إبراهيم عيسى: الفكر السلفي معطل للاقتصاد المصري وخطر على الدولة    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9 مايو في محافظات مصر    "قتلوا مدنيين".. بايدن يعلق على قرار أمريكا وقف تصدير السلاح لإسرائيل    زعيمان بالكونجرس ينتقدان تعليق شحنات مساعدات عسكرية لإسرائيل    مصدر: حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية منفتحون نحو إنجاح الجهود المصرية في وقف إطلاق النار    ملف رياضة مصراوي.. تأبين العامري فاروق.. تأهل ريال مدريد.. وقائمة الزمالك    الزمالك يشكر وزيرا الطيران المدني و الشباب والرياضة لدعم رحلة الفريق إلى المغرب    "دوري مصري ومنافسات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    نقل زوجة شريف رمزي إلى المستشفى بعد تعرضها لوعكة صحية مفاجأة    بعد إصدار قانون التصالح| هذه الأماكن معفاة من تلك الشروط.. فما هي؟    انتخاب أعضاء مجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    إعلام فلسطيني: غارة إسرائيلية على حي الصبرة جنوب مدينة غزة شمالي القطاع    التابعي: الزمالك يمكنه حصد الكونفدرالية وأنصح هذا اللاعب بعدم التهور    محافظ الإسكندرية يكرم أبطال سلة الاتحاد عقب فوزهم بكأس مصر    صفقة سوبر على أعتاب الأهلي.. مدرب نهضة بركان السابق يكشف التفاصيل    ميدو يوضح رأيه في اعتراض الزمالك على حكام نهائي الكونفدرالية    إعلام إسرائيلي: تصريح بايدن حول وقف شحنات الأسلحة "زلزال قوي" للعلاقات بين البلدين    نقابة الموسيقيين تنعي كريم عبد العزيز في وفاة والدته    6 طرق لعلاج احتباس الغازات في البطن بدون دواء    تعرف على سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الخميس 9 مايو 2024    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    محمد فضل: جوزيه جوميز رفض تدريب الأهلي    نماذج امتحانات الثانوية العامة 2024 بصيغة «PDF» لجميع المواد وضوابط اللجان    إنتل تتوقع تراجع إيراداتها خلال الربع الثاني    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في السعودية: تخطيط لاستمتاع بأوقات العطلة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    العظمى بالقاهرة 36 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    عيار 21 الآن بعد الزيادة.. أسعار الذهب بالمصنعية اليوم الخميس 9 مايو بالصاغة (آخر تحديث)    نبيل الحلفاوي يكشف سبب ابتعاد نجله عن التمثيل (تفاصيل)    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    توفر مليار دولار سنويًا.. الحكومة تكشف أهمية العمل بجدول تخفيف الأحمال (فيديو)    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    التحالف الوطنى يقدم خدمات بأكثر من 16 مليار جنيه خلال عامين    رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    رئيس لجنة الثقافة: الموقف المصرى من غزة متسق تماما مع الرؤية الشعبية    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    طالب صيدلة يدهس شابا أعلى المحور في الشيخ زايد    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارتفاع الأسعار والاحتكار

أصبح الحديث عن غلاء الأسعار والتضخم هو حديث الصباح والمساء (مع الاعتذار للكاتب الكبير نجيب محفوظ) والشغل الشاغل لجميع الحوارات واللقاءات والمنتديات الفكرية والاقتصادية وحتى السياسية،
وذلك فى ضوء الاوضاع التضخمية التى يعانيها المجتمع المصرى أخيرا. وهنا يشير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء الى ان معدل التضخم (وفقا للأرقام القياسية لأسعار المستهلكين)قد ارتفع خلال شهر نوفمبر الحالى الى 20% مع احتلاقه فى الريف (21.1%) عن الحضر (19.4%)وهى اعلى نسبة تتحقق منذ عدة عقود ناهيك عن الزيادة فى أسعار الطعام والشراب والتى وصلت الى 22.5% فاذا ما اخذنا بالحسبان ما يحدث فى الأسواق حاليا لاتضح لنا ان التضخم فى طريقه الى الزيادة مرة اخري.
ومع تسليمنا الكامل بأن مشكلة التضخم فى مصر ترجع بالأساس الى عوامل عديدة ومتنوعة بعضها يتعلق بالسياسة الاقتصادية الاخيرة مثل التخفيض المستمر فى قيمة الجنيه المصرى ورفع الدعم عن بعض السلع والخدمات مثل البترول والكهرباء والمياه وأيضا السياسة الجمركية، والبعض الآخر يتعلق بأسباب هيكلية فى بنية الاقتصاد القومى والتى يأتى على رأسها تراجع النمو وانخفاض إنتاجية العديد من القطاعات السلعية خاصة الزراعة والصناعة وازدياد الطاقات العاطلة فى العديد من المنتجات، الامر الذى ادى الى تزايد الحاجة للاستيراد لتغطية الاستهلاك المحلي، خاصة من المواد الغذائية ومستلزمات الإنتاج مما انعكس بدوره على المستوى العام للأسعار، الا ان هناك العديد من الأمور الأخرى التى اشعلت نيران التضخم يأتى على رأسها الاحتكارات السائدة بالأسواق،والتى أصبحت سمة أساسية من سمات السوق المصرية ولم تصبح مقصورة على قطاع محدد بل امتدت بآثارها لتشمل معظم قطاعات الاقتصاد،خاصة الاستراتيجية منها مثل الحديد والاسمنت والغذاء والجلود والدواجن وغيرها.
ومما يزيد من تعقيد المشكلة تزامنها مع زيادة نسبة الفقر فى مصر، حيث ارتفعت الى 27.8% عام 2015. والأخطر هو زيادة نسبة الفقر المدقع والتى تصل إلى 5.3%من السكان ويرجع ذلك أساسا الى ارتفاع اسعار السلع الغذائية. ومما يزيد من تعقيد المشكلة ان هناك شريحة لا بأس بها تقع فوق خط الفقر مباشرة، أى الطبقة الوسطى الدنيا، وهى أكثر حساسية لأى تقلبات تحدث فى الأسعار والدخول وأكثر عرضة للانزلاق إلى الفقر حال تغير دخولهم. وعلى سبيل المثال فلو انخفض دخل هؤلاء بنحو 20% سنويا سوف يتضاعف عدد الفقراء إلى الضعف، وسوف يتضاعف مرة أخرى إذا انخفض دخل هؤلاء بنسبة 30% ( وذلك وفقا لبحث الدخل والانفاق).
وكما هو معروف فان التضخم يؤثر بالسلب على أصحاب الدخول الثابتة مثل متحصلى الأجور وأصحاب المعاشات والمتعطلين أو الذين يعملون فى أنشطة هامشية ذات أجور منخفضة، بينما يفيد أصحاب الثروات والتجار والمهن الحرة وغيرهم من أصحاب الدخول المتغيرة.
من هذا المنطلق تأتى خطورة الأوضاع الاحتكارية بالسوق المصرية وهو ما ظهر أخيرا فى العديد من الممارسات فحين قررت الحكومة اعفاء الدواجن المجمدة من الرسوم الجمركية حتى تتحقق المنافسة بهذه الأسواق خاصة وان التخفيض فى قيمة الجنيه كان اعلى بكثير من نسبة الجمارك المفروضة عليها مما اثر بالسلب على أسعار هذه السلعة الا ان الحملة الضارية التى تعرض لها هذا القرار أدت الى تراجع الحكومة عنه مع تعهد المنتجين بضمان تخفيض أسعار الدواجن وهو ما لم يحدث بل العكس ارتفعت أسعارها مرة اخرى واصبح المستهلك خاضعا لهذه الممارسات. وكان قد سبقه احجام المستوردين عن استيراد السكر نتيجة لارتفاع أسعاره مما ادى الى نقص شديد فى المعروض بالأسواق وارتفاع أسعاره، ناهيك عن قيام شركات الحديد برفع الأسعار بصورة كبيرة وغير مبررة على الاطلاق، وغيرهم الكثير من الممارسات التى تؤكد الاضرار البالغة على الاقتصاد القومى نتيجة لسيطرة مجموعة معينة على أسواق سلعة محددة فيما يطلق عليه احتكار القلة.
وعلى الرغم من وجود قانون لمنع الممارسات الاحتكارية، الا انه اغفل تماما العوائق التى قد تحول دون تحقيق المنافسة فى السوق اذ قد تمنع اللوائح والقوانين القائمة الشركات من الدخول للأسواق إما من خلال قيود مباشرة على تأسيس شركات جديدة او من خلال فرض شروط مبالغا فيها للدخول للسوق واستخدام الوسائل غير المشروعة فى صنعها، ناهيك عن سيطرة هؤلاء المحتكرين على منظمات الاعمال ومن ثم القدرة على التأثير فى صنع القرار الاقتصادى وهكذا تتخذ القرارات فى الشأن العام وفق اعتبارات المصلحة الخاصة، وليس وفق اعتبارات المصلحة العامة. وبعبارة اخرى فهناك مجموعة معينة تقوم بالتحكم فى الأسعار او الاسواق وتعمل على إقصاء المنافسين من السوق ويصبح من الصعوبة الدخول أو الخروج من السوق.
وهنا يصبح من الضرورى العمل على مواجهة السلوك الاحتكارى والوقوف على افضل السبل لتحقيق الكفاءة الاقتصادية للمجتمع والحيلولة دون الممارسات الضارة بالمجتمع. مما يساعد على كفاءة عمل الأسواق ويحد من الضغوط التضخمية.
وهنا تجدر الإشارة الى ان هناك خطأ شائعا فى المجتمع يرى ان اقتصاد السوق يعنى الحرية المطلقة لأصحاب الاعمال والتجار وغيرهما من اللاعبين الأساسيين فى فرض سطوتهم على الأسواق والتحكم فى الأسعار، وهو غير صحيح على الاطلاق اذ ان المفهوم الصحيح لاقتصاد السوق يشير ببساطة الى تفاعل قوى العرض والطلب فى إطار مؤسسى وقانونى سليم يضمن عمل الأسواق بطريقة صحيحة وهو ما يتطلب وجود إطار مؤسسى قوى ينظم هذه العملية. مما يساعد على خفض معدل التضخم، وتدعيم المؤسسات التى تضمن عدم تفاقم الضغوط التضخمية الناجمة عن هذه العملية ووضع الضوابط التى تحول دون تفاقم التضخم. وإزالة المعوقات القائمة التى تعوق قدرة بعض المؤسسات على الاضطلاع بمهامها. كل هذه الأمور وغيرها تمكن الاستثمار الجاد من التفاعل مع آليات السوق والمنافسة فى ظل مناخ يتسم بالشفافية، وبالمزج بين المساندة والرقابة الفعالة من مؤسسات الدولة.
من هذا المنطلق فان مواجهة مشكلات التضخم تحتاج الى ارادة قوية تعمل على تفعيل دور الدولة لتعويض أوجه النقص فى عمل نظام. السوق. وهو ما يتطلب بالضرورة إطارا قانونيا سليما يضمن تفعيل المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وضمان حماية المستهلك،وضمان انضباط الأسواق ومحاربة التضخم وهى إحدى الآليات الجوهرية لحماية حقوق جميع الأطراف فى المجتمع، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال وجود رقابة فعالة على الأسواق تهدف الى مواجهة الأفعال والتصرفات الضارة بالسوق ذاتها، وكذلك لمواجهة الآثار السلبية الناشئة عن أفعال تهدف إلى الأضرار بالمستهلك.
لمزيد من مقالات عبدالفتاح الجبالى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.