هى صاحبة منظومة مدروسة ومكتملة الأركان يتم تطبيقها بالتنسيق مع محافظة القاهرة والجهاز القومى للتنسيق الحضارى لتطوير القاهرة الخديوية ..وقد استطاعت خلال فترة وجيزة أن تضع لمساتها السحرية وتسخر إسهاماتها الرائعة وابتكاراتها الخلاقة فى التنسيق الحضارى لتطوير مبانى العاصمة التراثية العريقة. إنها الدكتورة سهير زكى حواس صاحبة أشهر موسوعة عن القاهرة الخديوية وأستاذة العمارة والتصميم العمرانى بكلية الهندسة جامعة القاهرة وعضو مجلس إدارة الجهاز القومى للتنسيق الحضارى والمسئولة عن تطوير القاهرة الخديوية وتحويلها لمتحف مفتوح والذى جاء معها الحوار على النحو التالى. ..................................................................................... كنت مع الدكتور جلال سعيد محافظ القاهرة السابق من أكثر الداعمين والمشرفين على تنفيذ مشروع تطوير القاهرة الخديوية..كيف جاءت فكرة هذا المشروع الكبير؟ هذه الفكرة تعتبر قديمة وجديدة فى الوقت نفسه فهى قديمة لأننى منذ عام 96 كنت أعمل على توثيق العقارات الموجودة فى القاهرة الخديوية لإيمانى بقيمة هذه المنطقة التراثية شديدة التميز وأطلقت عليها القاهرة الخديوية لأننى جمعت أثناء التوثيق حدودا تشمل القاهرةالإسماعيليةوالقاهرة التوفيقية وهذا المسمى يعد نوعا من الاجتهاد الذى لا يخل بالحقائق التاريخية، وعندما أصدرت الكتاب الذى يوثق هذه المنطقة ظهرت الثروة المعمارية فى المنطقة والتى كانت مهمشة لفترة طويلة لوجود اعتقاد أن الآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية أهم من التراث المعمارى الحديث الذى يمثل القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ولكن عندما قرأنا التاريخ اكتشفنا أن الفترة الخديوية هى التى تم بناء مصر الحديثة فيها وخلقت الصورة الذهنية الجميلة عن الثروة المعمارية فى القاهرة ومصر كانت تواكب الدول الأوروبية فى ذلك الوقت من ناحية التنسيق الحضارى والإنتاج المعمارى والعمرانى لذلك تولدت لدينا قناعة كبيرة بأهمية تطوير هذه المنطقة العظيمة خاصة أن هناك أجيالا لم تر جمال العمارة المصرية وبدأ التواصل مع المسئولين لتنفيذ التطوير وجاءت خطوة إنشاء الجهاز القومى للتنسيق الحضارى فى عام 2004 لتساهم بصورة كبيرة فى دعم فكرة التطوير وهل دعمت الحكومة فكرة التطوير ؟ هذا ما حدث بالفعل وكانت البداية بوضع تشريعات جديدة تساهم فى حماية هذه المنشآت التراثية من الهدم أو الإضرار بها وبدأنا بترميم مبنى محافظة القاهرة التراثى بميدان عابدين الذى أذهل الجميع بعد تطويره واستعادة رونقه الأصلى بعدها بدأت الدولة تتفهم أهمية تطوير العقارات التراثية التى كانت مهمشة ولم يكن لها حماية من المحال والإعلانات التى زحفت على واجهات العقارات وعندما بدأنا التطوير حدثت دهشة لدى المواطنين وكأنهم يتعرفون على جمال المبانى للمرة الأولى وبدأوا يدركون أهميتها كمصدر دخل قومى وأحد أهم الأسباب فى تنشيط السياحة. كم تبلغ النسبة الفعلية من المشروع التى تم تنفيذها حتى الآن؟ تم تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع من إجمالى ثلاث مراحل ونعمل الآن داخل المرحلة الثانية والأهم من تنفيذ هذه المراحل هو الصيانة والمتابعة الدورية حتى لا نعود إلى الصفر مرة أخري. هل سيتم استكمال المشروع بعد ترك الدكتور جلال سعيد محافظة القاهرة .. وهل هناك مشاكل تهدد استمراره؟ الدكتور جلال سعيد لم يرحل رغم أنه أصبح فى موقع آخر ولكن اهتمامه حتى هذه اللحظة واضح ومستمر ويتابع المشروعات خاصة أن تطوير مبانى وزارة النقل يعد جزءا من مشروع تطوير القاهرة الخديوية ولكن للأسف هناك ما يهدد استدامة هذا المشروع العملاق فقد حدث نوع من الهدوء النسبى خاصة وأن المشروع قائم على المشاركات والدعم من جهات بعضها بدأ يتباطأ فى تقديم الدعم المالى خوفا من توقفه بالرغم من أننا مستمرون فى العمل لنطمئن القائمين على المشروع باستمراره فهذه المشروعات ليست لأفراد ولكنها ثروة للبلد نعمل على حمايتها وإلى جانب مشكلة التمويل نواجه مشكلة أخرى أكبر من أزمة التمويل وهى أنه بمجرد الانتهاء من جزء فى الترميم نجد بعض الشباب الذى لا يعلم قيمة هذا التراث وليس لديه ثقافة يقوم بالكتابة على جسم هذه المبانى التراثية ويتعمد إتلافها بما يؤدى إلى تشوهها مرة أخرى كيف تتم مراحل تطوير القاهرة الخديوية؟ بدأنا فى المرحلة الأولى العمل على تطوير الأرصفة وذلك من خلال تعريضها وإصلاحها وعمل منحدرات لذوى الاحتياجات الخاصة لترسيخ مبدأ أن الأساس فى الحركة للمشاة ثم تأتى بعد ذلك السيارة وتم منع إشغالات الأرصفة والحرص على أن يكون الرصيف كافيا لاستيعاب المواطنين أثناء التنزه فى وسط العاصمة، وأيضا تم عمل مسارات للمشاة على أعلى مستوى مثل شارع الالفى وشارع الشواربى ولأول مرة يتم عمل حساب صرف لمياه الأمطار وتوفير حنفيات للحرائق ذات كفاءة عالية رغم أنها مكلفة جدا ولكن هذا لتجنب خسارة أضعاف هذه المبالغ فى حالة حدوث حرائق، ثم بعد ذلك نقوم بمعالجة واجهات العقارات من التلف والتعديات التى تمت عليها وإزالة لافتات الإعلانات، وأيضا يتم عمل تصميم عمرانى للشارع من ناحية الإضاءة وأماكن التشجير وشكل الأرصفة وتطوير الميادين. من وجهة نظرك لماذا نعانى التقصير فى حماية المبانى الأثرية؟ لدينا مبان عظيمة جدا ولكن بعد ثورة 1952 تم تأميمها وأصبحت ملكا للحكومة التى قدمتها لشركات التأمين لإدارتها ولكنها لم تحسن المحافظة عليها وأصبح شاغلها الأول والأخير استغلالها فى جلب المال، وهناك مبان تم تحويلها إلى مدارس ومؤسسات حكومية لم تلتزم بالشكل المعمارى ولم تحافظ عليها هل نحن فى حاجة إلى تشريعات جديدة تجرم الاعتداء على المبانى التراثية وتحويلها إلى عمارات سكنية وناطحات سحاب؟ لدينا تشريعات كافية ولكننا نعانى صعوبة تطبيقها لأن لدينا دائما من يتخطى القانون ويفتخر بذلك، لذا نحتاج إلى تطبيق القوانين بقوة وهنا أيضا يأتى دور الإعلام فى تثقيف المواطن وخلق درجة من الوعى لديه بأهمية هذه المبانى التراثية. اختلفت الآراء حول الاستغلال الأمثل لمقر الحزب الوطنى بعد هدمه وكذلك مبنى مجمع التحرير..ترى لو امتلكت قرار التحديد..ماذا ستقيمين فى هذا المواقع الإستراتيجية؟ أفضل أن نقوم بمسابقة صغيرة لطرح أفكار نتعرف من خلالها على رؤية الناس لمقر الحزب الوطنى وبالتأكيد سوف نخرج بفكرة جيدة ثم تأتى مسابقة أخرى معمارية لأفضل تصميم ينفذ الفكرة الأولى فالمسابقات دائما تأتى لنا بأفضل الأفكار.. أما مبنى مجمع التحرير فهو تراثى ويخضع للقانون رقم 144 لسنة 2006 ولا يجوز التفكير فى إزالته ولكن يجب إعادة توظيفه، واقترح أن نقوم بتحويله إلى فندق لأن طبيعة المبنى تسمح بذلك على ان يكون ذلك بعد عمل الدراسات المتخصصة اللازمة لذلك.