بعض الأمهات لا يعرفن الحدود الفاصلة بين التدليل المطلوب لأطفالهن الذى يصلح من شأنهم والتدليل المفرط والمبالغ فيه، الذى يضر بسلوكهم ويتسبب فى "اعوجاج" حالهم إلى أن يفاجئن بسلوك "الأطفال المدللين" الذين لا ينصلح حالهم أبدا فالطفل يحتاج الى أسلوب تربية يمتزج فيه التدليل بالحزم حيث أثبتت كثير من الدراسات أن شخصية الطفل تتكون خلال الست سنوات الأولى من عمره.. فلا تجعلى حبك وعطفك وحنانك سببا فى تنشئة طفل مدلل ورجل مستقبل لا يجيد فن الحياة وتحمل المسئوليات. مفتاح اقتحام المجهول د. ابراهيم عيد أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس يقول: إن العناية المفرطة والتدليل للطفل فى سن مبكرة تجعل منه شخصا لا يستطيع الاعتناء بنفسه ولا يستطيع الاعتناء بغيره، يتحول هذا الطفل بمرور الوقت إلى شخص اعتمادى لا يستطيع أن يتحمل المسئولية ولا يشعر بالاستقلالية ولاالثقة بالنفس التى هى أساس الأحساس بالأمان ومفتاح اقتحام المجهول والنجاح فى الحياة، ومن هنا ينبغى أن نعلم أطفالنا كيفية تحمل الإحباط.. "وأنه ليس كل ما يطلبه المرء يدركه" لأن السواء النفسى يكمن فى القدرة على تحمل إحباطات الحياة وغدر الأيام وتباريح الزمان. ومن هنا نستطيع أن نقول: كلما كان الانسان قادرا على تحمل المعاناة وعلى تحمل إحباط فترة زمنية معينة من حياته، سوف ينطلق الى آفاق مستقبلية، وما ينطبق على الانسان عموما بالطبع ينطبق على أبنائنا، فلا ينبغى الإفراط فى تدليل أطفالنا ، وعلى الآباء والأمهات أن يعلموا أبناءهم أن الحياة معاناة واجتهاد واصرار على أن تكون دائماً ما تحب. لا تفرطى فى "الحنية" ويضيف د.إبراهيم أنه من السهل أن تقوم الأم بربط حذاء طفلها وتلبسه ملابسه وتمشط شعره ولكن من الأفضل أن تعلمه أن يقوم بعمل كل هذه الأشياء بنفسه وتعلمه كيفية الاعتماد على نفسه فى أموره الشخصية، ولابد من أن يكون هناك نوع من الحزم والحساب للأبناء فى وقت الخطأ إلا أننا نلاحظ فى الفترة الاخيرة أن كثيرا من الآباء يفرطون فى التدليل لدرجة أن الابن لا يستطيع بنفسه استذكار دروسه بمفرده ولكن يتم ذلك الآن بمساعدة "المدرس الخصوصى" لأن الأطفال لم يعتادوا على كيفية الاعتماد على أنفسهم فى تحصيل واجباتهم ودروسهم، بل أيضاً لم تعط لهم الفرصة للتعبير عن رأيهم أو حتى إبداعاتهم بتلقائية، ومن ثم فإن منهم من يحتاج إلى من يرسم له الطريق فى الكبر. وهناك نوع من التربية يطلق عليه "التربية التعويضية" يجب الالتفات إليها وهى عندما يتعرض الآباء والأمهات فى طفولتهم إلى نوع من الحرمان أو القهر فهم بطبيعة الحال يقومون بتعويض أبنائهم "بالحنية" المفرطة والتدليل الزائد كنوع من التعويض لما عانوه فى الصغر، وهذا خطأ شديد يقع فيه كثير من الآباء، فيجب أن تتسم تربية الأبناء بالاعتدال: فلا تفريط ولا إفراط.