الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى المبارك    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    خبير: برنامج تنمية الصعيد في مصر سيكون مثالا يحتذى به في كل دول القارة الإفريقية    كلمة الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع رئيس جمهورية أذربيجان    بعثة المنتخب تستعد للسفر إلى غينيا    الأهلي يحسم صفقتين ويستقر على رحيل موديست    تعليم القاهرة توجه نصائح لطلاب الثانوية العامة    كثافات مرورية إثر إنقلاب سيارة نقل بالاوتوستراد    بعد صفعه شاب بالقلم.. مواقف محرجة لعمرو دياب في الأفراح والحفلات    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    أنباء عن هجوم بمسيرة أوكرانية في عمق جمهورية روسية    تفاصيل استضافة مصر الملتقى الأول لبنك التنمية الجديد التابع لدول "بريكس"    روسيا: الغرب يواصل تزويد أوكرانيا بأسلحة تستهدف المدن الروسية وتُستخدم ضد الفلسطينيين    تسريب غاز وتكافل وكرامة.. الحكومة تعلن نتائج شكاوى المواطنين خلال مايو 2024    بحضور ممثل عن الرئيس.. افتتاح المكتب الوطني للوكالة الفرانكفونية بجامعة القاهرة الدولية    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    10 توصيات.. ماذا يوصي صندوق النقد الدولي مصر لتجنب التحديات الاقتصادية؟    «ألسن عين شمس» تستقبل وفدا من جامعة ليون الفرنسية    الفوج الثاني من حجاج «المهندسين» يغادر إلى الأراضي المقدسة    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة/ الإسماعيلية    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    نيللي كريم بصحبة أحمد عز وترقص في حفل زفاف ابنة محمد السعدي (صور)    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    الإفتاء توضح حكم تجميع جلود الأضاحي ثم بيعها في مزاد علني بمعرفة جمعية خيرية    بالصور.. وزير التعليم العالي يزور أرض مستشفى بنها الجامعي الجديد    في اليوم العالمي لأورام المخ - احذر الأعراض والأسباب    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 142 مخالفة عدم التزام بقرار الغلق للمحلات    ضبط طن لحوم ودواجن مجمدة مجهولة المصدر في حملات رقابية بالشرقية    رسميًا.. مانشستر سيتي يجدد عقد سيتفان أورتيجا حتى عام 2026    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    إعلام إسرائيلى: عدد كبير من الطائرات يشارك فى قصف استثنائى على مخيم النصيرات    بعدما أعلنت انفصالها رسميًا.. من هي دانية الشافعي ؟    ب100 شركة صغيرة ومتوسطة.. انطلاق فعاليات الدورة ال3 لمؤتمر ومعرض الأعمال الخضراء بالأقصر    وزيرة خارجية إندونيسيا تستقبل السفير المصري بجاكرتا    ساوثجيت يعلن قائمة انجلترا لخوض يورو 2024    سفاح التجمع يعترف لزملائه بمرضه النفسى: أعانى من اضطراب ثنائى القطب    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على زراعى البحيرة    صحة مطروح: قافلة طبية علاجية مجانية بمنطقة جلالة بالضبعة اليوم وغدا    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    أستاذ علوم سياسية: مصر بذلت جهودًا كبيرة في الملف الفلسطيني    خبيرة فلك تبشر برج السرطان بانفراجه كبيرة    حفظ التحقيقات حول وفاة نقاش بالمنيرة    نجيب الريحاني وجه باك أضحك الجماهير.. قصة كوميديان انطلق من كازينو بديعة وتحول منزله إلى قصر ثقافة    كريم محمود عبد العزيز يشارك الجمهور فرحته باطلاق اسم والده علي أحد محاور الساحل الشمالي    «الإفتاء» توضح فضل صيام عرفة    صور.. بيان عاجل من التعليم بشأن نتيجة مسابقة شغل 11114 وظيفة معلم مساعد فصل    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    ب300 مجزر.. «الزراعة» ترفع درجة الاستعداد القصوى استعدادًا لعيد الأضحى    افتتاح المكتب الوطني للوكالة الفرانكفونية بمصر في جامعة القاهرة الدولية ب6 أكتوبر (تفاصيل)    فتح باب التقدم بمسابقة فتحى غانم لمخطوطة القصة القصيرة.. اعرف الشروط    أزهري: العشر الأوائل من ذي الحجة خير أيام الدنيا ويستحب صيامها    مواعيد مباريات يورو 2024.. مواجهات نارية منتظرة في بطولة أمم أوروبا    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخريطة الاجتماعية والمدارس الاقتصادية والتوجهات الاستراتيجية
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 08 - 2016

ثلاثة مفاهيم رئيسية تلخص النهضة بالبحث العلمى التى حققتها ثورة 23 يوليو 1952 وهى الخريطة الاجتماعية والمدارس الاقتصادية والتوجهات الاستراتيجية.
وتبدو الأهمية القصوى لكل مفهوم من هذه المفاهيم فى أنها مجتمعة تمثل هوية أى نهضة حضارية مكتملة كما سيتبين من شرحنا لها.
ويمكن القول إنه لا يمكن تطبيق أى خطة تنموية بدون التعرف الدقيق على تضاريس الخريطة الاجتماعية لمجتمع ما. وفى هذا المجال لدينا صراع تاريخى بين مدرستين علميتين الأولى هى مدرسة «التوازن» التى تعبر عن التوجهات المحافظة التى تسعى إلى الإبقاء على الوضع الاجتماعى الراهن فى مجتمع ما حتى لو كان ظالما اجتماعيا بحكم هيمنة فئة طبقية قليلة العدد على مجمل ثروات البلاد مما يؤدى إلى سحق الطبقات الفقيرة والوسطى، والثانية هى مدرسة «الصراع» والتى ترى ضرورة قصوى للتغيير الجذرى لبنية المجتمع لتصحيح ظاهرة الانحراف الطبقى إن صح التعبير.
وقد واجه جيلى من شباب الباحثين الذين عينوا باحثين مساعدين فى المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عامى 1956 و 1957 من القرن الماضى مشكلة الاختيار بين إحدى المدرستين حتى يكون هذا الاختيار هو البوصلة التى ستحدد اتجاهات البحوث التى سنجريها لرسم خريطة المجتمع المصرى.
كان اختيار جيلى من الباحثين الشباب لمدرسة «الصراع» منطقيا لأن التاريخ الاجتماعى المصرى شهد فى الفترة شبه الليبرالية -بحكم الاحتلال الإنجليزى- مشكلتين هما المشكلة الاجتماعية والتى تتمثل فى الفجوة الطبقية الكبرى بين من يملكون ومن لا يملكون فى ريف مصر وحضرها، والمشكلة الوطنية وتعنى إجلاء قوات الاحتلال الإنجليزية من أرض مصر.
وهكذا تشابهت إرادة النخبة السياسية لثورة 23 يوليو فى ضرورة تصحيح ظاهرة الانحراف الطبقى من خلال إصدار قوانين للإصلاح الزراعى، وترقية أحوال الطبقة العاملة وفك الحصار عن الطبقة الوسطى.
ومن الأهمية بمكان أن نشير إلى أن مؤسس المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية هو أستاذنا الجليل الراحل الدكتور «أحمد محمد خليفة» والذى كان من رجال القضاء ثم أصبح عالما اجتماعيا فذا أنشأ أول مركز علمى متكامل للبحوث الاجتماعية بالمعنى الواسع للكلمة، كما ابتدع ببصيرة نافذة صيغة الفرق العلمية متعددة الاختصاصات.
وأدرك الدكتور «خليفة» مبكرا أن الدراسات الاجتماعية الجزئية لا تغنى عن رسم خريطة اجتماعية كلية للمجتمع، وهكذا صمم مشروعا كبيرا عن «المسح الاجتماعى للمجتمع المصرى» لبحث الأنساق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية السائدة.
ومن الجدير بالذكر أن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بقيادة الدكتور «نسرين البغدادى» قرر تجديد هذا «المسح الاجتماعى» الفريد وخرج منه حتى الآن مجلدان الأول عن «الصحة» والثانى عن «الإعلام».
ويمكن القول إن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أصبح هو المركز العربى الرائد على مستوى الوطن العربى، وقد تأثرت بنموذجه العلمى وأبحاثه الأصيلة دول عربية شتى فى مقدمتها العراق وسوريا والكويت واليمن.
وإذا انتقلنا من المجتمع إلى الاقتصاد فيمكن القول إن ثورة يوليو أقامت أهم مركز بحثى اقتصادى فى العالم العربى وهو معهد «التخطيط القومى» الذى أسسه أستاذنا الراحل أستاذ الفلك الدكتور «إبراهيم حلمى عبد الرحمن» الذى استطاع عبر جهود علمية فذة إقامة قاعدة علمية بحثية اقتصادية ضمت عشرات من علماء الاقتصاد والتخطيط البارزين الذين لم يسهموا فقط فى إعداد الخطط الخمسية الأولى والثانية فى مصر، ولكنهم أسهموا فى الارتفاع بمستوى البحوث الاقتصادية فى العالم العربى من خلال عمل بعضهم فى معاهد التخطيط العربية وأبرزها «معهد التخطيط الكويتى» الذى أسهم فى بحوثه عشرات من خبراء معهد التخطيط القومى.
وقد أجرى هذا المعهد الفريد بأجياله المختلفة عشرات البحوث المهمة، كما أنه أصدر فى السنوات الأخيرة تقارير بالغة الأهمية عن «التنمية البشرية» فى مصر أصبحت أساسا لعمليات التخطيط الاقتصادى.
وتبدو أهمية معهد التخطيط القومى فى أنه كان ترجمة فعالة لتوجهات النخبة السياسية الناصرية فى الاعتماد على التخطيط الاقتصادى فى مجال التنمية القومية لأن علم الاقتصاد كما نعلم كان ينقسم فى القرن العشرين إلى مدرستين الأولى تتبنى «الرأسمالية» نظرية وتطبيقا، والثانية تتبنى «الاشتراكية» نظرية وتطبيقا. ولأن النخبة السياسية الناصرية كان مشروعها الأساسى هو تحقيق العدالة الاجتماعية فقد كان منطقياً أن تنحاز إلى مدرسة التخطيط الاقتصادى.
وهكذا يمكن القول إنه لا ينبغى الحديث بسذاجة مفرطة عن الاعتماد على البحث العلمى فى إدارة شئون المجتمع لأن هناك تعددا فى المدارس العلمية. وعلى الدولة من ناحية والمجتمع العلمى من ناحية أخرى اختيار أنسب مدرسة لتحقيق مصالح الطبقات العريضة وليس مصالح الأقلية وعلى حساب الأغلبية.
أما عن التوجهات الاستراتيجية فلدينا توجهات تهدف للهيمنة العالمية واستغلال شعوب العالم الثالث وتمثلها أساسا استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية. وتوجد استراتيجية أخرى تتمثل فى استراتيجية التحرر والحرص على استقلال القرار الوطنى وتمثله الدولة الوطنية التى تحررت من نير الاستعمار. وكانت مصر الناصرية بتأميمها قناة السويس وحرصها على حرية اتخاذ القرار نموذجا فذا بالنسبة لشعوب العالم الثالث فى هذا المجال. وفى مجال الأبحاث الاستراتيجية قام أستاذنا الراحل «محمد حسنين هيكل» برؤية علمية نفاذة بتأسيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الذى قام بعد عام 1967 بدور رائد فى إعداد الدولة للحرب فى حروب الاستنزاف، ثم فى التحضير لحرب أكتوبر من خلال دراساته الرائدة عن المجتمع الإسرائيلى من ناحية، وعن التقديرات الاستراتيجية التى أعدها عن الوضع العالمى والإقليمى وخصوصا بعد أن توليت إدارة المركز عام 1975 وأسست «التقرير الاستراتيجى العربى» عام 1978، والذى مازال يصدر بعد ثلاثين عاما من عدده الأول بعد أن أصبح المرجع الأساسى لأجهزة الأمن القومى العربية ووزارات الدفاع والخارجية.
ولعل ما عرضنا له فى مجال دراسة المجتمع والاقتصاد والاستراتيجية يصحح الأوهام التى يتبناها بعض الباحثين عن أن عن البحث العلمى -هكذا على الإطلاق- هو الحل السحرى لترشيد القرار السياسى بدون المعرفة الدقيقة بأصول وتشكل المدارس العلمية فى كل ميدان، وتوجهاتها الإيديولوجية الخفية والمعلنة.
مطلوب الحد الأقصى من التعمق بدلا من الخفة والسطحية!
لمزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.