«تنمية وتأهيل دور المرأة في تنمية المجتمع».. ندوة لحزب مستقبل وطن بقنا    المالية تزف بشرى سارة للعاملين بالدولة بشأن مرتبات شهر يونيو    حقيقة تأثر الإنترنت في مصر بانقطاع كابلات البحر الأحمر    عضو بملجس محافظي المركزي الأوروبي يرجح بدء خفض الفائدة في اجتماع الشهر المقبل    مسؤول أمريكي: بايدن في موقف محرج بسبب دعمه إسرائيل في حرب لن تنتصر فيها    اجتياح رفح.. الرصاصة الأخيرة التي لا تزال في "جيب" نتنياهو    وفاة والد سيد نيمار بعد صراع مع المرض    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء بالدوريات الأوروبية والمصري الممتاز والقنوات الناقلة    وليد الحديدي: تصريحات حسام حسن الأخيرة غير موفقة    أفشة: سأحقق البطولة الرابعة إفريقيا في تاريخي مع الأهلي.. واللعب للأحمر نعمة كبيرة    بشير التابعي: جمهور الزمالك سيكون كلمة السر في إياب نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    حصريا جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya الرسمي في محافظة القاهرة    عاجل - مبTHANAWYAاشر.. جدول الثانوية العامة 2024 جميع الشعب "أدبي - علمي"    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    بسبب الخلاف على إصلاح دراجة نارية .. خباز ينهي حياة عامل دليفري في الشرقية    أمير عيد يكشف موعد ألبومه المُقبل: «مش حاطط خطة» (فيديو)    أحمد حاتم بعد انفصاله عن زوجته: كنت ظالم ونسخة مش حلوة مني (فيديو)    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الهاني سليمان: تصريحات حسام حسن تم تحريفها.. والتوأم لا يعرف المجاملات    سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    نشرة أخبار التوك شو| تصريحات هامة لوزير النقل.. وترقب لتحريك أسعار الدواء    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    مصطفى الفقي: معادلة الحرب الإسرائيلية على غزة تغيرت لهذا السبب    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء (تفاصيل)    بوتين: لدى روسيا والصين مواقف متطابقة تجاه القضايا الرئيسية    عبدالمنعم سعيد: مصر هدفها الرئيسي حماية أرواح الفلسطينيين    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    وسيم السيسي: 86.6% من المصريين يحملون جينات توت عنخ آمون    وزير الرياضة: نمتلك 5 آلاف مركز شباب و1200ناد في مصر    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا ممن تفاءل بخيرك فأكرمته ولجأ إليك فأعطيته    أثناء عمله.. مصرع عامل صعقًا بالكهرباء في سوهاج    تحرير 31 محضرًا تموينيًا خلال حملة مكبرة بشمال سيناء    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    شاهد لحظة استهداف حماس جنود وآليات إسرائيلية شرق رفح (فيديو)    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    وزير الشئون الثقافية التونسي يتابع الاستعدادات الخاصة بالدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي    3 فعاليات لمناقشة أقاصيص طارق إمام في الدوحة    اليوم.. التضامن تبدأ صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    تعليق يوسف الحسيني على إسقاط طفل فلسطيني لطائرة مسيرة بحجر    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    ريا أبي راشد بإطلالة ساحرة في مهرجان كان السينمائي    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    وزير الصحة يزور مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي.. ويشيد بالدمج بين الخدمات الطبية واستخدام التكنولوجيا المتطورة    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    أمين الفتوى يوضح متى يجب على المسلم أداء فريضة الحج؟    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهميّة التنوير فى زمن التحوّلات
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 02 - 2017

للإنسان حقّ في الكرامة بمعناها الشامل، بصرف النظر عن أي اعتبارات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.
كما يقع العمل على صون الكرامة الإنسانيةعلى رأس أولوياتنا، في إطار ترسيخ مفهوم المواطنة في الأذهان وتجسيده في الممارسة اليومية.
وكلما أمعنا النظر في حالة الارتباك العالمية، وظواهر الغضب والخوف والإقصاء والتطرف بأبعادها المختلفة، أدركنا أهمية الخطاب الأصيل العقلاني على صعيد الوطن والجبهة الداخلية. هذا الخطاب الذي لا يقصي أحدًا وينطلق من مبدأ تعزيز السلم الداخلي وتحقيق الازدهار للجميع. لذلك، لا بد في هذه المرحلة من تعريف الأولويات والرجوع إلى الأساسيات،وكذلك التحلي بروح الوحدة والصمود التي تجمّع ولا تفرّق بين مكوّنات الوطن الواحد.وهنا أقول: علينا أن نتشبث بالوطن وترابه الغالي وثرواته؛ ظاهرها وباطنها بما يحقق الإعمار المنشود للأرض ومن عليها.
نحن بحاجة إلى مفهوم جديد للأمن يقوم على الثقة والسلام والتعاون وتعزيز أواصر الصداقة على المستويات كافة.ومفهومنا للأمن لا يعني فقط الأمن العسكري أو الصُّلب، لكنه يشمل أيضًا الأمن الإنساني المتمثّل في صون كرامة الإنسان وفي تلبية احتياجاته: الروحانية والوجدانية أولاً، ثم المادية، وأعني بالإنسان هنا المواطن واللاجئ والنازح والمهجّر قسريًّا والمشرّد.
وفي هذا الإطار، نحتاج إلى رؤية ورسالة وأهداف واضحة تستجيب لمتطلبات الواقع وتستند إلى منظومة إصلاح تحقّق تقرير مصيرنا مؤسسيًّا.
ويمكن القول إن إخفاق العقل العربي في فقه الواقع ومآلاته قد أسهم في صناعة التطرف؛ فكأن الحوار والجدل العقلاني قد تحوّلاإلى حالة مأساوية قطعتفيها العدمية سبُل الفكر التنويري وآفاق العقل الرّحبة.
ومع الانتشار المخيف لظواهر التطرف بأشكاله، نتساءل: هل بقيت رغبة لدى العالم فى التعرف إلى الإسلام الحقيقي؟ من الضروري أن نتعاون مع كل من يقف في وجه التطرف بأشكاله، لكن لا بد أن نتذكر أن علاقاتنا مع الآخر قائمة على الاحترام المتبادل وقبول التنوّع الثقافي والديني والإثني في الإقليم.
قفز عدد اللاجئين في العالم إلى 60 مليونا بنهاية عام 2015، وهو العدد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية،كما تمّ تقدير الخسائر الناجمة عن شلل الاقتصادات وتراجع الإنتاج خلال الربيع العربي - الذي بدأت أحداثه عام 2011 - بنحو 614 مليار دولار. (تقرير الإسكوا) ووفقًا لتقرير الهجرة الدولية لعام 2015 المعنون (الهجرة والنزوح والتنمية في منطقة عربية متغيرة)، «تضم المنطقة العربية أكبر عدد من اللاجئين والنازحين في العالم، معظمهم نازحون داخل المنطقة.»
ويمكن القول إنما أُنفق من ثروات أدّت إلى تقويض البلاد وقتل العباد في دول الإقليم يفوق بكثير ما يمكن إنفاقه في سبيل نشر قيَم التنوير والتقدم والمعرفة.
أما آن الأوان أن نسترجع قيَم التنوير في إطار معمار جديد أو هندسة حديثة للنهضة تؤكد كونها متجددة وصالحة لعصر التحولات هذا وليست ذات أفق تاريخي محدود؟ لكن، كيف يمكن إحداث التغيير المنشود وتحقيق التنوير المأمول في غياب العصف الفكريّ الجمعي الذي يرفع رايته مفكرو الأمة ومثقّفوها؟ ما أحوجنا إلى مخاطبة الناس بصوتٍ يعكس التوازن بين فضاءات العقل ونور الإيمان ويدعم مسالك الفكر الحر.خطاب ينطلق من ضمائرنا الحية الحريصة على كل ما من شأنه تعزيزالانتماء وتقوية الذات، فتصبح أخلاقيات التضامن الإنساني واقعًا في علاقاتنا تضمن كرامة الإنسان وقيمة الحياة للفرد والمجتمع على حد سواء.
يجب تأكيد أن سيادة النواميس الدولية تمثل أساسًا للإدارة الحصيفة،بقدر ما تعدّ الضامن الأساسي لحقوق الأفراد. عندئذ،يتحرر المواطن من الخوف ويمارس حقّه في العيش الكريم والنمو والتطور. إن ترجمة هذه التطلعات إلى واقع ملموس تقوم على ثلاثة مبادئ أساسية، أولها: الأمن الإنساني وثانيها: العدالة الاجتماعية، وثالثها: التكامل الإقليمي فيما بيننا؛ حكومات وشعوب ومكوّنات اقتصادية واستثمارية.
نحن اليوم بأمس الحاجة إلى حوار حقيقي بين الأفراد والجماعات والأمم، بحيث ننطلق من أن المواطن هو اللبنة الأساسية للوطن، واعتبار أن ما نشهده اليوم في المنطقة من تحديات واضطرابات في خمس دول عربية يحتّم التعاون في إطار تعريف المشتركات الإقليمية في المشرق والمغرب. فإذا مكّنا المواطن من القيام بدوره وإطلاق طاقاته وتحمّل مسئولياته، ليكون الرّهاب قاسمًا مشتركًا بين الحكومات والأفراد.
إن أي رؤية جديدة لمنطقتنا لا بد أن تأخذ بالحسبان الطروحات الجديدة والإسهامات الفردية التي تصب في مصلحة الأوطان ثم البشرية ومستقبلها،إذ بتْنا نلحظ تفاعلاً أكبر لدول الشرق الأقصى مع قضايا بلاد الشام والإقليم.كما أنه من المشجع رؤيةالتوافق بين روسيا وتركيا وإيران في إطار تنظيم محادثات الهدنة السورية. كما كان توقيع الاتفاق النووي الإيراني خطوة في الاتجاه الصحيح بالنسبة للعلاقات بين الشرق والغرب. لكننا بحاجة إلى نسج منظومة دوليةمُبادِرة بحقّ بدلاً من العمل فرادى؛ مجموعة من الدول تخضع لنظام تراتبي غير منصف.
ولا ريب في أن إعلاء المصلحة العامة وحماية حقوق الإنسان وصون كرامته تشكل الضمانة الحقيقية للعلاقات المستقبلية بين منطقتنا والعالم؛ بين الشرق والغرب. إننا بحاجة إلى نهج جديد جامع وصولاً إلى صوت إقليمي موحّد يمثل الجهات الفاعلة في الإقليم ويحظى بدعم مواطنيه من مختلف الفئات والشرائح.حينذاك، سنشهد انطلاق الحوارات الاستراتيجية القائمة على الأولويات لمعالجة المشكلات ذات الاهتمام المشترك وفي مقدمتها مشكلة الهجرة في الإقليم بأشكالها القسرية والحياتية. فهل نحن بحاجة إلى عقد اجتماعي مؤسّسي إقليمي يتناسب وضرورات المرحلة؟ وهل لدى الجامعة العربية استراتيجية نابعة من دول الإقليم لإطفاء الخلافات وإدارة الأزمات؟ وما آفاق التعاون في إطار مشاريع إعادة الإعمار وحماية تراثنا الإنساني المشترك تحت مظلة بنك إقليمي للتنمية وإعادة الإعمار؟
تلكُم أسئلة محورية تحتاج إلى وقفة تفكّر واستشراف تمنحنا فسحة من الأمل لتحقيق التغييرات المنشودة التي يحلم بها المواطن العربي في كل مكان.
أدعو إلى ذلك اليوم الذي يصبح فيه فضاؤنا العربي والإسلامي فضاء للإيمان والأخلاق والعلم والعمل لا مسرحًا للغضب والحروب المذهبية والدينية؛ يكون فيه رأس المال الحقيقي هو كرامة الإنسان، كما تكون رسالة الوطن حاضرة في القلوب والأذهان. نريد للتاريخ أن يكون عبرة وذكرى نتعلّم منه ولا نُسقطه على واقعنا المأزوم، بحيث نؤسس معًا دربًا للأفكار يفسح المجال أمام حوار مثمر من أجل السلام.
لمزيد من مقالات الحسن بن طلال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.