قد يبدو أن ما أعلنه المخرج والموسيقى السويسرى باسكال فيجلينو قبل بدء العرض المسرحى «ماعت رع » الذى شاركه فى إنتاجه وإخراجه الموسيقى المصرى وائل سامى الخولى والذى قدم الأسبوع الماضى على مسرح الفلكى بوسط البلد مثيرا للدهشة. فبعد الترحيب بالجمهور نصحهم بعدم البحث عن اية قصة درامية فيه.. يأخذنا العرض فى رحلة بين الموسيقى والأصوات ومشاهد حركية وأدائية وتمثيلية تذكرنا بلحظات من حياتنا اليومية. ماعت رع هو نتاج ورشة مسرحية موسيقية لوائل سامى الخولى وباسكال فيجلينو تحت رعاية المركز الثقافى السويسرى بروهيلفسيا. ومن خلال الورشة عمل كل من المخرجين الموسيقيين بالأساس مع ابطال العرض (9 فنانين من مجالات مختلفة) على تناول أى وسيلة تعبير من خلال رؤية موسيقية واستلهمت منهج كتاب المؤلف الموسيقى الامريكى حون ميلتون كيدجsong books والذى اهتم بمبدأ الصدفة فى التأليف الموسيقي. فى بدء الورشة عمد المخرجان إلى دمج فكرهما بالحضارة المصرية القديمة واستخدام كروت التاروت (قراءة الطالع) القديمة واستلهام آلهة الحق والتوازن ماعت ابنة أله الشمس رع. ومن هنا بدأ المشاركون فى تكوين مشاهدهم مستلهمين رموز ومدلولات تلك الكروت. ومع تطور الفكرة أصبح لكل حركة ولكل عنصر مستخدم فى العرض إيقاعه الخاص وموسيقاه. لوح معدنى طيع يشكل حاجزا يقف خلفه احد الممثلين ومع لمسه أو الاقتراب منه يملأ الصوت المكان ..ويبدأ المختفى فى الظهور وقرع اللوح فى مشهد يتحدى به الخوف والحدود ليغنى بصوت عذب فى النهاية.. اللوح المعدنى نفسه يظهر مرة أخرى ويصبح رمزا للحدود التى تعيش بداخلها امراة أو إنسان آخر يسعى لحريته.. تتداخل الموسيقى والعزف الحى فى بعض المشاهد وتعتمد مشاهد أخرى على الحكي، ويقوم الممثلين أنفسهم بعزف إيقاعاتهم الخاصة مستخدمين أدوات مختلفة: صفارات، لعب أطفال إيقاعية، صناديق من الكرتون بأحجام مختلفة.. تبدو الخطوات هادئة وتتطور فيما بعد لتصبح روتينية .. يحمل الممثلون الراقصون صناديقهم ويحاولون رصها وتسعى واحدة منهم فى إيقاع لاهث إلى قرع الصندوق الكبير وصف الآخرين، فهى تحاول الاستمرار فى إيقاعها الروتينى المشابه لحياتها اليومية المليئة بالأعباء... صناديق كثيرة تستخدم فى تشكيل سينوغرافيا المسرح فى نهاية العرض وتشكل بصورة ما المدينة وعمرانها العشوائى المزدحم.. نستمع جيدا للإيقاعات .. إنها إيقاعات حياتنا اليومية.