بات موضوع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالأشخاص ولاسيما النساء والأطفال ظاهرة عالمية، تحتل المرتبة الثالثة فى التجارة غير المشروعة على مستوى العالم، ولذلك أصبحت من أهم الموضوعات التى يبحث المجتمع الدولى حلولا لها حاليا نظراً لسلبياتها على الدول الطاردة، أو خطورتهاعلى الدول الجاذبة للعمالة بسبب البطالة والفقر والحروب، ورغم ابتلاع البحر للآلاف من موجات الهجرة غير الشرعية. برغم كل ذلك الا أن السماسرة وتجار الموت مازالوا يتخذون منها وسيلة للكسب السريع، كما أن بعض الضحايا الناجين يكررون المحاولة مرة أخرى، ولذلك تحرك المشرع المصرى لمواجهة هذه الظاهرة بتشريع جديد آملا فى الحد منها وردع المتاجرين بالبشر، ولكن هل راعى القانون الوليد تداعيات هذه الظاهرة ومسبباتها لتحقيق المواجهة الناجزة، أم جاء كرد فعل لكارثة مركب رشيد ؟. اللواء عصام الترساوى مساعد وزير الداخلية الاسبق يقول: لقد صدرت إتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة « باليرمو2000 » فى – 41- مادة وألحق بها بروتوكولان الأول عن مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو فى -25 - مادة والثانى عن منع و قمع لحق أو معاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال فى -20- مادة واعتبرت هذه الأعمال من قبل الجرائم الخطيرة، والتى يعاقب عليها بالسجن مدة لا تقل عن أربع سنوات أو بعقوبة أشد «أصبحت الدول الأطراف ملزمة بتطبيق القواعد بعد أن صدقت عليها» حيث تعتبر مشكلة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالأشخاص سيما النساء والأطفال من أكثر الجرائم المنظمة انتشاراً فى الآونة الأخيرة، بدءاً من دولة الانطلاق أوالمنشأ مروراً بدول العبور وصولاً إلى الدول المستقبلة أو دول المقصد نظراً لبشاعتها، حيث يتعرض فيها الضحايا للموت بكافة أشكاله أو السجن، وقد بدأت دول الإتحاد الأوروبى وبإصرار شديد مواجهة هذا الأمر لفرض الغرامات أو الحبس على أصحاب الأعمال الذين يستقبلون العمالة الوافدة دون اتباع الإجراءات القانونية، ونظراً لما يقوم به الوافدون من أعمال أخرى تقع تحت طائلة القانون منها الاتجار بالمخدرات أو الدعارة أو غسل الأموال وغيرها من الجرائم الأخرى. وفى مصر كانت مبادرة المجلس القومى للطفولة والأمومة بإنشاء وحدة جديدة تختص بمكافحة ومنع الاتجار فى الأطفال فى ضوء ما صدر من شعار «أوقفوا الاتجار بالبشر فوراً « وكانت الدعوة إلى فرض قانون جديد لمواجهة الهجرة غير الشرعية، والمعلوم أنه ليس بالقانون وحده تتم المواجهة بل يكون أحد الآليات التى تتخذ فيها تدابير أخرى من جانب بعض الوزارات المعنية، وقد بدأت وزارة القوى العاملة والهجرة بتعديل قانون العمل والسماح بإنشاء شركات جديدة لتشغيل العمالة المصرية بالخارج و فتح أسواق العمل للشباب، وتفعيل أعمال اللجنة العليا للتخطيط واستخدام القوى العاملة فى الداخل والخارج ووضع استراتيجية التشغيل والاستفادة من فرص العمل المتاحة داخلياً وخارجياً، كما تقوم وزارة الداخلية باتخاذ الإجراءات الأمنية للحيلولة دون قيام عصابات تهريب المهاجرين أو الاتجار بالأشخاص بالقيام بأعمالها غير المشروعة، وضبط قضايا وعصابات تهريب التسفير أوالتسهيل إضافة إلى تشديد الرقابةعلى المنافذ البرية والبحرية والجويه كما تقوم وزارة الخارجية بمتابعة وحل مشاكل المهاجرين غير الشرعيين بقدر الإمكان. نظرة على القانون قبل التصويت لقد تضاربت الأرقام المتوافرة عن الحجم الحقيقى لسوق الاتجار بالبشر، وكلها عبارة عن مؤشرات ليس الا ، وأصدر مكتب الأممالمتحدة المعنى بالمخدارت والجريمة فى تقريره عام 2009 ، عن الاتجار بالبشر ووصفها بانها جريمة مخزية وانها استرقاق , وتتضمن استغلال الناس وشكلا حديثا من أشكال الرق وأن معظمه وطنى أو إقليمى ,وضرورة وضع آليه دولية لرصد اتجاهات وأنماط الاتجار بالبشر، ومن ثم أرى أن القانون -64 لسنة 2010- بشأن مكافحة الاتجار بالبشر والذى جاء فى «30 مادة » ضعيف وبه خلل تشريعى وقصور ولا يلبى متطلبات المكافحة وما جاء بالمواثيق الدولية ، وكان مجلس النواب على مستوى الحدث «سواء قبل أو بعد كارثة حادث مركب رشيد» وفى أول دورته البرلمانية الثانية لدور انعقاد المجلس الأول فى 4 أكتوبر 2016 ، تمت الموافقة من حيث المبدأ على مشروع قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية, وتأجل النظر لجلسة 16 اكتوبر 2016، للتصويت النهائى واكتمال النصاب القانونى, وتم التأكيد على أن الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر جريمتان متميزتان وتمثلان بعض الإشكاليات الإجرامية المتداخلة. اللواء عصام الترساوى ضرورة تغيير مسمى القانون ومن القراءة الأوليه لمشروع القانون إضافة الى مسألة طرحة على الحوار المجتمعى، ينبغى ضرورة تغيير مسمى القانون الى « مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر أومكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر « أسوه بالبروتوكولين المرفقين باتفاقية باليريمو 2000، وما جاء عن اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر» مادة 1 / 9 – ومادة 28 « وإضافة عبارة الاتجار بالبشر فى كل مواد القانون بعد عبارة تهريب المهاجرين ، ويتضمن الفصل الأول تعاريف « فى 12 فقرة « إضافة بيان المقصود بالاتجار بالبشر وفق ما جاء بالفقرة « أ من المادة 3- المصطلحات المستخدمة من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر « وإعادة دراسة موقف المهاجر الشريك ، أو المهاجر من المنافذ غير الشرعية أو المهاجر «العائد» لأكثر من مرة , وهل يعتبر أيضا ضحية أم مجرما فى عرف القانون؟ ومسئولية أهالى الاطفال غير المصحوبين « الأقل من 18 سنة « وتعريضهم للخطر « مادة 6 /ج / 4 « على الدول الأطراف اتخاذ تدابير ضد أى شخص يعد سلوكه جرما بمقتضى قانونها الداخلى ، بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين « وعدم التوسع فى مسألة الإعفاء من العقوبة « م 12 و 14 «وفى المادة 20 / أ « تعدد وسائل النقل تحذف عبارة «وكانت مسجلة لدى جمهورية مصر العربية أو تحمل علمها « – حيث من المتصور استعمال وسائل أجنبية، وتحديد أماكن الدخول والخروج برا وبحرا وجوا، وإضافة كلمة أو مصادرة بعد تجميد فى المادة «23 « ، ورفع مقدار العقوبة الى أربع سنوات على الاقل والغرامة المالية الى مليون جنيه كحد ادنى , وذلك فى إطار تبنى الاتجاه العقابى المتشدد والجزاءات الرادعة اتساقا مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة ..
الخلط بين الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر لا يفوت ما جاء بالمذكرة الايضاحية لمشروع القانون من الاطلاع على بروتوكول مكافحة الاتجار بالبشر والقانون الملغى , واتباع اللجنة التنسيقية لمكافحة تهريب المهاجرين بعض الضوابط فى وضع المشروع وخاصة ما جاء بالبند – رابعا- «الحرص على اقتصار المشروع جرائم تهريب المهاجرين» ثم الحديث عن الاتجار بالبشر فى مواد الاصدار واللجنة ولا يذكر شيئا عنه بعد ذلك, مما يوجد لبسا وخلطا بالاوراق، فهناك خط فاصل وأوجه اتفاق وأختلاف بينهما ولا يجوز ترك ذلك الى اللائحة التنفيذية ، والا لا يرجع الى ما جاء عن الاتجار بالبشر كليا ويكون له قانون آخر ؟ ولكن مازال الوقت متسعا أمام مجلس النواب حتى يأتى القانون متوافقا مع الدستور ومراعيا الاتفاقيات الدولية. وقبل ان يسقط ضحايا اخرون