسة الإستيطان الإسرائيلية التى تقوض حل الدولتين واختلفت مع نتايناهو بشدة وفى فبراير الماضى وبعد صدور قانون إسرائيلى يضفى الشرعية على بناء المستوطنات فى الأراضى الفلسطينية انتقدت برلين تلك الخطوة واجلت المشاورات الألمانية الإسرائيلية الرفيعة فى القدس المقرر لها العاشر من مايو المقبل وهو ما اثار بدوره استياء إسرائيل. غير ان برلين حاولت التخفيف من حدة التوتر من خلال زيارة وزير الخارجية الألمانى زيجمار جابريل الذى اختار ذكرى المحرقة لزيارة أسرائيل ولقاء نتانياهو مستبقا ذلك بتصريحات يقر فيها مجددا بمسؤلية ألمانيا التاريخية وتضامن ألمانيا المستمرمع إسرائيل وتحمل ألمانيا مسؤليتها كما زار نصب ياد فاشيم التذكارى لضحايا الهولوكست. ولكن السفير الإسرائيلى فى برلين ياكوف هاداس هاندلسمان ادلى بتصريحات قبل زيارة جابريل كشفت الموقف الحقيقى لحكومة نتانياهو وكيف تنظر لعلاقتها بألمانيا. السفير قال ان سياسة الإستيطان ليست سببا سببا لتوتر العلاقات الألمانية الإسرائيلية كما ان الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ليس مركز ثقل العلاقات بين البلدين! مركز الثقل الحقيقى هو الماضى ومسؤلية ألمانيا عن الهولوكست التى لا يمكن الهروب منها! وكذلك التعاون الوثيق تجاريا وعلميا واقتصاديا. واضاف السفير الإسرائيلى ان المستشارة ميركل قالت امام الكنيست فى عام 2008 ان امن اسرائيل احد ثوابت السياسة الألمانية، وإسرائيل لا تحتاج من ألمانيا إلى قوات ولكن إلى ادوات لحماية نفسها وامنها وهذه الأدوات قد تكون فى صورة دعم اقتصادى او عسكرى او سياسى وهو جزء من مسؤلية ألمانيا تجاهنا! السفير لوح مجددا بورقة معاداة السامية ووصف إستمرار هذه الظاهرة فى ألمانيا بانها عار. اما عن جهود جابريل لإحياء عملية السلام ومحاولة القيام بدور الوسيط بين الإسرائيليين والفلسطينيين كما طالب بذلك الرئيس محمود عباس خلال زيارته لبرلين فى الشهر الماضى فقد رد على ذلك السفير الإسرائيلى قائلا: لانحتاج وسيطا فنحن نعرف بعضنا جيدا وعلى المجتمع الدولى إعادة الفلسطينيين لمائدة المفاوضات بلا شروط. السفير وصف جابريل ايضا بأنه صديق لإسرائيل لانه اكد خلال زيارتيه لإيران، ان تطبيع العلاقت الإسرائيلية الأيرانية ليس ممكنا دون تغيير جوهري فى موقف ايران من اسرائيل وتنبنى بذلك الموقف الإسرائيلى إلى حد كبير. وفى إسرائيل لوحت حكومة نتايناهو بألغاء لقاء جابريل بنتاياهو بسبب لقاءه فى القدس بممثلين عن منظمات حقوقية مناهضة لسياسة الإستيطان الإسرائيلية مثل منظمة »كسر الصمت« ومنظمة »بتسليم«، وهو ما فسره المراقبون الألمان بمحاولة لى ذراع الوزير الألمانى لتقتصر مباحثاته مع نتايناهو على التعاون بين البلدين والدعم الألمانى العسكرى والإقتصادى لإسرائيل.. ومن تصريحات السفير واسلوب إستقبال جابريل فى إسرائيل يتضح ان الرفض الإسرائيلى التام لأى تدخل ألمانى او اى دور ألمانى للوساطة او حتى الحديث عن حل الدولتين وإحياء مفاوضات السلام او انتقاد سياسة الأستيطان الإسرائيلية. كما ان هناك ثقة إسرائيلية تامة بأن برلين ليست قادرة فى اى وقت من الأوقات على تقليص مساعدتها او دعمها الكبير لإسرائيل رغم ذلك الموقف الجامد. وربما كان نوربرت روتجن رئيس لجنة الشؤون الخارجية فى البرلمان الألمانى احد اكثر السياسيين المحافظين فى ألمانيا وضوحا مؤخرا فى وصف العلاقة مع إسرائيل حيث قال أن العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل لا تزال عميقة ولكن توجد خلافات كبيرة فى الراى ومن يهتمون بإسرائيل فى ألمانيا يشعرون بالحزن والإحباط من إعتماد إسرائيل على تفوقها العسكرى وعدم تطويرها اى رؤى للوضع الحالى وقال روتجن ان إسرائيل تستفيد من من التوترات فى مواقع الصراع الأخرى بالمنطقة التى حولت التركيز بعيدا عن الصراع بينها ولين الفلسطينيين محذرا من لذلك مزايا امنية لها على المدى القصير ولكنه يشكل تهديدا لها على المدى البعيد. ومع ذلك فإن الخلافات الألمانية الإسرائيلية حسب ما يتوقع موقف السياسة الخارجية الألمانية للأبحاث لن تغير من الدعم الألمانى لإسرائيل شيئا، فحسب الموقف ستتطرق مباحثات جابريل فى إسرائيل ورغم الأنتقادات الألمانية لصفقات الغواصات الألمانية لإسرائيل التى يمول جزء كبير منها من اموال دافعى الضرائب فى ألمانيا، كما أن الرئيس الألمانى شتاينماير سيزور أسرائيل اوائل مايو المقبل لتخفيف الأجواء رغم جمود الموقف السياسى الأسرائيلى من إحياء مفاوضات السلام.