وصفت العديد من التحليلات الألمانية الزيارة التى قام بها وزير الخارجية المصرى سامح شكرى لبرلين قبل أيام بأنها تمهد لدخول العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق على أعلى مستوى فرضتها التحديات التى تواجه البلدين وحاجة كل منهما للآخر فى هذه المرحلة. ورغم كثافة اللقاءات والزيارات الثنائية المتبادلة بين وفود ومسئولى البلدين على مدة الثمانية عشر شهرا الماضية والتى شهدت كذلك خمسة لقاءات بين الرئيس السيسى والمستشارة انجيلا ميركل فى برلين ومحافل دولية مختلفة فضلا عن زيارة نائب المستشارة ووزير الاقتصاد الألمانى زيجمار جابرييل لمصر ثلاث مرات، فأن مباحثات شكرى المكثفة فى العاصمة الالمانية مع ستة من اهم وزراء الحكومة الألمانية ومع مستشارالأمن القومى ومع نائبة رئيس البوندستاج ومع رئيس الأغلبية البرلمانية، هذه المباحثات غير المسبوقة وغير المعتادة بهذا الشكل تؤشر على الأهمية القصوى للملفات محل التشاور وتمهد الطريق امام زيارة المستشارة الألمانية ميركل للقاهرة فى شهر مارس المقبل لتتوج عملية التقارب الألمانى المصري، كما علمت «الأهرام» من الجانب الألمانى وبالنسبة لبرلين كما يؤكد ذلك برلمانى المانى مطلع على ملف العلاقات بين البلدين طلب عدم نشر إسمه، فإن المستشارة الالمانية تنتهج سياسة براجماتية كالعادة تضع المصالح الألمانية نصب عينيها، وهى تحتاج إلى مصربشدة حاليا فى ثلاث ملفات هى محاربة الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط، مكافحة التنظيمات الإرهابية والفكر التكفيري، إعادة الاستقرار إلى ليبيا التى تستغل ايضا كمنصة انطلاق للمهاجرين غير الشرعيين نحو اوروبا ويحاول تنظيم داعش بناء دولة له هناك على غرار سوريا مستغلا الفوضى العارمة والصراع على السلطة، يضاف إلى ذلك والحديث لا يزال للبرلمانى الألمانى هناك مخاوف المانية كبيرة من تعرض الاستقرار فى مصر لأى هزة عنيفة وهو ما سينعكس فورا على امن واستقرار المانيا واوروبا خاصة فى صورة تيارات اللاجئين والمهاجرين المنطلقة من السواحل المصرية. ومن هنا فإن هناك رغبة وجهودا المانية مكثفة فى الأشهر الأخيرة لدعم النظام المصرى سياسيا عبر الإرتقاء بمستوى المشاورات السياسية لمسئولى البلدين واقتصاديا من خلال دعم المشروعات الاستثمارية فى مصر كما فى المنطقة الاقتصادية لشرق القناة والاستجابة لطلب مصر التوسع فى وزيادة ضمانات الإستثمار وسد الفجوة التمويلية فى اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولى والتوسع فى التعاون التنموى والتأهيل المهنى للشباب المصري. وفى هذا الإطار تتحمس المستشارة الالمانية مؤخرا لإبرام اتفاقية مع مصر لمواجهة تيار الهجرة غير الشرعية على غرار تلك المبرمة مع تركيا تحصل مصر بموجبها على دعم مالى واقتصادى لتحمل عبء اللاجئين مقابل التصدى لمحاولات الهجرة غير الشرعية واستعادة المرحلين منهم من أوروبا. ووفقا للسياسى الالمانى فإن برلين تمهد الرأى العام فى المانيا لإبرام هذه الاتفاقية مع مصر من خلال الاعتراف المتكرر فى الأونة الأخيرة بالعبء الواقع على مصر واستضافتها ملايين اللاجئين السوريين والأفارقة على السواء! وفى المقابل فإن مصر مستعدة لإنهاء مشكلة المؤسسات السياسية الالمانية التى توقف نشاطهامثل كونراد اديناور القريبة من حزب ميركل وغيرها، ما يمثل اهمية كبيرة للحكومة الألمانية. ما قاله السياسى الألمانى ل«الأهرام» على هامش زيارة وزير الخارجية سامح شكرى تؤكده التصريحات الرسمية للمسئولين الالمان خلال الزيارة مثل فولكر كاودر زئيم الأغلبية والسياسى المقرب لميركل الذى وصف العلاقات بين البلدين بأنها فى افضل حالاتها مؤكدا ان مصر يمكنها ان تثق فى دعم المانيا لها فضلا عن إشادته بشكل خاص بجهود الرئيس السيسى لتحقيق إصلاحات اقتصادية جريئة فى مصر. كاودر حدد المجالات التى تم الإتفاق مع الجانب المصرى على تطوير التعاون فيها خلال المرحلة المقبلة وهى دعم الاقتصاد المصرى والقطاع الزراعى خصيصا، توفير فرص للشباب المصرى والتعاون فى تأمين الحدود المصرية مع إبرام شراكة مع مصر فى ملف الهجرة فضلا عن التعاون بشكل اوسع فى مجال محاربة عصابات التهريب. وأهم ما قاله كاودر هو انه تجرى حاليا مباحثات مكثفة بين الجانبين للتوصل لاتفاقات ملموسة قبل زيارة المستشارة ميركل للقاهرة. كما اشار هو ووزير الخارجية الالمانى شتاينماير إلى ان هناك مؤشرات على قرب التوصل لاتفاق حول مشكلة المؤسسات السياسية الألمانية العاملة فى مصر. المتحدث باسم المستشارة زايبرت علق ايضا على نتائج مباحثات شكرى والاتصال الهاتقى بين ميركل والسيسى فى ختامها من وجهة النظر الألمانية موضحا اتفاق الاثنين على تكثيف التعاون بين البلدين فى مجموعة واسعة من المجالات ابرزها التعاون الأمنى قى مجال محاربة الإرهاب وتسهيل عمل المؤسسات الألمانية فى مصروالتعاون التنموى وتحسين التعاون فى محال الهجرة مع إعتراف المانيا بالجهود المصرية فى إستيعاب اللاجئين. وتأتى تصريحات شكرى نفسه فى برلين لتؤكد الاتفاق المصرى الألمانى حيث قال ان لهذه المنظمات دور مهم فى دعم المجتمع المدتى ونريد ان نخلق إطارا قانونيا يمكن من حلاله حماية أنشطة هذه المؤسسات وايضا تحديد الأنشطة التى تتجاوز حدود القانون. من الواضح ان استئناف المؤسسات الالمانية السياسية نشاطها فى مصر قريبا فى إطار قانونى سيزيل عقبة كئودا أمام تطوير العلاقات بين البلدين ويطلق يد الحكومة الالمانية فى دعم مصر فى هذه المرحلة كما أن هناك اتفاقات أخرى تتعلق بتسهيل استعادة المواطنين المصريين المرفوضة طلبات لجوئهم فى المانيا وتطوير التعاون الأمنى وفى المقابل تضمن القاهرة دعما سياسيا واقتصاديا من قاطرة الاتحاد الأوروبي.