قومي المرأة: العمل على إعداد دليل عن "تمكين المرأة المصرية"    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج التخطيط والتنمية الزراعية بزراعة سابا باشا جامعة الإسكندرية    عبد العال: مخابز القاهرة تعمل بكامل طاقتها طوال أيام إجازة عيد الأضحى    تعرف على خريطة 10 مشروعات نفذتها مصر لحماية الشواطئ من التغيرات المناخية    قساوسة كنيسة مارجرجس يحتفلون بعيد الأضحى مع أطفال مستشفى الأورام في الأقصر    وصول 9 آلاف طن سولار لميناء الزيتيات قادمة من تركيا    صرف مساعدات مالية ولحوم أضاحي للأسر الأكثر احتياجًا من «تضامن القليوبية»    بن غفير يطالب بوضع نتنياهو على جهاز كشف الكذب، ما القصة    دخول 25 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة اليوم    المفوضية الأوروبية تتخذ إجراء ضد فرنسا بسبب الديون المفرطة    مصرع 11 شخصا جراء الفيضانات وسوء أحوال الطقس في الهند    بيراميدز يسعي لتأكيد صدارته للدوري المصري بمواجهة بلدية المحلة    ريال مدريد يرفض مشاركة دياز في الأولمبياد.. وتحرك عاجل من اتحاد الكرة المغربي    إقبال كبير على مراكز شباب الشرقية خلال أجازة عيد الأضحى المبارك    غياب 4 نجوم عن الأهلي أمام الزمالك وثنائي مهدد    ميسي يحسم مصيره من المشاركة في كأس العالم 2026    أمن القاهرة ينقذ 5 أشخاص محتجزين داخل مصعد بالنزهة    انتشال جثة طالب ضحية «صورة سيلفي» من ترعة المريوطية    مصرع طفلين غرقًا داخل ترعة بقنا (أسماء)    رئيس الشركة المتحدة ينشر صورًا مع تركي آل الشيخ ويعلق: اجتماع مثمر (تفاصيل)    بعد واقعة الصفع.. عمرو دياب يتألق ضمن حفلات عيد الأضحى بدبي (صور)    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    تنفيذ 129 برنامج تدريبي ل 10 آلاف من العاملين ب«الصحة»    صحة الشرقية تعلن تنظيم قافلة طبية بالفرايحة غدا    طريقة عمل الكفتة المشوية في البيت زي الجاهزة    "رياضة الشرقية": مليون مواطن احتفلوا بالعيد في مراكز الشباب    حقيقة القبض على رجل الأعمال شريف حمودة وعلاقة مشروع طربول بالقضية    ننشر أسماء الحجاج المتوفين في المستشفيات السعودية    السائرة إلى عرفات.. أسرة صاحبة أشهر صورة في موسم الحج: "تعبت في حياتها وربنا كافأها"    لو عايز تقفل المادة، 13 نصيحة لطلاب الثانوية العامة قبل امتحان اللغة العربية    مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين ملاكي في أسيوط    محافظة القاهرة ترفع 23 طن مخلفات خلال أيام العيد    سعر كيلو السكر في السوق اليوم الأربعاء 19-6-2024    تعرف على سر زيارة روبي للولايات المتحدة وغيابها عن العرض الخاص لأحدث أفلامها    إعلام حوثي: القوات الأمريكية والبريطانية استهدفت المجمع الحكومي في الجبين    يورو 2024 - مدرب التشيك: رونالدو خطير في كل مباراة.. أرفع له قبعتي    بيان من المستشار القانوني للاعب الدولي محمد الشيبي    عائلات الأسرى الإسرائيليين يحتجون داخل مقر الكنيست    الإدارة العامة للحدائق: تجهيز حديقة العريش ومدها بالحيوانات خلال العام الجاري    "الجدي والسرطان" الأبرز.. خبيرة فلك تبشر 6 أبراج فلكية    لجنة التحقيق المعنية بالأراضى الفلسطينية: إسرائيل نفذت جرائم حرب ضد الإنسانية    برنامج «صباح الخير يا مصر» يحتفي بذكرى ميلاد الراحل حسن حسني (فيديو)    أجر عمرة.. مسجد قباء مقصد ضيوف الرحمن بعد المسجد النبوي    وكالة الأنباء السورية: مقتل ضابط جراء عدوان إسرائيلي على موقعين في القنيطرة ودرعا    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    استشاري باطنة: المبادرات الصحية في مصر مبتكرة وساهمت في القضاء على أمراض متوطنة    «الصحة» تحدد أفضل طريقة لطهي اللحوم الحمراء: لا تفرطوا في تناولها    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    فعالية «توظيف مصر» برعاية «التحالف الوطنى»    بعد وصف وزارة العمل علاقتها بمصر بأزهى العصور.. تعرف على المنظمة الدولية    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    سورتان للمساعدة على التركيز والمذاكرة لطلاب الثانوية العامة    ناقد فني: أعمال عادل إمام توثق مراحل مهمة في تاريخ مصر    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد أبو بكر..
الشاعر الذى يحمل جبلا بين كتفيه
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 09 - 2016

عادة ما تخطفنا القصيدة الجميلة بفضل براعة كاتبها في اقتناص لحظة ما، بصرية أو شعورية، ومفاجأتنا بها. مفاجأة شعرية لو صح التعبير. وأظن أن خالد أبو بكر واحد من هؤلاء الشعراء الذين تبدو قصائدهم كأنها مفاجآت شعرية.
...............................................................
في ديوان «يحمل جبلا بين كتفيه»، الصادر عن دار العين للنشر، يفاجئنا خالد أبو بكر، ليس فقط بمهارته الشعرية في اقتناص لحظات خاصة وجدانية وإضاءتها بوهج أو «فلاش» شعري بالغ الحساسية. بل وأيضا بقدرته على استخدام نبرة صوت مفاجئة. قد تبدو أحيانا كصرخة غاضبة أو ساخرة بينما بها يستخلص لنا لحظة مشاعرية بالغة الحساسية.
كيف تعبّر عن الحنان بالغضب؟ أو تعبّر عن الفقد بالسخرية، وعن العجز بادعاء التعالي؟، هذه فيما أزعم بعض سمات قصائد هذا الديوان. بل ربما ايضا كيف تعبر عن تناقض علاقة الأبوة بين المحبة والتمرد، أو اكتشاف الحب في علاقات قد تبدو في جوهرها أنها تفتقد للحب أو الحنان.
في قصيدة بعنوان «المؤامرة»، يقتنص الشاعر لحظة فقد الأب مثلا على النحو التالي قائلا:
قبل موت أبي مباشرة/ كنت الوحيد الذي أدرك/ أنه جف كورقة نعناع/ لأن زكاء الرائحة فاض على الغرف الأخرى/ وقبلها بنصف ساعة/ ظلّ عشرون ملاكا / يخطئون التصويب على صدره/ وأنا بالفعل / لم أكن لأرى السهام/ لو لم تصطدم يده بزجاجة المصباح/ فأضاءت الغرفة لثوانٍ ثم أظلمت».
هذه إضاءة لصورة شعرية بليغة وحسّاسة كأنها ومضة شعرية، تحمل دلالات عاطفية كثيفة. وأحيانا تتكون القصيدة من مقاطع سردية ليست متعاقبة، أي لا يبدو لقارئها أنها ترتبط ببعضها البعض لكن سرعان ما تنبثق فكرة قد يرى فيها القارئ رابطا لمشاهد القصيدة. كأن هذه المقاطع ليست سوى غيوم شعرية أو سحب لا تكشف عما في باطنها حتى تباغت الجميع بما تحمله من مطر فجأة، مطر القصيدة.
في قصيدة «القصاص» يقول الشاعر:
«بمعاطف معدّة لمفاجآت المطر/ لن نلتصق ثانية بجدار منزل/ وحين تشف سيارة مسرعة/ بركة ماء/ لن نقوس أجسادنا للخلف/ مذعورين/ بل سنسير/ كأن شيئا لم يكن/ وربما احتفظنا ببقعِ الوحل لعام قادم/ كي نتذكر / كيف يكون الواحد صلبا/ في مواجهة العالم».
«بجسدي هذا / اصلح كفخ للآخرين:/ مثلا قد يظنني سائقا / ظل رجل عبر الشارع لتوه/ فيدوس فوقي/ بل إن أناسا كثيرين/ قد يظنونني مشجبا/ فيعلقون علي / ثيابهم القديمة ويرحلون».
«لن يكونوا جديرين/ بزيارةٍ أخرى/ ارتباكهم المزري/ لمجيء صديقي الأعمى/ ونهرهم الخادم/ كي ينتهي من إحضار القهوة/ ثم هذا الارتياح ونحن نغادر/ سأثرثر / كلما اصطدمت يده بالفراغ/ وبعد أيام/ سأكون منهارا تماما لموته/وأنا ألوح بعصاه في وجوههم وسأقسم – أنني لن اكون هناك وهم يسقطون».
يبدو هنا في هذه القصيدة جليا محاولة الذات الشاعرة في تأمل ذاتها، السخرية منها، ونقد الآخر أعمى البصيرة، وتصوير شعري عن الفردية في مجتمع أعمى وأناني، لا يرى ذاته، ولا يريد.
وتتوزع مهارات الشاعر ما بين استخدام المشهدية، كأنما يصف مشاهد سردية بطاقة شعر مكثفة وذكية، أو التنويع بين ما قد يبدو وصفا مباشرا لمشهد أو موقف لا يحتمل سوى ما يقال ويوصف، وبين المعاني المجردة التي قد تحتمل تأويلات عديدة.
كما يمزج بين مشاهد تبدو كابوسية وعبثية وبين مشاهد يمكن وصفها بالكوميديا السوداء في براعة.
في قصيدة «إثر مطر هائل يقول:»بامتداد الشاطئ/ لا شىء سوى هذه الأعين/ غافلت أصحابها/ وبقيت هنا..تحدق في الماء/ يعزف واحد لحن ميلاد السنة/ فنبكي/ واحدٌ في البيت المقابل / لا نكاد نراه من الضباب/ وسنةٌ/ تحمل لنا المزيد من النور/ والأبواب التي سُرقت مفاتيحها/ كيف لا نلمس نحن ايضا أصابع البيانو ونبكي؟/ الضحكات: انهيارات مؤجلة حتى النهاية».
يضم الديوان قاموسا به بعض المفردات التي تتكرر أكثر من غيرها مثل الطمأنينة والملاك والملائكة والأشجار. وعادة ما تتمثل في القصائد محاولات لمزج الماورائي أو الحلمي أو الكابوسي غير المرئي بالواقعي اليومي. وهذا في تقديري ربما ما يميز قصيدة خالد ابو بكر إجمالا عن أغلب قصائد جيله التي كانت تبحث عن الشعرية في المشهد اليومي.
والحقيقة أن هذا الكتاب يضم ديواني شعر متتابعين: الأول بعنوان «كرحم غابة»، وهو ديوان سبق صدوره للشاعر خالد أبو بكر قبل فترة طويلة، إضافة إلى ديوان جديد بعنوان «حين نتخيلهم كملائكة». وأغلب قصائد الديوان الجديد لا تزال تمثل بالفعل امتدادا لقصيدة خالد أبو بكر كما تجسدت في الديوان الأول «كرحم غابة». المشهدية والسخرية، نبرة الصوت التي تبدو غاضبة لكنه غضب ساخر. الوجداني مطمور تحت طبقة السخرية فيأتي من فرط المفاجأة رهيفا وشعريا. المعجم الخاص والصور الشعرية التي تمزج بين بعض مفردات الطبيعة وبين الفرد ومظاهر الحياة اليومية.
أظن أيضا أن هذه القصائد تتسم بسمة شديدة الأهمية أنها لا تشبه غيرها. لا يمكن أن تختلط نبرة صوت هذه القصائد في حدود خبرتي بالشعر المعاصر، مع قصائد مجايليه، إضافة لأنها تقدم ليس فقط خبرات ذاتية، بل يمكنها أن تضىء للقارئ خبرات عامة لكن يتم التعبير عنها بطريقة لها طابع شعري خاص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.