تتكشف تدريجيا ابعاد الفشل الامني الذريع في المانيا في الحيلولة دون وقوع اعمال ارهابية مثل التفجير الذى حدث منذ ايام بجانب اتوبيس لاعبى فريق بروسيا دوتموند الالمانى وارتكاب التونسي انيس عامري اعتداء برلين الارهابي في ديسمبر الماضي رغم سجله الاجرامي المعروف للسلطات الالمانية وانتحاله اربعة عشر هوية مختلفة واتصالاته المريبة بمتطرفين اسلاميين، وهو ما وضعه تحت رقابة الاجهزة الامنية منذ دخوله المانيا في صيف 2015 ولكنه في النهاية ترك حرا طليقا ورفعت الرقابة عنه ما مكنه من جريمته الارهابية في سوق عيد الميلاد. بعد اعتداء برلين ثم لندن واستكهولم تغيرت لهجة المسئرلين الامنيين في المانيا فيتحدثون حاليا, ويؤمن خبراء الارهاب على تصريحاتهم ، عن ان الالمان والاوروبيين عموما عليهم التعايش مع خطر الارهاب الذي يمكن ان يضرب اي مدينة او قرية في اي وقت. كما يؤكدون, مثل رئيس مكتب مكافحة الجريمة الاتحادي هولجر مونش على ان تنظيم داعش بدأ منذ فترة في تنشيط انصاره من المتطرفين في انحاء اوروبا كرد فعل على الهزائم التي يتعرض لها في سوريا والعراق، وان اسلوب الهجمات اصبح من الصعب التصدي له ويزداد خطورة. مثلا سرب الاعلام الالماني تقريرا امنيا يحذر من هجوم كمياوي على مياه الشرب في المانيا او المواد الغذائية في المتاجر الكبرى او تفجير شاحنات تحمل مواد كيماوية ! ما دفع المسئولين في المانيا ومعهم خبراء الارهاب مثل رئيس المركز الدولي لبحوث التطرف في لندن بيتر نويمان للمطالبة بالتركيز على انشطة « الوقاية» بتحييد الاشخاص الخطرين والمشتبه بهم من البدايةبل وتعديل القوانين التي تكفل لهم الحماية بما يتيح احتجازهم للاشتباه بل وترحيلهم خارج المانيا دون ان تتوافر ضدهم الادلة الدامغة على التخطيط لعمل ارهابي. وبالفعل في خطوة غير مسبوقة مهدت كل من المحكمة الادارية الاتحادية والمحكمة الدستورية الاتحادية الارضية القانونية لذلك بعد ان وافقتا على ترحيل نيجيري وجزائري متطرفين تشير المكالمات والرسائل التي تم تسجيلها لهما بنيتهما التخطيط لعمل ارهابي لم يحدد بعد ، ويفتح ذلك الباب لترحيل مئات المصنفين « خطرين» لاعتناقهم الافكار الجهادية السلفية ميلهم للعنف في المانيا والمقدر عددهم للمكتب بنحو 620 شخصا او على الاقل من يحمل فقط جنسية اجنبية حتى لو كان مقيما هنا منذ مولده. التركيز على» الخطرين « وكل من يقع في دائرة اتصالاتهم هو الان الشغل الشاغل للاجهزة الامنية الالمانية ولكن المطالب تزداد باصلاح الهيكل الامني الالماني الذي تأسس في الخمسينات ويوزع المسئولية الامنية فيدراليا على الولايات المختلفة، اي ان الامن الداخلي هو مسئولية الولايات اولا قبل الحكومة الاتحادية. ويطالب الخبراء في ظل التهديد الارهابي اليومي حاليا بتوحيد نشاط محاربة الارهاب الداعشي مركزيا بدمج هيئتي حماية الدستور ( الاستخبارات الداخلية) ومكتب مكافحة الجريمة في هيئة اتحادية المانية واحدة على غرار مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي اف بي اي بما تملكه من صلاحيات واسعة تنتقدها المنظمات الحقوقية كثيرا وهذا هو النقاش القادم في المانيا على اعلى المستويات لمنع تكرار فشل اجهزة الامن المختلفة في التنسيق وتبادل المعلومات فيما بينها كما حدث في حال منفذ اعتداء برلين انيس عامري.