من محطة لتحلية المياه على شاطئ شرم الشيخ انطلقت «الشروق» فى رحلة للوقوف على المراحل المختلفة التى تتحول فيها مياه البحر إلى مياه صالحة للشرب، فسكان المدينة السياحية يعتمدون بالأساس على 10 آلاف متر مكعب يوميا، هى إجمالى إنتاج محطتها الحكومية الوحيدة.. وربما تتحول مصر خلال سنوات قليلة إلى تحلية مياه البحر بشكل أوسع، لأن مرحلة المياه «السهلة» انتهت وانتقلنا ببساطة إلى مرحلة الفقر المائى. فى شرم الشيخ (حوالى 550 كيلومترا من القاهرة) يشير الناس إلى «شاطئ المياه» الذى لا يبعد كثيرا عن السوق القديمة بوسط المدينة.. وهى تسمية غريبة لأن عادة كل الشواطئ أن تكون على المياه، فهى شواطئ البحر الأحمر الذى تطل عليه المدينة السياحية.. لكن عندما يتحدث السكان عن ذلك المكان تحديدا فهم يقصدون محطة تحلية مياه البحر التى تغذيهم بمياه الشرب، إذ تعتمد المدينة بالكامل على المياه المحلاة، كما يشرح المهندس عمرو عبدالعظيم، مدير عام المحطة: «تحلية مياه البحر تبدأ بسحب المياه من مسافة 850 مترا من الشاطئ، بعيدا داخل البحر لتجنب ملوثات الأنشطة البشرية، وذلك عن طريق ماسورة بزاوية ميل تسمح بتدفق المياه داخل خزان المحطة المقامة على شاطئ البحر، وبما لا يؤثر على طبيعة الحياة البحرية. تدفع الطلمبات (المضخات) المياه إلى خزان التغذية داخل المحطة عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب مثل الرمال الناعمة والطحالب صغيرة الحجم التى كانت أصغر من مصفاة المأخذ. تعلق الشوائب بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التى تنقل بواسطة ماسورة فى أسفل كل فلتر إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة المتر يساوى مليون ميكرون التى تحتوى على شمع ميكرونى لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة». ويستكمل مدير المحطة شرح تفاصيل عملية تنقية المياه، موضحا أنها تمر بعدها على طلمبات ضغط عالى، ثم على وحدة الأغشية التى تحتوى على 48 أنبوبا، حيث تجرى عملية التحلية لإنتاج مياه صالحة للشرب، وتُعرف هذه الطريقة بالتناضح العكسى، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان قبل ضخ المياه فى الشبكات، وتبلغ نسبة الملوحة الناتجة من المحطة ما بين 350 و420 ملليجرام ملح على كل لتر مياه. يبلغ إجمالى إنتاج المحطة 10 آلاف متر مكعب يوميا، لكن بعض الأماكن فى شرم الشيخ تصل إليها المياه مرتين فقط فى الأسبوع، بسبب نقص الإنتاج، كما يقول المهندس عمرو عبدالعظيم. كما أن بعض سكان شرم الشيخ يرون أن المياه التى تتم تحليتها بواسطة محطات مياه أخرى تابعة لشركات خاصة تكون «غير صالحة للشرب»، من وجهة نظرهم، لأن نسبة ملوحتها عالية بخلاف ما تعودوا عليه، وبالتالى هم يفضلون المياه المعبأة فى زجاجات. يعلق بسام مبروك، مدير أحد المطاعم السياحية بخليج نعمة: «ندفع 2800 جنيه شهريا قيمة استهلاك المياه. والمطعم به فلاتر لتنقية مياه التحلية لاستعمالها فى غسل الأوانى، ولكن الفاكهة والخضروات نقوم بغسلها بمياه معبأة». فى أحد مقاهى السوق القديمة، يقدم عمر السيد المياه المعبأة لزبائنه، بينما يستخدم المياه المحلاة فى أغراض النظافة والاستحمام فقط. هذا على الرغم من أنه يستخدم المياه المحلاة بواسطة محطة شرم الشيخ الحكومية، ويقول: «مياه محطات التحلية غير صالحة للشرب لأن نسبة الكلور فيها عالية وشبكات المياه أيضا لا تصلح». أهل المدينة لا يستسيغون طعم المياه المحلاة، وهو ما يبرره المهندس عمرو عبدالعظيم بأن غالبية الخزانات فى المنازل ملوثة لأن أصحابها لا يقومون بصيانتها، كما أن معظم الوصلات المنزلية مصنوعة من الحديد وتتفاعل مع الماء فتغير طعمه، والأفضل أن تكون المواسير من البلاستيك. أما المهندس عمرو سعودى، استشارى تخطيط محطات تحلية المياه، فيفسر عزوف المواطنين عن شرب مياه البحر بأنها «حالة نفسية»، لأنهم تعودوا على عناصر الأملاح بمياه النيل، والتى تختلف عن مياه البحر. وبالتالى الأفضل، فى رأيه، تحلية مياه البحر وتعبئتها فى زجاجات بلاستيكية عن طريق شركات خاصة تتعاقد مع الشركة القابضة، وأخرى صالحة للاستخدام العادى للمواطنين، حتى يتم التغلب على العنصر النفسى. لكن يظل الأمر متعلقا بالتكلفة لا الطعم، لدى غير القادرين على شراء المياه المعبأة. يشير المهندس عمرو سعودى إلى أن الشركة القابضة للمياه تقوم بتحلية مياه صالحة للشرب ويستهلك المواطن نحو 10 لترات يوميا فى الشرب والأكل، فى حين أن 90 بالمائة من المياه المحلاة تستخدم فى أغراض غير مخصصة للشرب مثل غسل الأوانى والاستحمام. ويضيف سعودى أن متوسط استهلاك الأسرة المكونة من 5 أفراد يقدر ب50 لترا يوميا ويتكلف حوالى 30 قرشا، ويستهلكون 1500 لتر شهريا يبلغ سعرها 9 جنيهات، باعتبار أن سعر المتر المكعب 6 جنيهات. وعلى هذا النحو يكون إجمالى ما يدفعه المواطن لا يتجاوز 15 جنيها شهريا، ويمكن توجيه استخدام المياه المحلاة فى المواسير لأغراض أخرى مثل الاستحمام والزراعة. أحلى من النيل أول أعراض زيادة نسبة الملوحة فى مياه الشرب، هو إصابة المواطنين بأمراض الكلى، وهو ما نلاحظه بسهولة فى مناطق الدلتا والصعيد التى لا تصل إليها خطوط مياه الشرب وتعتمد على الآبار الجوفية، فزيادة نسبة أملاح الألومنيوم أو الفوسفات فى المياه يمكن أن تؤدى إلى تكوين حصوات بالكلى ثم الفشل الكلوى، كما يؤكد المتخصصون. وبالتالى، معرفة مدى جودة مياه البحر المحلاة فى شرم الشيخ تأتى من مستشفيات المنطقة. الدكتور أحمد محفوظ، هو رئيس قسم الكلى والمسالك البولية بمستشفى الطور ومسئول الغسيل الكلوى بمديرية الشئون الصحية بجنوبسيناء، يقول إن السجلات الصحية بالمحافظة تحدد عدد المصابين بمرض الفشل الكلوى بحوالى 40 مواطنا موزعين على كل مدن المحافظة (عدد مواطنى جنوبسيناء حوالى 160 ألف نسمة)، ومعظم حالات الإصابة بالفشل الكلوى تكون بسبب ارتفاع ضغط الدم والسكرى. ويؤكد الدكتور محفوظ: «محافظة جنوبسيناء بها أقل معدل إصابة بالفشل الكلوى على مستوى محافظات الجمهورية». نظريا، المياه المحلاة فى شرم الشيخ لا تقل جودة عن مياه النيل النقية (بل وربما أفضل منها إذا ما نظرنا إلى معدلات الإصابة بالفشل الكلوى فى القاهرة مثلا). ولا يعتمد كل مواطنو جنوبسيناء على المياه المعبأة أو الآبار، فالموظفون داخل المدن لا يسمح دخلهم بهذا، مثل سيدى أحمد على العزب، عامل نظافة بمحطة شرم الشيخ لتحلية مياه البحر منذ 14 عاما. العزب (56 سنة) يتولى تحضير الشاى والقهوة بمياه التحلية للمهندسين والعمال. وعندما تطلب منه كوبا من المياه المحلاة بالمحطة تحلية المحطة، يأخذك إلى صنبور المياه بعد انتهاء المرحلة النهائية من المعالجة، ويملأ الكوب ليروى عطشك. شراء الماء فى سيناء من طقوس الحياة اليومية - رويترز ملح المالح يقول المهندس خالد مرشد، خبير محطات التحلية بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى التابعة لوزارة الإسكان، إن ملوحة مياه البحر الأحمر تتراوح ما بين 40 و45 ألف ملليجرام من الملح فى كل لتر مياه. أما البحر المتوسط فتبلغ نسبة ملوحته، وفقا للمصدر نفسه، 38 40 ألف ملليجرام، ومياه النيل 250 400 ملليجرام ملح، ومنظمة الصحة العالمية حددت ألا يزيد الحد الأقصى لملوحة مياه الشرب على 500 ملليجرام ملح لكل لتر مياه، وألا تزيد أملاح الكلوريدات عن 240 ملليجرام لكل لتر، وملح البورون لا يزيد على 2.4 ملليجرام لكل لتر، وتبلغ نسبة الملوحة الناتجة من محطات التحلية ما بين 350 و420 ملليجرام ملح لكل لتر مياه. وبالتالى فى حالة جنوبسيناء، لا شىء يمنع تحلية مياه البحر، بل على العكس هى من الضرورات لأن نقل مياه النيل إليها يكاد يكون مستحيلا. على الجانب الآخر من البحر الأحمر، تتلقى محافظة الغردقة مياه النيل عبر خطين: الخط الأول ينقل المياه من منطقة الكريمات (أول طريق الصعيد) حتى مدينة الغردقة بمسافة حوالى 440 كليومترا لنقل 100 ألف متر مكعب يوميا منذ 16 عاما. وهو الخط الذى يغذى حاليا مناطق العين السخنة ورأس غارب وغالبية المدن التى توجد قبل الغردقة. هذه المناطق جميعها تحصل على نصف كمية المياه التى كانت مخصصة للغردقة. الخط يسير عكس اتجاه الطبيعة لأن منسوب الأرض يرتفع كلما اتجهنا جنوبا، وترتفع تكلفة صيانة الخط لكثرة محطات الرفع الموجودة بجبال العين السخنة التى يصل ارتفاعها إلى 325 مترا. أما الخط الثانى فيمتد من محافظة قنا إلى سفاجا بطول 160 كليومترا، ويتفرع عند مدينة سفاجا فى اتجاهين جنوبا لمنطقة القصير وشمالا للغردقة، وهذا الخط يتميز عن الخط الأول لأنه متسق مع الانحدار الطبيعى للأرض وتم إنشاؤه فى ستينيات القرن الماضى، ولكن به عدة مشكلات لأنه يسير وسط سلسلة من الجبال، ما يؤدى إلى كسور كثيرة فى الخط وصيانته غالبا تكون بصفة يومية لإصلاح الكسور. يقول المهندس خالد مرشد إن إنشاء محطات التحلية أفضل لأن تكلفة إنشاء الخطوط من النيل أصبحت عالية جدا، بالإضافة إلى أن محطات الرفع التى تقوم بضخ المياه فى الشبكات تتكلف ملايين الجنيهات. ويشير إلى أن تكلفة إنشاء محطات لتحلية مياه البحر ستكون منخفضة عن إنشاء خطوط نقل المياه بنسبة تتراوح ما بين 40 و50%. عامل انخفاض التكلفة كان ربما ما شجع القوات المسلحة على إنشاء محطة لتحلية المياه فى منطقة باغوش (48 كيلومترا شرق عاصمة المحافظة)، وقد بدأ إنشاء المحطة فى أكتوبر 2011، ودخلت فى الخدمة بعد 18 شهرا فقط، بتكلفة 200 مليون جنيه وطاقة 24 ألف متر مكعب يوميا. لكن تظل تكلفة تحلية المتر المكعب من المياه لا تُقارن بتكلفة تنقية مياه النيل. إنتاج أكثر تكلفة أقل يقول المهندس خالد مرشد، خبير محطات التحلية: «تتكلف تحلية المتر المكعب من مياه البحر ما بين 4 و5 جنيهات، وذلك بحسب السعة الإنتاجية لكل محطة لأنه عندما تزيد إنتاجيتها فإن سعر المتر المكعب يكون أقل فى التكلفة. أما مياه النيل فيصل متوسط تكلفة إنتاج المتر المكعب من مياه الشرب فى القاهرة مثلا إلى 110 قروش». سعر تحلية المتر المكعب من مياه البحر فى المحطة ذات الإنتاجية الصغيرة يكون ضعف سعره فى المحطة الكبيرة، وفقا للمهندس خالد مرشد الذى يضيف: «يوجد نقص حاد فى الموازنة العامة للدولة لتمويل إنشاء محطات التحلية، وأصبحنا نأخذ أقل من نصف المبالغ التى كانت مخصصة فى الموازنة قبل الثورة». محطات التحلية المملوكة للقطاع الخاص فى شرم الشيخ تقوم ببيع المياه للقرى السياحية بسعر يتراوح ما بين 8 و14 جنيها للمتر المكعب، حسب بعد المسافة. فى حين أن تكلفة الإنتاج تتراوح ما بين 4 و5 جنيهات، وبالتالى الشركات الخاصة يكون لديها أرباح، والشركات الحكومية تخسر وذلك لقلة إنتاجها، وانخفاض تعريفة البيع وعدم وجود فائض لبيعه للقرى والمحال السياحية فى مدينة شرم الشيخ. وحسبما يحكى المهندس خالد مرشد فإن تاريخ إنشاء المحطات الخاصة يرجع إلى 15 سنة تقريبا عندما صدر قرار حكومى بحظر إعطاء التراخيص للقرى السياحية، إلا بوجود محطات تحلية ومحطات معالجة للصرف الصحى، وتم السماح لرجل الأعمال حسين سالم وبعض المستثمرين بإنشاء محطات تحلية ومد شبكات أرضية فى المناطق السياحية بشرم الشيخ وبيع المياه للفنادق والمحال، وكذلك توزيع المياه للمواطنين بواسطة شركة سيناء لمياه الشرب التابعة للشركة القابضة. دوامة الروتين يروى المهندس خالد مرشد، خبير محطات التحلية: «أمضيت سنتين لاختيار مكان يصلح لإنشاء محطة تحلية بالبحر الأحمر، لأنه عقب اختيار مكان وبعد انتهاء الدراسات الفنية للإنشاء كنا نكتشف أن هذا المكان محمية طبيعية، ما دفعنى لأن أختار فيما بعد 32 موقعا بالتنسيق مع المحافظة وجهاز شئون البيئة والمراكز البحرية والقوات المسلحة، ومراجعة ملكية الأراضى عن طريق إدارة الأملاك بالمحافظة، ومخاطبة الجهة المالكة للأرض للموافقة على تخصيصها لإنشاء محطة تحلية لأنها مشروع قومى». لكن حاليا تم بيع غالبية الأراضى المطلة على شاطئ البحر الأحمر لمستثمرين عدة، وكان يفترض عند إنشاء منطقة سكنية أو منتجع سياحى أن يخطط للمرافق، ولكن الحكومات المتتالية لم تخصص أماكن لتوصيل المرافق إلى المناطق السياحية. خسارة 1.3 مليون شهريًا تقول المهندسة حنان عمر، مدير عام منطقة شرم الشيخ بشركة مياه الشرب والصرف الصحى بسيناء: «لا يوجد فائض بمياه المحطة لتلبية احتياجات القرى السياحية والمحال التجارية فى خليج نعمة، ونحتاج لإنشاء محطات جديدة تكون طاقتها الانتاجية 100 ألف متر مكعب يوميا لسد العجز الحالى فى مدينة شرم الشيخ وبيع المياه للقرى السياحية التى تقوم بشراء المياه من الشركات الخاصة ابتداء من 8 جنيهات. لكى تربح شركتنا وتغطى خسائرها يجب أن تتوسع فى إنتاج المياه المحلاة ليكون لديها فائضا تبيعه للقرى السياحية»، فتعريفة مياه الشرب للمنازل ب23 قرشا للمتر المكعب، و6.60 جنيه للمحال التجارية، ويشمل السعر خدمة الصرف الصحى، إذ إن الهدف الرئيسى للشركة هو توصيل المياه للمواطنين ودعمهم وفقا لسياسة الحكومة. وتضيف المهندسة حنان أن إنتاج محطة شرم الشيخ 10 آلاف متر مكعب يوميا، وعدد المشتركين نحو 3 آلاف فى متوسط 5 أفراد لكل مشترك، وتحصل شركة المياه 200 ألف جنيه شهريا من المواطنين فى حين أن تكلفة الإنتاج تبلغ مليونا ونصف المليون شهريا، وبالتالى تكون الخسارة مليونا و300 ألف جنيه شهريا. أما المهندس خالد مرشد فيوضح: «نقوم ببيع كل متر مكعب من المياه للمواطن فى الغردقة بحوالى 65 قرشا، و23 قرشا فى شمال وجنوبسيناء، ومجانا للبدو عن طريق توصيل المياه إلى منازلهم». ذلك فى الوقت الذى تؤدى فيه بعض السلوكيات فى محافظات أخرى إلى تبديد مياه الشرب مثل قيام بعض المزارعين فى محافظة مطروح بتوصيل مواسير على الخط الرئيسى، وعند تحرير محضر مخالفة للمتعدين على الخط، ثم إزالة التعدى فى وجود الشرطة يقوم الأهالى بالتعدى على اللجنة والشرطة. ذلك لأن محافظة مطروح تعانى من مشكلة مياه مزمنة، خاصة فى فصل الصيف عندما يأتيها الزائرون من كل حدب وصوب، فتحلية المياه ترتبط أيضا بالكهرباء. مثلا فى مدينة مرسى مطروح الطاقة الإنتاجية لمحطتى الكهرباء بالمدينة قدرها 120 ميجاوات، واحتياجات سكان المدينة فى ازدياد، ومحطات التحلية استهلاكها من الكهرباء عالى، فمحطة المياه التى تنتج 24 ألف متر مكعب يوميا تحتاج إلى محول الكهرباء قوته 6 ميجاوات. وبالتالى أصبح من الضرورى البحث عن مصادر متجددة لتوليد الطاقة مثل الشمس والرياح، ومصادر أخرى للحصول على مياه الشرب بطرق غير تقليدية، فزمن «المياه السهلة» انتهى وموقف مصر المائى صعب. سوق واعدة نصنع 40 % من مكونات المحطات.. وأول كود للتحلية خلال 3 أشهر مصر سوق واعدة لمنتجى ومصنعى محطات تحلية مياه البحر، وذلك لأن الفترة المقبلة ستشهد إنشاء محطات تحلية كثيرة، وذلك عن طريق نظام مشاركة الحكومة مع القطاع الخاص فى التمويل، حسبما يشير الخبراء. تحت حكم الإخوان، بحث الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء السابق، فى بداية شهر يونيو الماضى، مع وفد من رجال الأعمال السعوديين سبل التعاون ودعم الاستثمار السعودى فى مصر، خصوصا فيما يتعلق برفع قدرات وكفاءة محطات الكهرباء وتطوير مشروعات تحلية مياه الشرب. فى الوقت الحالى تصنع مصر حوالى 40% من مكونات محطات التحلية، وفى مقدورها أن تصل بهذه النسبة إلى 80%. كما يقوم المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء بإعداد أول كود مصرى للتحلية بهدف وضع أسس التصميم واشتراطات التنفيذ لمحطات تحلية المياه المالحة. تقول الدكتورة مها مصطفى الشافعى، مدير معهد بحوث الهندسة الصحية والبيئة بالمركز القومى لبحوث الإسكان والبناء التابع لوزارة الإسكان، ومقرر لجنة الكود المصرى للتحلية: «تركزت اهتمامات بلدان العالم خلال السنوات الأخيرة حول الوسائل الحديثة والفعالة لتحلية المياه، إلى جانب الاهتمامات البيئية المختلفة فى اتجاه الحد من مصادر التلوث». يتكون عدد أعضاء لجنة الكود المصرى للتحلية من 22 أستاذا جامعيا ومتخصصا فى مجال التحلية، يقومون بتحديد جميع المسائل التقنية الخاصة بإنشاء المحطات، واضعين فى الاعتبار البعد الاقتصادى وضمانات جودة المياه. وتضيف الدكتورة مها الشافعى أنه من المتوقع انتهاء اللجنة من إعداد المسودة الأولى لكود التحلية وتمريرها على لجنة الصياغة لمراجعتها خلال ثلاثة أشهر. بعدها يتم إرسال قائمة المواصفات لوزارة الإسكان، تمهيدا لاستصدار قرار وزارى بتطبيقها. السعودية على رأس القائمة تشير مُنظمة التحلية العالمية(IDA) فى كتابها السنوى لعام 2013 2014 إلى أن بعض البلدان تعتمد على تقنيات تحلية المياه لتلبية احاجاتها من المياه العذبة، ولا سيما فى منطقة الشرق الأوسط وتحديدا فى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت. وتشير منظمة التحلية إلى أن أكثر من 75 مليون شخص حول العالم يحصلون على المياه العذبة من تحلية مياه البحر أو تحلية مياه الآبار المالحة. وتوجد 10 دول على مستوى العالم رائدة فى مجال التحلية وتنتج 66.4 مليون متر مكعب يوميا وفقا لإحصاء 2011 2012 وهى: المملكة العربية السعودية بنسبة 17٪، الولاياتالمتحدة 13.6٪، الإمارات العربية المتحدة 13.2٪، إسبانيا 8٪، والكويت 4.2٪، تليها الصين والجزائر واليابان وقطر وكوريا الجنوبية. وتشير كذلك منظمة التحلية العالمية فى كتابها الصادر خلال أكتوبر الماضى إلى أن نسبة المياه المحلاة على مستوى العالم وصلت إلى 81 مليون متر مكعب يوميا، ولم تذكر ترتيب الدول العشرة الأولى فى إنتاج المياه المحلاة. وفى الإطار نفسه يؤكد الدكتور محمود أبو زيد، رئيس المجلس العربى للمياه ووزير الرى الأسبق أن الخليج العربى ينتج حوالى 60 بالمائة من إجمالى تحلية مياه البحر على مستوى العالم، وأن فى الوطن العربى يوجد 83 مليون شخص لا تصلهم المياه النقية، ما يعنى أن الدول العربية بعيدة عن تحقيق أهداف الألفية للأمم المتحدة بتوفير مياه نقية ل50% من المحرومين للمياه بحلول 2015. تحت تهديد سد النهضة «مصر دخلت مرحلة الفقر المائى». التعليق للدكتور محمد بهاء الدين، وزير الموارد المائية السابق، على خلفية أزمة سد النهضة الأثيوبى. لأن متوسط نصيب الفرد من المياه، طبقا لمقاييس الأممالمتحدة، يبلغ ألف متر مكعب فى السنة، وأنه بفرض ثبات حصة مصر من مياه النيل، واستمرار معدلات الزيادة السكانية، فإن نصيب الفرد سيتدنى لما هو أقل من حد الندرة المائية المحدد دوليا بقيمة 500 متر مكعب سنويا، وفقا لتصريحات إعلامية لوزير الموارد المائية السابق. وأضاف الدكتور بهاء الدين وقتها أن نصيب الفرد السنوى من المياه لجميع الاستخدامات فى مصر انخفض من 2800 متر مكعب عام 1959 إلى 640 مترا مكعبا العام الحالى. يقول الدكتور مغاورى شحاتة، أستاذ المياه ورئيس جامعة المنوفية الأسبق: «إجمالى المياه المستخدمة فى مصر حوالى 68 مليار متر مكعب سنويا، منها 55.5 مليار نصيب البلاد من مياه النيل، و4 مليارات من المياه الجوفية، و8 مليارات من معالجة مياه الصرف الزراعى والصناعى، ونصف مليار متر مكعب من تحلية مياه البحر سواء من خلال المحطات الحكومية أو الخاصة». ويضيف الدكتور شحاتة أنه فى ضوء محدودية الموارد المائية فى مصر من الضرورى تحلية مياه البحر، والاعتماد على خزانات المناطق الجوفية المالحة فى الصحراء الغربية وشبه جزيرة سيناء، لخدمة المشاريع الصناعية والزراعية والتجمعات السكانية. منذ 7 سنوات أجرت الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى دراسات على احتياجات المناطق النائية والساحلية من المياه عن طريق تحلية مياه البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، وتم وضع المخطط المستهدف للتوسع فى إنشاء محطات التحلية حتى سنة 2037 لإنتاج 1.4 مليون متر مكعب بتكلفة تصل إلى 10 مليارات جنيه، فلدينا حاليا 30 محطة، إجمالى إنتاجها 100 ألف متر مكعب يوميا. جانب من أعمال إنشاء سد النهضة في إثيوبيا