يتعجب البعض من المتناقضات التي تواجهنا حاليا، فرغم وجود ملايين الأطفال الذين يعانون الفقر والقهر والمرض، فإن هناك شريحة لا يُستهان بها ينعمون بأكثر مما يحتاجون إليه من رفاهية مفرطة. إن تخريب عقول الأطفال بالتدليل المفرط لا يحدث من خلال الإسراف فى توفير ما لذ وطاب من المأكل والملبس والتعليم والمبالغة فى تحقيق متطلباتهم ورغباتهم. وهذا بحد ذاته أمر مخز للغاية أن نسهم دون وعى منا ومن منظور لا ارادى فى قتل الإحساس بالمسئولية لدى الطفل الذى لن يستطيع مواجهة متاعب ومصاعب الحياة بمفرده. علينا أن نعترف بمسئوليتنا المباشرة تجاه هذا التدليل عندما نُذعن لمواكبة متطلباتهم ليس عن قناعة لكن رغبة فى تهدئتهم. علينا أن نعترف أننا نسهم بمحض إرادتنا فى إيجاد ديكتاتور يتحكم فى مصائر الأسرة، ويُخلف العديد من السلوكيات السيئة.علينا عدم إلقاء اللوم على رجال الأعمال وما يقدمونه من إعلانات عن منتجات استهلاكية يتم تحديثها بصورة هستيرية، حتى أصبحت حياة البعض تتمحور حول نهم تَمَلُّك وشراء كل ما هو جديد وحديث كنوع من الإشباع اللحظي أو الترضية الفورية لرغباتهم اللا نهائية لكي تتحقق السعادة التى قد تتلاشى وتذوب فى لمح البصر مع وجود منتج جديد ورغبة جديدة يصبو إليها من تربوا منذ نعومة أظافرهم على مبدأ أنا ومن بعدى الطوفان . في الواقع يحتم علينا أن نتفهم أساليب التربية السليمة ونوضح ضرورة أن يتم رسم حدود لأولادنا وبناتنا فيما يخص السلوك الايجابى فعندما يتم تحديد السلوك بشكل واضح المعالم نراهم يرتاحون نفسيا ومعنوياً وتزدهر صحتهم النفسية بصورة جيدة. ولنكن نحن البداية والقدوة المباشرة ليتعلموا أنه ليس كل شىء متاحا لهم للقيام به أو الحصول عليه في الحياة الواقعية. وليكن الاعتدال فى تربية الطفل منذ الصغر وعدم المبالغة فى التدليل والسيطرة على شخصيته أو الإهمال على حد سواء.يتحتم علينا أيضا حب أولادنا كل على طريقته، لكن دون إفسادهم بالدلال المرضى. بالتأكيد ستكون الأمور صعبة في البداية، إلا أن القناعة المؤكدة الراسخة تقول أن الأطفال الذين نالوا تربية حسنة منذ البداية سوف يكونو شباباً ورجالاً يتسمون حتماً بالامتنان وحسن الخلق والثقة بالنفس. وهذا يحتاج مثابرة وجَهد لتحقيقه. المهم فهم تقويم الأخلاق وتهذيبها وزرع حب الخير والرضي في نفوس الأبناء فضلاً عن تدريبهم على تقوية الإرادة ، وإرشادهم إلى تحديد الهوية والانتماء لتراب هذا الوطن الذي يستحق أن نحافظ عليه. علينا أن نغرس في نفوسهم تذوق الجمال والاستمتاع به بطرق مشروعة واستنكار القُبح في كل شىء. ونستعين بذوي الخبرة لتنمية مهارات التفكير الإبداعي والنقد البنَّاء لديهم، وتحديد الأهداف والسعي لتلاشى جيل مستهتر وقلق وأناني وغير قادر على اتخاذ قرارات مصيرية ومواجهة الحياة بعقلانية ووعى. جيل يدرك أن كل شىء ليس ميسراً وأن رغباته لن تكون كلها مُجابة أو متاحة. لمزيد من مقالات هالة برعى;