تشهد الدورة ال71 للجمعية العامة للأمم المتحدة اهتماما خاصا بقضايا منطقة الشرق الأوسط، خصوصا الأوضاع فى كل من سوريا وليبيا واليمن، والقضية الفلسطينية، وما يرتبط بهذه القضايا من تداعيات يأتى على رأسها تدفق اللاجئين، وتنامى ظاهرة الإرهاب العابر للحدود، وغياب الأمن، كما تتناول الدورة عددا من القضايا المتعلقة بالقارة الإفريقية، فى إطار جهود التنمية ومكافحة الفقر، وهو ما يعطى أهمية كبيرة للمشاركة المصرية فى اجتماعات الجمعية العامة الحالية، بوصفها أحد ممثلى إفريقيا فى مجلس الأمن، وأيضا لرئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي. وتسعى الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة، التى تأسست عام 1945 وتضم 193 عضوا، إلى البناء على ما تم التوصل إليه خلال العام الماضى من قرارات ووثائق مهمة، منها أجندة التطوير الشامل للمجتمع الدولى حتى عام 2030، والتى تضم مكافحة الفقر والجوع والأمراض وعدم التكافؤ الاجتماعي، واتفاقية التصدى للتغيرات المناخية، وتتركز أهم القضايا التى ستناقشها الدورة ال71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والمشاركة المصرية فى أعمالها وعلى هامشها فيما يلي: أولا- الهجرة واللاجئين: يحتل موضوع التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين مكانا بارزا فى جدول أعمال الدورة ال71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، لدرجة جعله شعارا لهذه الدورة، حيث سيتم عقد اجتماع رفيع المستوى حول اللاجئين والمهاجرين، يرأس وفد مصر فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومن المقرر أن يتناول الاجتماع سبل التوصل لحلول فعالة للتعامل مع أزمة تدفق اللاجئين نتيجة الصراعات القائمة، ويهدف الاجتماع إلى جمع البلدان حول نهج أكثر إنسانية وتنسيقا. وحسب موقع الأممالمتحدة الرسمى على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) تعد هذه المرة الأولى التى تدعو فيها الجمعية العامة لاجتماع على مستوى رؤساء الدول والحكومات بشأن التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين، وأشار الموقع إلى أنها فرصة تاريخية للتوصل لمخطط استجابة دولية أفضل، واعتبر الاجتماع نقطة تحول لتعزيز إدارة الهجرة الدولية وفرصة فريدة لإيجاد نظام يتسم بالمزيد من المسئولية وإمكانية التنبؤ للاستجابة للتحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين. وفى اليوم التالى لهذا الاجتماع، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة، من المقرر أن يستضيف الرئيس الأمريكى باراك أوباما مؤتمر قمة القادة بشأن اللاجئين، والذى سيناشد الحكومات أن تتعهد بالتزامات جديدة ذات شأن فيما يتعلق باللاجئين. ثانيا- التحديات الأمنية: تمثل التحديات الأمنية إحدى أكبر المشكلات التى يشهدها العالم حاليا، والتى ترتبط ارتباطا وثيقا بقضية اللاجئين أيضا، حيث يشهد العالم تأججا لعدد من الصراعات والنزاعات التى أدت إلى انتشار التسلح، والسباق نحو امتلاك أسلحة الدمار الشامل، بالإضافة إلى تنامى ظاهرة الإرهاب، الذى أصبح عابرا للحدود، وضرب خلال الفترة الأخيرة عددا من الدول التى كانت تتوقع أنها بمنأى عن هذه الظاهرة، ومن المتوقع أن تتناول النقاشات مسألة تمويل الجماعات الإرهابية وتسليحها، وأيضا محاولة مكافحة الأفكار المتطرفة التى تمد هذه الجماعات الإرهابية بالمزيد من المتطوعين من جميع دول العالم، وستمثل هذه الاجتماعات فرصة لتطرح مصر من خلالها رؤيتها لمكافحة الإرهاب، وتعرض التجربة المصرية فى هذا المجال. وفى السياق ذاته سيعقد مجلس الأمن الدولى اجتماعا وزاريا حول الإرهاب وأمن الملاحة الجوية، ومن المقرر أن يرأس وزير الخارجية سامح شكرى وفد مصر فى هذا الاجتماع. ثالثا- قضايا النمو الاقتصادى والتنمية المستدامة: من أهم القضايا التى ستناقشها اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها ال71، حسب جدول أعمال الدورة، تحقيق النمو الاقتصادى المطرد والتنمية المستدامة وفقا للقرارات ذات الصلة الصادرة عن الجمعية العامة والمؤتمرات التى عقدتها الأممالمتحدة أخيرا، وما يتعلق بهذه المجالات من التزامات للدول، من بينها مسألة المناخ والطاقة والقضاء على الفقر ومواصلة تنفيذ عقد الأممالمتحدة الثانى للقضاء على الفقر (2008- 2017)، والتنمية الزراعية والأمن الغذائي، وتنفيذ إعلان الالتزام بشأن فيروس نقص المناعة (الإيدز)، وعقد دحر الملاريا (2001- 2010) بالبلدان النامية، خصوصا فى إفريقيا، والتنفيذ والمتابعة لنتائج المؤتمرات الرئيسية ومؤتمرات القمة التى تعقدها الأممالمتحدة فى الميدانين الاقتصادى والاجتماعي، وتسخير تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لأغراض التنمية. رابعا- الأزمة السورية: تعتبر الأزمة السورية أحد الأسباب المهمة لتفاقم مشكلة اللاجئين، لذلك تحظى باهتمام دولى متزايد جعلها بين القضايا التى ستتم مناقشتها فى نيويورك، حيث سيعقد مجلس الأمن الدولى جلسة رفيعة المستوي، بشأن سوريا فى 21 من سبتمبر يحضرها رؤساء وفود الدول الأعضاء فى مجلس الأمن. خامسا- الأوضاع فى ليبيا: تشهد مدينة نيويورك يوم 22 من سبتمبر الجاري، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، اجتماعا وزاريا حول ليبيا بمشاركة عدد محدود من الدول بينها مصر، ويهدف هذا الاجتماع الذى سيشارك فيه وزير الخارجية سامح شكرى إلى دفع جهود تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، لضمان تنفيذ اتفاق الصخيّرات وتعزيز جهود الأمن والاستقرار فى ليبيا. سادسا- القضايا الإفريقية: بالإضافة إلى ما يخص القارة الإفريقية من نقاشات فى الجمعية العامة للأمم المتحدة حول قضايا التنمية والأمن ومكافحة الإرهاب وغيرها من القضايا العامة، سيتم تنظيم عدد من الاجتماعات واللقاءات المتعلقة بالقارة السمراء بمشاركة مصرية، ومنها اجتماع لجنة الرؤساء الأفارقة المعنية بتغير المناخ، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذى سيناقش نتائج مؤتمر أطراف اتفاقية باريس حول تغير المناخ، فضلاً عن التحضير للدورة القادمة للمؤتمر التى ستعقد فى مراكش خلال شهر نوفمبر 2016، كما ستترأس مصر قمة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقى يوم 22 سبتمبر، والتى ستتركز على متابعة الأوضاع فى جنوب السودان، وبحث سبل تنفيذ اتفاق التسوية السياسية هناك. كما سيشارك وزير الخارجية سامح شكرى فى الاجتماع التنسيقى لوزراء خارجية الدول الإفريقية أعضاء مجلس الأمن، وفى الاجتماعات الرفيعة المستوى المعنية بتناول الأوضاع فى مالى والصومال وحوض بحيرة تشاد. سابعا- الملفات العربية والإسلامية: لن تغيب الملفات والقضايا العربية والإسلامية عن اجتماعات نيويورك، سواء فى الدورة ال71 للجمعية العامة للأمم المتحدة أو على هامشها، حيث سيترأس وزير الخارجية سامح شكرى وفد مصر فى عدد من الاجتماعات الوزارية التنسيقية، أهمها اجتماع وزراء الخارجية العرب، والاجتماع الوزارى السنوى لدول منظمة التعاون الإسلامي، واجتماع وزراء خارجية مجموعة ال77، كما سيشارك فى الاجتماعات الرفيعة المستوى المعنية بتناول الأزمة الإنسانية فى العراق، وستكون القضية الفلسطينية حاضرة بقوة، فى ظل التحركات الدولية الحالية من مصر وفرنسا وروسيا سعيا لإحياء عملية السلام وعقد مؤتمر دولى للوصول إلى حل عادل وشامل، وكذلك الأوضاع فى اليمن والتطورات التى تشهدها على الأرض. ثامنا- اللقاءات الثنائية: بالإضافة إلى المشاركة المصرية الفعالة فى نشاطات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والاجتماعات التى ستعقد على هامشها، سواء على المستوى الرئاسى أو الوزاري، ستكون للقاءات الثنائية التى سيعقدها الرئيس عبدالفتاح السيسى مع عدد من القادة المشاركين فى أعمال الدورة ال71، وكذلك اللقاءات التى سيجريها وزير الخارجية سامح شكرى مع نظرائه، دور كبير فى تنمية العلاقات الثنائية بين مصر وتلك الدول سياسيا واقتصاديا، وتأكيد اضطلاع مصر بدورها على الصعيدين الإقليمى والدولي.