بثوب أسطورى تطل آليس العائدة من بلاد عجائبها فى كتاب لويس كارول على جمهور هذا العرض المبهج الذى كتبه وأخرجه إسلام إمام «أترك أنفى من فضلك»؛ تحدثنا بشغف عن قصة صديقين تراها أهم مما رأته، ليجذبك العرض بفكرة الحكاية من راوٍ محبب ليطأ عالم الديلارتي؛أو كوميديا الحرفة التى ظهرت فى منتصف عصر النهضة وتقوم على حرفية الممثل فموضوعها ارتجالى بنص هيكلى مبسط يهدف للضحك والإمتاع بأدوات مختلفة، لينقلنا العرض لزمن مختلف يطعّم مذاق الحكاية هو زمن هذا المسرح سواء بديكور عمرو عبد الله الموحى بالثقل بستائر ثقيلة تقليدية من القماش مزخرفة فى المقدمة وبلا زخارف فى الوسط والخلفية، أو بملابس الزمن بلمحة أسطورية. «سيسو وبيسو» صديقان شديدا الحب لبعضهما ويتقاسمان كل شيء لكن الفتنة تطل من مستصغر الشرر وكان بابها السخرية من الآخر؛ يسخر بيسو من أنف سيسو الكبير ليتصاعد الأمر لعداء يصبح عائليا كعائلتين إحداهما أنوفها صغيرة والأخرى كبيرة صممت ملابسهما بشكل جذاب موح بتماثل واختلاف لوني، وحين يقترب السلام يتدخل أنفان طويلان لغريبين يثيران الفتنة والتحيز فى كل فريق يشكلان أنفيهما بحسب كل عائلة لتحفيز الصفة المختلفة، ليتطور الأمر لشعار وقناع أنفى لكل عائلة أبرز تضخم ذاتيتها وعنصريتها مع اختيار موفق للأنف كمجسد فكاهى لتفاهة سبب الخلاف إزاء حجمه وما يوحى به دس الأنف من تطفل، تخلل الأمر إسقاطات اجتماعية وسياسية خفيفة كفكرة التعصب المسيحى والمسلم والغلاء، مع الاستعانة بأقنعة موظفة غير مفتعلة وعرائس صممها محمد فوزى كان أميزها التى عبرت ببساطة فكاهية عن الفريقين بأدوات الأماكن التى يملكها كلاهما (مطبخ وحمام) لتشكل فكرة التماثل والتناقض فيها وفى الملابس ما يوحى بالاحتياج والتكامل ويغذى روح اللعبة، فالعرض على بساطته ضم معانى هامة فى سياق مرح راق مع فريق تمثيل جميل الحضور مع التفاتة لتامر الكاشف أحد الغريبين بأداء جاد هزلى منه خلق شخصية للشخصية.