تتميز المجموعة القصصية «حدود الكادر» للقاصة عبير درويش بالشاعرية ورهافة الحس اللغوى. ورغم أن المجموعة جاءت فى إحدى وعشرين قصة، فإنها تعد نسيجاً واحداً مكتمل البناء متلاحم كحبات العقد لا يمكن انفراط إحدى حباته وإلا اختل السياق. حيث ركزت القاصة على التيمة السوسيولوجية المتجذرة فى المجتمع: وهى قضايا المرأة, فى محاولة لكشف التناقض بين قيم المجتمع المزعومة والواقع المرير الذى تعيشه، واستطاعت القاصة أن تنفذ إلى سريرة شخصياتها المتعددة. ومن الظواهر الفنية التى وظفتها الكاتبة الرمز, كما نلمح فى قصص «حياة، ضفيرة، الحجل في البحر، والظل المنفصل», وقد ساعدت الرموز على تكثيف المعنى الذى تطرحه الكاتبة. كذلك فقد وظفت القاصة التناص فى قصة «حياة» توظيفاً يخدم النص. والتناص هو الاستعانة بنصوص لآخرين لتنوير نص الكاتب باقتباس جزء قصير من أحد تلك النصوص. وهو هنا يستفيد من الموروث الثقافى والفكرى والاجتماعى للأمة، كما لو كان يتداعى من الذاكرة عفو الخاطر, ليخدم النص الأدبى. فضلا عن ذلك وفقت القاصة فى اختيار الغلاف والعنوان، وذلك لأن حدود الكادر المرسوم على الغلاف لامرأة حاضرة الجسد مطموسة الملامح ينطبق على ما قرأناه فى المجموعة؛ فالمرأة تعانى من المجتمع الذى لا يرى منها إلا الجسد، ولا يكترث لقراءة معاناتها أو آلامها التى تجترها بمفردها، بينما الآخر جاء حاضرا بنصف وجه كما رسم على الغلاف، حيث لم يتمكن من احتواء الأنثى فى المجموعة. وهكذا ف «الكادر», كما توحى قصص المجموعة, ليس مجرد الحد الذى يحد صورة الكاميرا، بل يرمز لحياة الأنثى فى مجتمع يرسم لها حدودا مفروضة عليها، ويكبلها بالأعباء، ويزج بها فى مستعمرات الجنون. د. نجلاء نصير دكتوراه فى الدراسات الأدبية والنقدية جامعة الإسكندرية