هل تشعر أنك تعيش فى زمن صعب.. غريب وكئيب.. الناس فيه أصبحوا وحوشا بقلوب لا رحمة فيها؟.. إذا كان هذا هو شعورك.. فلست وحدك.. فالبشر فى كل مراحل التاريخ.. كانوا مثلك.. يتملكهم هذا الشعور.. كانوا يعتقدون أنه لا يوجد أسوأ من أيامهم.. وأنهم لسوء حظهم جاءوا إلى الحياة فى فترة من أشد فترات التاريخ قبحا واضطرابا.. ولكنهم لو ألقوا نظرة على الماضى لأدركوا أنه فى كل العصور.. وفى كل الأماكن كان هناك نصابون.. ومجرمون وخونة وسفهاء ومنافقون ومحتالون.. ففى عام 1820 ظهر فى لندن رجل اسمه «جريجور ماكجريجور» مدعيا أنه حاكم دولة من دول أمريكا الجنوبية اسمها بوياس.. وأنه يبيع لمن يرغب قطع أرض فيها.. المخدوعون الذين صدقوا كذبته كادوا يموتون من الصدمة عندما رست سفينتهم على شواطيء أمريكا الجنوبية.. وأخبرهم السكان الأصليون بأنه لا توجد دولة فى قارة أمريكا كلها اسمها بوياس. أيضا فى كل الأزمنة.. كان الناس لأتفه الأسباب.. يقتلون بعضهم بعضا.. لذلك لا ينبغى أن تتصور أن البشر فى العصر الحالى فقدوا إنسانيتهم وتحولوا إلى وحوش عندما تقرأ فى صفحات الحوادث فى الصحف والمجلات.. خبرا عن رجل قتل جاره لأنه وضع سيارته فى المكان الذى اعتاد هو ترك سيارته فيه.. ولا تنسى أنه فى العصر الفيكتورى كان النبلاء يتبارزون بالسيوف لأن كلب أحدهم هاجم كلب الآخر..أيضا.. فى كل الأزمنة والأمكنة.. كانت الشائعات مزدهرة.. والأكاذيب تجد من يروجها ويضخمها.. والاحتيال يجد من يؤيده ويصدره.. والدجل يجد من يمارسه ومن يصدقه.. وفى كتاب ظهر منذ نحو 175 عاما يحمل اسم «أوهام شعبية» ذكر مؤلفه «تشارلز ماكاي» أنه كان يوجد فى بلاط الملك لويس الخامس عشر رجل اسمه سان جيرمان تظاهر بأنه اكتشف إكسير الحياة بحيث يمكنه أن يجعل أى شخص يعيش لعدة قرون.. وأطلق شائعة عن نفسه تقول أنه ليس شابا.. بل يبلغ من العمر 500 عام.. ولتأكيد هذه الكذبة كان يروى قصصا من التاريخ ويدعى أنه شهدها بعينيه.. وكانت قدرته على حفظ ما يقرأ ومهارته فى سرد الحكايات.. تقلب المائدة على رؤوس منتقديه.. فلا تتعجب عندما تسمع قصص الدجالين.. أو تسمع أن الشرطة قد قبضت على رجل يزاول مهنة الطب منذ عشرين عاما وهو لم يتخرج فى كلية الطب.. إنه أمر يحدث فى كل الدول.. ففى ألمانيا والتى تعد أحد أكثر دول العالم تقدما فى مجال الطب تمكن ساعى بريد اسمه »جبرت بوستيل« من مزاولة مهنة الطب خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.. وقد اكتشف أمره فى عام 1997 قبل أيام من صدور قرار بترقيته ليشغل منصب كبير الأطباء فى مستشفى ساكسونى للأمراض النفسية والعصبية. لذلك ليس أمامنا إلى أن تسترد البشرية وعيها وضميرها سوى أن نردد مقولة الكاتب الأمريكى «مالكوم برادبري»: «الحياة صعبة.. وما الجديد؟!». لمزيد من مقالات عايدة رزق;