سأل «جوردن كريج» المخرج الإنجليزي،أحد الجمهور: لماذا تذهب إلى المسرح؟ فأجاب: «إن الذى يستهوينى ويجيء بى للمسرح،هو هذا الميل الشديد فوق العادى إلى الشعور بالمستحيل والأداء البالغ فى كل ما آراه فوق هذه الخشبة». إنه إذا فن المسرح هذا الساحر الذى بلغ من العمر آلاف السنين. فعندما وجد الإنسان على سطح الأرض حاول أن يسخر القوى الطبيعة من حوله، فلجاء إلى ممارسة السحر فى محاولة منه للتأثير على البيئة المحيطة به, وإرضاء الطبيعة, أو طمعا فى طلب ما.فمارس هذه الطقوس بشكل جماعي، جمعت فى محتواها المجموعة السحرية والتى ضمت «الرقص، التمثيل، والغناء» فكانت ظهور لأول حالة مسرحية. ثم نشأت الدراما بشكل مقنن فى حفلات «ديونزيوس» والتى ضمت طقوساً وأناشيد وابتهالات سحرية هى الآخرى، وأنتشرت الثقافة المسرحية فى المجتمعات، وأصبحت هناك رغبة فى مشاهدة الأعمال المسرحية وكأنه نوع من السحر جذب إليه البشر دون أن يدركوا. كما أن هذه الحالة السحرية كانت بمثابة إلهام للعديد من الكتاب الذين أخذوا السحر كفكرة لبناء أعمالهم المسرحية. وعلى مر التاريخ نجد نصوصاً خالدة وكتاباً مازالوا أحياء من أثر السحر الفنى والإنسانى فى محتوى أعمالهم بداية من نصوص المسرح اليونانى قبل الميلاد مرورا إلى العصر الحديث، أعمال احتوت جميعها على مشاهد وشخصيات سحرية جذبت لها القاريء والمشاهد وكأنه وقع ضحية هذا السحر خاصة عندما يشاهد الشخصيات الدرامية وهى تخرج من النص لتقف حية على خشبة المسرح فى مواجهة مباشرة مع الجمهور،ثم تحدث عملية التطهير وكأنك خرجت من جلسة سحرية. ناهيك عن مجاذيب المسرح الذين وقعوا ضحية هذا السحر بالرغبة فى العمل المسرحي، سواء كان تمثيلا أو تأليفا أو إخراجا، أو حتى المواظبة على مشاهدة الأعمال المسرحية. ثم ينتقل بنا المسرح فى العصر الحديث إلى عالم أكثر سحرا، عالم الجماليات والتقنيات والإبهار والتكنولوجيا، حيث سحر الإضاءة التى جعلت الممثل يطير ويختفي، وتقنيات خشبة المسرح، لكى تتحول فى بعض العروض إلى منصات متحركة،وأخرى مليئة بالمياه، والمؤثرات الصوتية،وسحرالموسيقى، وسحر المناظر والأزياء، وأيضا الاستعراضات المبهرة. إنه عالم المسرح الذى اهتمت به الكثير من الدول وأصبح من ضمن معالمها الحضارية والثقافية، هذا الساحر العجوز الذى ينقلنا من عالم الواقع إلى عالم السحر والخيال.