لا يختلف اثنان على الدور المهم الذى لعبته مجلة الهلال الرائدة فى مجال الإبداع وخدمته والرقى به ومتابعة دورها الريادى فى مجال الإبداع منذ أن أنشأها (جرجى زيدان) فى نهاية القرن الثامن عشر وصدر أول عدد منها فى سبتمبر 1892 لتستمر فى أداء دورها الريادى حتى يومنا هذا. الدكتور [نادر عبد الخالق] واكب حركة الفنون الأدبية فى مصر فى الفترة الممتدة ما بين 1952- 1993 – مُتخذاً من مجلة الهلال أنموذجاً راصداً ومتابعاً لمسار حركة الفنون الأدبية جمعها مظهراً الدور الإيجابى الذى لعبته المجلة ومساهمتها فى ترقية الذوق والإبداع من خلال توضيح الاتجاهات الموضوعية والفنية معتمداً على المنهج التحليلى الذى يقف أمام النصوص محللاً ومنقباً عما فى داخلها من قضايا وأفكار ومدى مطابقتها للواقع فكان كتابه الموسوم [الفنون الأدبية فى مصر فى الفترة 1952- 1993 – مجلة الهلال أنموذجاً] الصادر عن الهيئة العامة للكتاب وثيقة وثائقية مهمة ومرجعاً مهماً بل ضرورياً لكل من يدرس تطور الفنون الأدبية فى تلك الفترة التى حددها المؤلف على مسار ما يزيد على أربعين سنة فتحدث عن نشأة المجلة وظروف الحياة الاجتماعية والفكرية التى أسهمت فى إنشاء المجلة على يد الأديب اللبنانى «جرجى زيدان» عام 1892. ثم أثرها فى الحياة الأدبية والفكرية فى تلك الفترة التى حددها المؤلف، فتناول أهمية ذلك الدور كاشفاً عن دورها الأدبى والثقافى والنقدى والسياسى والاجتماعى والدينى ومدى تأثيرهم المباشر على المادة الفكرية التى قدمتها المجلة وقتئذ. ففى فن الشعر اتجاهاته وخصائصه يتناول الشعراء من أصحاب المذاهب والمدارس والذين كان لهم الأثر المباشر فى توجيه الشعر والشعراء محدداً مواقعهم الأدبية من خلال تجاربهم وحصرها على صفحات مجلة الهلال فقدم الشاعر أحمد شوقى على شعراء المجلة ثم تحدث عن الشاعر (خليل مطران) وتفرده فى نظرته للقصيدة وللشاعر كما حدد مكانة الشاعر العراقى (محمد مهدى الجواهري) وتأثير حياته فى شعره كما تناول جماعة الديوان بالدراسة والتحليل فتحدث عن (عباس محمود العقاد، إبراهيم عبد القادر المازني، وعبد الرحمن شكري) لينتقل بعد ذلك إلى دراسة جماعة أبولو والتعريف باتجاهاتهم الشعرية. وتحدث عن الاتجاهات العامة التى اشتغل عليها شعراء تلك المرحلة ففى الاتجاه القومى وهو أكثر الاتجاهات التى خاض فيها الشعراء نظراً لما شهدته تلك الفترة من أحداث كان أبرزها ثورة يوليو 1952 – ونكسة 1967 – وانتصار أكتوبر 1973 . فقدم المؤلف دراسة مستفيضة عن دور الشعر فى إذكاء الروح القومية فى المجتمع العربى الجديد . وفى اتجاه الشعر الدينى الذى دعا إلى الوحدة ونبذ الفرقة والاعتصام بحبل الله والتسامح الدينى فتناول تجارب كل من الشعراء محمد رجب البيومي، عزت شندى موسي، صالح جودت، كامل أمين. وتناول اللغة والأساليب من خلال تجارب الشعراء عبد الرحمن صدقي، عبد الوهاب البياتي، صلاح عبد الصبور، صالح جودت وحول الصورة الشعرية التى تشكل أقوى العناصر فى تأليف الشعر، فتناول صياغات الصورة الشعرية لدى الشعراء محمود عماد، إبراهيم ناجي، محمود درويش، صلاح عبد الصبور. وفى الموسيقى الشعرية حيث تابع الباحث ما نُشر فى مجلة الهلال من قصائد تنوعت واختلفت وحتى يشير إلى عمق دلالات الموسيقى الشعرية فى قصائد مجلة الهلال تناول تجارب الشعراء أمل دنقل، أحمد سويلم، حسين على محمد، صابر عبد الدايم وغيرهم. أما عن فن القصة: اتجاهاته وخصائصه، تناول الكتاب النشأة والتطور من حيث القصة الاجتماعية التى شهدت تطوراً واضحاً وبحثت فى قضايا اجتماعية كثيرة كقضية المرأة من خلال قصص كل من أبو حديد، عائشة عبد الرحمن، محمود تيمور، يوسف إدريس، محمد مستجاب، ثم القصة الواقعية التى اشتغلت على تصوير المجتمع وتعرية الواقع والكشف عن سلبياته وإيجابياته كما ظهر ذلك فى قصص نجيب محفوظ، ميخائيل نعيمة، بنت الشاطئ، محمد فريد أبو حديد ونرى الواقعية التسجيلية التى تشكل صيغة من صيغ الواقعية كما تجلت فى قصص نجيب محفوظ بالدرجة الأولى كما تناول بالدراسة الواقعية التحليلية النقدية ومحمود البدوى والاتجاه التحليلى النقدى والاتجاه الجنسى عنده بالإضافة إلى موضوع الفردية (الواقعية الاشتراكية) مدللاً بذلك على قصص محمود تيمور، ميخائيل نعيمه ، وفى القصة الدينية التى برز من أهم كتابها عبد اللطيف حمزة، صوفى عبد الله. وكانت هناك أيضا القصة التاريخية والقصص التى استمدت موضوعاتها من التراث الفرعوني. ولم يكشف الكتاب عن سر تجاهل المجلة لفن المسرح ويحلل ذلك كما تناول بالتحليل فن المقال الأدبى واتجاهاته مثلا.