جاءت الانتخابات الرئاسية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية لتكون نتائجها فوز ادونالد ترامبب وهزيمة «هيلارى كلينتون»، وهو الأمر الذى قوبل بسعادة بالغة لكل من يأمل من الرئيس الأمريكى الجديد محاربة فعلية للإرهاب، وإيقاف الدعم الأمريكى للجماعات الإرهابية المسلحة بالمنطقة العربية، كما قوبل أيضاً بحزن رهيب من قِبل جماعات الربيع العربى الكاذب التى شعرت بأن الخط الساخن للتمويلات الأمريكية قد يتوقف أو يصيبه الانسداد لفترة من الزمن قد تطول. وفى الداخل الأمريكى احتفل أنصار «ترامب» كل على طريقته الخاصة، وامتلأت رئتاه بهواء الانتصار الانتخابى بعد شوط طويل من الدعاية الانتخابية والمناظرات العلنية، وفريق من مؤيدى «كلينتون» خرج فى تظاهرات احتجاجية على هزيمتها، فقد شعروا أن بيتهم الأمريكى قد سلب وأن رجلاً خطيراً لا يتوقع احد تصرفاته قد استولى على البيت الأبيض. وفى حقيقة الأمور، أن الأمر لا يعنى كثيراً على مستوى الإستراتيجية الأمريكية التى لا تتغير بفعل تبديل الرؤساء ما بين ديمقراطى وجمهوري، فمعلوم أن المخططات الأمريكية ثابتة لا يصيبها التغيير، وإنما الممارسات اليومية والآنية هى التى تمتلك المرونة الكافية لتتماشى مع أى من الحزبين الأمريكيين، ولا يجرؤ أحد أن يتجاوز الخطوط الأمريكية الحمراء بالهيمنة والسيطرة على منطقة الشرق الأوسط، ومحاولات إعادة رسم خارطة سياسية وجغرافية جديدة، تنهى دول قائمة وتنشئ دويلات جديدة على الهوى الأمريكى بمنظور طائفى ومذهبي، كى تتوازن مع الكيان الصهيوني، وليصير هو القوة الضاربة فى المنطقة، تلك هى الأمانى والأحلام الأمريكية التى لن تخرج عنها السياسات بغض النظر عن مسمى الرئيس أو الحزب الحاكم. إن مشكلة جزء من شعبنا العربى هو انتظار الانتصار مقدم هدية من الأعداء، إما بتراجعهم عن مخططاتهم، أو بتبنيهم سياسات جديدة غير معادية، أو بانقلابهم على بعضهم البعض، وفى هذا الإطار كانت شريحة من الشعب العربى بمختلف أقطاره تنتظر فوز «دونالد ترامب» بمقعد الرئاسة الأمريكية كى يحارب الإرهاب الذى اعترفت اهيلارى كلينتونب بصناعته فى وقت سابق. والحق أن هذه المجموعات الاتكالية من شعبنا العربى لا تقدم شيئا من أجل الانتصار، ولا تدفع أى ثمن فى المعركة ضد الإرهاب، بل ترغب فى أن تكون دوماً المفعول به لا الفاعل. ولنا فى جيوشنا العربية بمصر وسوريا والعراق مثلاً يحتذى به فى المواجهة والمبادأة فى دحر قوى الإرهاب وعصاباته، وعدم الاتكال على من صنعوه بالأساس، إن الحق لا يأتى صاحبه وهو جالس فى طوابير الانتظار، بل يأتيه حينما يدفع الثمن ويقدم أولاً ضريبة النصر من دم طاهر يروى الأرض والوطن، فالنصر سيأتينا لأننا نواجه ونقاتل لا لأننا ننتظر «ترامب» ليعطف علينا ويوقف دعمه للإرهاب. ودعونا نتوقع ما لن يحدث، إذا أوقف «ترامب» دعمه للإرهاب فعلياً، هل سيعيد إلينا شبابنا الذين ارتقوا شهداء بسبب الأطماع والمؤامرات الأمريكية؟!، هل سيعيد إلينا البنية التحتية التى تهدمت بسبب أسلحتهم التى قدموها إلى الإرهاب؟!، هل سيحارب الإرهاب الذى صنعوه دون أخذ المقابل من ثرواتنا، ودون أن يضمن استثمارات أمريكية لدينا وسوقاً لصناعاته؟!.إنها أسئلة إجاباتها معروفة للجميع، فلن يفعل «ترامب» كل هذا إن فعل دون ثمن ولن يعيد من قتلوا، ولن يبنى ما تهدم، فلنكف عن الاتكال، ونقاتل بشرف، ولنتيقن أن العدو لن يمد يديه بالثمار إلا إذا كانت مسمومة. علينا إذن أن نتكاتف معا، مصر وسوريا والعراق، جيوش عربية فى مواجهة الإرهاب، علينا أن نخوض المعركة إلى النهاية، نعم قد نستثمر الانتخابات الأمريكية لمصلحتنا، لكن دون اتكال أو اعتماد عليها. لمزيد من مقالات د. رياض سنيح;