مع النمو المتوقع فى صناعة تحلية المياه، واحتياج مصر إلى نحو 140 مليار متر مكعب من المياه العذبة، بحلول عام 2040، أصبحت مصر بحاجة ماسة إلى الوقوف على أهم متطلبات تلك الصناعة،والتكنولوجيا اللازمة لها، ما دعاها إلى استضافة المؤتمر العربى الدولى حول تحلية المياه فى دورته الحادية عشرة، بالقاهرة يومى 18 و 19 أبريل المقبل، تحت عنوان «توطين صناعة التحلية فى الوطن العربي»، وذلك برعاية وحضور المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، وتنظيم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، برئاسة المهندس ممدوح رسلان. يأتى ذلك فى سياق إجراءات عدة، شرعت مصر فى اتخاذها حديثا، لمواجهة تحديات تراجع مواردها المائية، إزاء إطراد زيادتها السكانية، أهمها الاتجاه إلى مياه البحر، وتحليتها، للوفاء بالطلب الزائد على مياه الشرب، فصدر القرار بالاعتماد على محطات تحلية المياه بالمناطق الساحلية والتوسعات العمرانية، خاصة بعد التقارب الشديد فى تكلفة إنتاج مياه الشرب من المياه العذبة والمحلاة، وانطلاقا من تأكيد الحكومة أن الأولوية لنشر محطات التحلية بالتكنولوجيا الحديثة لخفض نفقات التشغيل، وتكلفة الإنتاج، كضرورة استراتيجية. فى هذا الصدد، عقد المهندس مصطفى مدبولى، وزير الإسكان، فى الأسبوع الماضى، مؤتمرا صحفيا، للتعريف بالحدث المهم الذى تستضيفه القاهرة، بحضور خبراء المياه وممثلى الوزارات المعنية وقيادات الشركة القابضة. وشرح خلاله أهمية عقد المؤتمر فى مصر للمرة الأولى، منذ إطلاقه أول مرة فى بيروت ثم انتقاله إلى مدينة الرياض بالسعودية فى دوراته العشر السابقة، حيث حقق نجاحا ملحوظا فى نشر المعرفة بتحلية المياه. وأوضح أن مصر ستحقق إنجازات فى مجال التحلية اعتمادا على الخبرة المشتركة المتبادلة بين الأطراف العربية وأهمها السعودية، وأن الأولوية لوزارة الإسكان فى المرحلة الحالية ستكون لنشر محطات التحلية بالتكنولوجيا الحديثة لخفض نفقات التشغيل، وتكلفة الإنتاج، كضرورة استراتيجية. تجارب المؤتمر من جهته، قال المهندس ممدوح رسلان إن مؤتمر «توطين صناعة التحلية فى الوطن العربي»، الذى ستشهده القاهرة، سيتولى عرض التجارب والخبرات الناجحة لتطوير تقنية تحلية المياه، ويستهدف تشجيع وتقوية التعاون العلمى والبحثى لإجراء الدراسات المتخصصة التى تناسب بيئة المنطقة، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فى مشروعات تحلية المياه من خلال عرض الفرص الاستثمارية فى إنشاء وتشغيل وصيانة محطات التحلية، والإسهام فى نقل وتوطين تقنيات التحلية للمنطقة العربية، ورفع مستوى العاملين فى مجال تحلية المياه. وأكد أن تحلية المياه لم تعد عملية مكلفة بل أصبحت تقارب إنتاج المياه العادية التى تكلفنا نحو خمسة جنيهات للمتر المكعب لإنتاجها ونقلها إلى المناطق النائية بينما تتكلف المياه المحلاة نحو سبعة جنيهات للمتر المكعب. وكشف أن مصر قامت بتحديث أول محطة توجد بالغردقة لتنتج ثمانين ألف متر مكعب يوميا، وأنه تُوجد لدينا خطة متكاملة للاعتماد على الطاقة الشمسية، واستخدامها فى محطات تحلية المياه خاصة فى المناطق النائية. وأشار إلى أن هناك برنامجا، بالتعاون مع جامعة القاهرة، لتخريج مهندسين متخصصين فى كل ما يتعلق بالمياه خصوصا فيما يتعلق بالتحلية، وأنه تمت إضافة منهج خاص عن التحلية بالمعاهد الفنية تمهيدا لتخريج (فنى تحلية مياه)، وأن مصر ستحتاج إلى 140 مليار متر مكعب من المياه العذبة بحلول عام 2040. أما الدكتور رفعت عبدالوهاب، مقرر المؤتمر، فتحدث عن الجوانب التنظيمية له، موضحا أن المؤتمر سيشهد مناقشات مهنية عدة، بالإضافة إلى الندوات العلمية وحلقات العمل الموجهة إلى المتخصصين من مختلف القطاعات المتعلقة بمجال تحلية المياه، وأنه سيشارك فيه وزارات الكهرباء والطاقة والأشغال العامة والمنظمة الدولية لتحلية المياه بالأمم المتحدة والبنوك الاستثمارية والجامعات ومراكز البحوث. تعديل.. وإدارة وفى خلال المناقشات التى أعقبت التعريف بالمؤتمر، قال الدكتور محمد عبدالعزيز الفوزان، رئيس اللجنة العلمية وخبير هندسة تحلية المياه: ليست القضية هى إتاحة أحدث التكنولوجيات بل أنسبها للمنطقة العربية، فنحن لا نستهدف التقنيات بل الاقتصادات، فى ظل القدرة الحقيقية للاقتصاد العربى على مواجهة التحديات التنموية به، وكذلك أنسب التكنولوجيات المناسبة للبيئة العربية بخصوصياتها المختلفة، مضيفا: «فى السعودية نعتمد على شبكة طولها 18 ألف كيلو متر لتنقل مياه التحلية إلى البيوت». ومن جانبه، قال الدكتور على أبو سديرة خبير البيئة: نحتاج إلى تعديل فى التشريعات القانونية حتى لا تصطدم محطات التحلية بقانون البيئة، إذ حدد القانون نوعية المياه العادمة التى تُلقى بالبحار، مضيفا أنه من الضرورى التوافق الفعلى بين القانون وهذه المحطات. بينما أوضح الدكتور حسين العطفي، الأمين العام للمجلس العربى للمياه، أنه سيتم إطلاق الشبكة العربية للمعرفة حول مياه التحلية لنشر الثقافة المائية. ومن جهتهم، طالب خبراء بنشر أنواع من المحطات تنتج كهرباء ومياها للتحلية فى الوقت نفسه، واستخدام تكنولوجيا النانو فى إنتاج المياه، إذ تستهلك كهرباء أقل لإنتاج مياه أكثر. والأمر هكذا، ختم المهندس ممدوح رسلان، المؤتمر الصحفي، بقوله: «تقرر إسناد إدارة محطات تحلية مياه الشرب إلينا، وأرجو أن نُوفق فى إدارتها، ولدينا الآن فرصة ذهبية للمضى قدما فى هذا الاتجاه، بعد النقص الحاد فى كميات المياه، وبالتالى لا بد من البحث عن مصادر بديلة، وهذا هو التحدى الذى سنواجهه»، وفق وصفه.