كشفت رابطة ألمانية للصحافة الاستقصائية تشارك فيها صحيفة زود دويتشه تسايتونج أخيرا معلومات تفصيلية عن زيادة غير مسبوقة فى ميزانيات الأجهزة الأمنية فى المانيا. حيث ستحصل ادارة حماية الدستور ( الاستخبارات الداخلية ) فى موازنة عام 2017 على 307 ملايين يورو بزيادة قدرها 18 %. اما جهاز الاستخبارات الخارجية الالمانى فستصل ميزانيته العام المقبل إلى 808 ملايين يورو بزيادة قدرها 12%. ومن بين التفاصيل المسربة، أن المخابرات الخارجية الالمانية ستخصص 73مليون يورو لمراقبة برامج الاتصالات وتمويل مشروع يطلق عليه اسم «بانوس» لاكتشاف الثغرات فى برامج التواصل والتراسل الفورى مثل خدمة واتس أب وغيرها. اما جهاز حماية الدستورالمنوط به حماية الأمن الداخلى فيعتزم، حسب التسريبات، تعيين مئات الموظفين والخبراء الجدد لمراقبة شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى وما يسمى بالإنترنت الخفي، الذى تجرى فيه أنشطة غير مشروعة وتعاملات سرية مثل الإتجار فى الاسلحة. ما يحدث فى المانيا اليوم هو توسيع لصلاحيات الأجهزة الأمنية سعيا لرقابة شبه مطلقة على اتصالات المواطنين وتحركاتهم وبياناتهم الشخصية فى إطار سياسة يتبناها وزير الداخلية المسيحى الديمقراطى توماس دى ميزيير مستغلا الاعتداءات الأخيرة التى شهدتها البلاد فى ميونخ وانسباخ وفورتسبورج، وخاصة الاعتداءين الأخيرين اللذين قام بتنفيذهما لاجئان احدهما سورى والآخر افغانى او باكستاني. فقد اعلن دى ميزيير بعدهما عزمه سد الثغرات فى قوانين محاربة الإرهاب الالمانية مبررا ذلك بأن مواطنين كثيرين لديهم مخاوف من وقوع اعتداءات جديدة وبالتالى عليه ان يفعل ما فى وسعه لتحقيق الأمن. المستشارة انجيلا ميركل ايضا تعهدت للمواطنين بذلك. غير ان الفارق بينهما ان المستشارة تؤكد للألمان ان المانيا مستهدفة من الإرهاب منذ سنوات طويلة من قبل دخول موجة اللاجئين إليها، ومنذ قررت المشاركة فى محاربة طالبان والقاعدة فى أفغانستان ومالي، اما وزير الداخلية دى ميزييرفيربط صراحة بين اللاجئين الذين دخلوا المانيا ومعظمهم من المسلمين من سوريا والعراق وافغانستان وبين خطر الإرهاب. ويدلى بتصريحات خطيرة مثل تأكيده ان هناك إرهابيين بين اللاجئين فى المانيا، وهو يثبت ذلك من خلال عمليات مداهمة دورية لدور اللاجئين فى الولايات الالمانية يتم خلالها الكشف عن خلايا نائمة واشخاص يروجون لداعش إلخ. ولا يفيد هنا ان يختم الوزير تصريحاته دائما بنصيحة لم يعد لها اى معنى حاليا وهى ضرورة عدم وضع جميع اللاجئين فى قفص الاتهام! وليست فقط تصريحات وزير الداخلية هى المشكلة وانما كذلك الكثير من الإجراءات المقترحة لتحقيق الأمن فى المانيا والتى لا علاقة لها بمحاربة الإرهاب. فمن ناحية لا احد يعترض على زيادة قوات الأجهزة الأمنية والشرطة ورفع جودة تسليحها ومستوى انتشارها فى المدن. وكذلك لا اعتراض على الترحيل السريع لمن يخالف القانون من اللاجئين ويشكل خطرا على الأمن او يروج لتنظيم إرهابى او يدعمه. ولكن من ناحية اخرى هناك مطالب لوزراء داخلية الإتحاد المسيحى الديموقراطى فى الولايات بحظر البرقع او النقاب فى المانيا ما اثار هنا جدلا عقيما انتقدته أحزاب المعارضة والروابط الإسلامية، خاصة وان من يرتدين النقاب فى المانيا عددهن لا يتجاوز العشرات. وتسبب هذا النقاش فى زيادة حالات التعرض للنساء المحجبات فى المانيا. كذلك المطالبة بتخفيف قانون السرية الطبية للأطباء والمقصود هنا الذين يشرفون على الرعاية النفسية للاجئين ونسبة كبيرة منهم تعرضت لصدمات وتجارب مريعة وتخشى الأجهزة الامنية من سهولة وقوع بعضهم تحت تأثير الأفكار الجهادية .