استعرض خالد عكاشة الخبير الأمنى أمس - خلال المؤتمر الدولى الثالث لمكافحة التطرف الذى تعقده مكتبة الإسكندرية بعنوان "العالم ينتفض ..متحدون فى مواجهة التطرف" - جهود مصر لاحتواء التطرف والأرهاب، عددا من المحاور الاستراتيجية المهمة منها التشريعى والأمنى والدبلوماسى والتعليمى والثقافي، وتجربة مصر فى مجال توعية الشباب واحتوائهم مشيرا الى مؤتمر شرم الشيخ للشباب الذى عقد نهاية العام الماضي، وتحدث عن مكافحة التطورات التكنولوجية الجديدة التى تعتمد عليها الجماعات الإرهابية. وأشار سعيد شحاتة - خلال المؤتمر الذى يختتم أعماله اليوم - إلى تجربة الدول الأوروبية ممثلة فى المانياوفرنسا وبريطانيا فى مواجهة الإرهاب، خاصة أنها اكبر دول بها جاليات إسلامية (5 ملايين بفرنسا و4 ملايين بألمانيا و3 ملايين ببريطانيا)، باعتبار هذه الدول أكبر مورد للدواعش الأوروبيين (5 آلاف داعشى ). وقال ان فرنساوالمانيا شهدت أكثر اعمال التطرف والعنف فى أوروبا، وأن هذه الدول فشلت فى دمج مسلميها فى المجتمع، وكذلك فشلت الجاليات الإسلامية فى الاندماج فى المجتمعات الغربية، حيث تفضل العيش فى عزلة وعدم التعرض لقيم مجتمعية جديدة غير التى تربت ونشأت عليها. وحمل حكومات فرنسا وألمانيا وبريطانيا مسئولية عدم القيام بدور كاف فى مواجهة الإرهاب، نتيجة فشل الاندماج والتواصل الاجتماعى ومحاربة تنظيم داعش خارج الحدود، ناهيك عن ضعف دور الرقابة على المساجد بهذه الدول فى تفريغ العناصر المتطرفة. وركز الباحث الأمريكى جون سويني، على أن الإسلام دين عظيم وأن القرآن الكريم يدعو الى المبادئ السامية، داعيا الى ضرورة الحوار بين الأطراف المختلفة وأن تعمل مع بعضها البعض، وتطوير استخدام التكنولوجيا لمواجهة الإرهاب ، وركز على أهمية الاعتناء بالنشء الجديد وتطوير الخطاب الدينى وتهيئة الظروف المناسبة أمام الشباب للتطور. وشرح ظافر العجمى ( الكويت) أبعاد الاستراتيجية التى تتخذها دول مجلس التعاون الخليجى لمواجهة الأعمال الإرهابية، مشيرا الى أنهم طلبوا من الدول الغربية على مدى 15 عاما تقريبا وقف انتاج الإرهاب ، مشيرا الى ما تعرضت له الكويت والسعودية والبحرين من أعمال إرهابية خطيرة. واتهم العجمى إيران بتأجيج أعمال العنف فى منطقة الخليج، عن طريق الدعم المالى والأسلحة وإيواء وتهريب الإرهابين. وختم العجمى كلمته بأن اقتصاد الإرهاب جزء من الاقتصاد العالمي، فى اشارة ضمنية الى أن الإرهاب الذى نشهده فى منطقتنا ليس بعيدا عن تمويل الغرب. ودعا حكومات الدول الخليجية الى ضرورة تبنى سياسة "ادارة الأزمات" بعيدا عن الإملاءات من الدول الخارجية. ولم تجد جميلة سلمان (البحرين) مديرة الجلسة أى مشكلة فى ادارتها، ولكن الأزمة سرعان مااشتعلت عندما بدأت مداخلات الخبراء والمفكرين والباحثين المشاركين . واحتدم النقاش وعلت الأصوات الغاضبة من طريقة إدارة الجلسة التى منحت المتحدثين الوقت الأطول للحديث فى حين قصرت المداخلات على دقيقتين فقط. ولعل من بين المداخلات التى أشعلت القاعة قصور اتهام إيران وتركيا وقطر على أنهم «أس البلاء» فى المنطقة وعدم اتهام دول اخرى (خليجية لم تسم) بانها وراء تمويل الجماعات الإرهابية، وهنا انتفض احد الأكاديميين من جامعة أم القرى مستنكرا توجيه اللوم الضمنى لدول بعينها، واشار الى أن كل دول المنطقة تعانى من الإرهاب والفكر المتطرف. ولم تمر ثوان على هدوء المناقشات حتى احتدمت مرة أخرى حيث أعلن احد الصحفيين رفضه لما أعلنه الباحث المصري-البريطانى سعيد شحاته الذى رفض غضب المسلمين بمجرد نشر رسوم كاريكاتورية عن الرسول الكريم فى حين لم يغضب مسيحيو العالم عندما يعرض أى فيلم سينمائى مسىء لسيدنا عيسي. وبحدوث حالة من الهياج الشديد، اضطرت مديرة الجلسة الى ختامها قبل موعدها، لتتباين أجواء الجلسة المشار اليها مع عنوان المؤتمر العام "العالم ينتفض.. متحدون فى مواجهة التطرف"، ليظل الخلاف فى الحوار قائما حتى عندما نبحث عن حلول لقضايانا المصيرية! وكانت الجلسة الأولى للمؤتمر قد عقدت ، تحت عنوان " التطرف ظاهرة عالمية: رؤى متنوعة" وأدارها باقتدار المفكر السياسى الدكتور مصطفى الفقى ، الذى بدأ الجلسة بحديث عن رؤى متنوعة لظاهرة التطرف، واتسمت مداخلته الاستهلالية ببراعة سياسية وفكرية رائعة، وتدخل بقفشات سياسية لتهدئة المناخ الساخن للجلسة0 وأوضح الباحث البريطانى إدوارد ماركيز الخبير فى الشؤن السياسية أن الجماعات الإرهابية ربطت الدين بالإرهاب والتطرف، واتخذته ذريعة للقتل وسفك الدماء خلال الثلاثين عامًا الماضية، وأن ما يزيد من صعوبة مواجهة تلك الظاهرة هو أننا لا نعرف بالتحديد طريقة تغيير الأفكار التى تربط الدين بالإرهاب والتى يعتنقها المنضمون لتلك الجماعات. ودعا إلى الاهتمام بالتعاون مع المؤسسات الدينية التى تشكل قوة داعمة فى مواجهة تلك الظاهرة التى تربط الإرهاب بالدين لتغيير الأفكار المتأصلة والعميقة التى تتبناها تلك الجماعات. وطالب الدكتور صفاء الدين الفلكى من العراق «النخب الدينية المنفتحة» إلى تبنى قراءة حديثة للدين فى ظل تنامى الصراع الإقليمى الذى اتخذ طابعًا دينيًا منهجيًا، استنفر الموروث الدينى والفكري، فاندفع العامة للانضمام للميليشيات الإرهابية التى لا تقتصر على فئة معينة أو مذهب محدد. وكشف الدكتور طارق دحروج الوزير المفوض بالسفارة المصرية باليونان أرقام المقاتلين الأجانب المنضمين لداعش من الدول الأورومتوسطية والتى تحولت من قضية مقاتلين عابرين للقارات إلى دولة إسلامية لها خلافة ، وأرجع أسباب القضية الى التهميش الذى عانى منه بعض ابناء الجاليات الاسلامية، وأزمة الهوية ومزدوجى الجنسية فى بعض دول أوروبا الغربية والبلقان.