كثيرا ما تأتي صناديق الاقتراع بنتائج غير متوقعة وأحيانا ما تكون بمثابة صدمة للأغلبية. ومن أغرب مفارقات الانتخابات أنها أحيانا ما أتت بشخصيات ديكتاتورية الي قمة السلطة مثل أدولف هتلر وتشارلز تايلوروالبرتو فوجيموري. ففي بداية ثلاثينيات القرن العشرين كان الجو العالمي متوترا بسبب الأطماع التوسعية للدول الكبري من جانب وتداعيات الأزمة الإقتصادية العالمية من جانب أخر. ولم يكن الوضع في المانيا عام1933 مختلفا بل وزاد الشعور بجراح الهزيمة والمهانة في الحرب العالمية الأولي من الأمور تعقيدا. وفي تلك الأجواء المشحونة المتوترة شق الحزب النازي الألماني بزعامة أدولف هتلر طريقه الي السلطة عبر صناديق الإقتراع! فقد كان إجمالي مقاعد البرلمان الألماني( الرايخستاج) تقدر ب647مقعدا, ونجح الحزب النازي في الحصول علي196 مقعدا ليحتل المركز الأول ومن ثم كان عليه أن يدخل في إئتلاف مع حزب أخر يضمن له الأغلبية. وبعد مفاوضات تحالف الحزب النازي مع حزب الشعب القومي(52 مقعدا) ليظهر هتلر أمام الكاميرات وهو يتسلم السلطة. وسرعان ما تبدل الأمر فبدأ الإنفلات الأمني وتم حرق مبني الرايخستاج وتمكن هتلر من تمرير قانون يضمن له سلطات مطلقة ليتحول من زعيم لحزب فائز بالأغلبية في انتخابات برلمانية إلي زعيم مطلق لألمانيا بعد التخلص من كافة المنافسين بطرق غير مشروعة. ولم تمر سوي5 سنوات إلا وبدأت آلة الحرب الألمانية عملها إيذانا ببدء الحرب العالمية الثانية التي حصدت أرواح الملايين من البشر وإنتهت بإنتحار هتلر في مخبأ تحت الأرض عام.1945 وإذا كان الشعب الألماني قد تعرض للخداع علي يد النازيين فإن الليبيريين فعلوا ما هو أغرب حينما إختاروا أمير حرب وسفاح كرئيس للبلاد عبر صنادق الإقتراع بل والأغرب أن العملية الإنتخابية تمت تحت سمع وبصر العالم ومراقبة المنظمات الدولية التي أعلنت سلامتها وأشادت بها!! فقد كان تشارلز تايلور أحد قادة الثوار ضد حكم صامويل دو وقاد الحرب الأهلية الأولي في ليبيريا عام1989 وبالفعل نجح تايلور وحلفاؤه في الإطاحة بدو وإعدامه. وبعد التوصل لإتفاق سلام تم تنظيم إنتخابات عامة في عام1997 تحت إشراف دولي وكان فوز تايلور ب75% من الأصوات مثيرا للدهشة خاصة أنه هزم خبيرة تعمل في المنظمات الدولية هي إلن جونسون سيرليف( حصدت10% فقط)التي أصبحت رئيسة للبلاد فيما بعد. وعندما تولي تايلور السلطة عاث في الأرض فسادا بل وكان له دور غير مشروع في الحرب الأهلية السيراليونية كما إرتبط إسمه بالإتجار غير المشروع في الألماس وبتجنيد الأطفال وبقتل وتشويه المدنيين.وسرعان ما نشبت الحرب الأهلية في ليبيريا من جديد ليطاح به عام2003, الي أن بدأت ملاحقته قضائيا علي المستوي الدولي وإنتهي به الأمر الي السجن والمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي حيث تمت إدانته بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية وحكم عليه بالسجن لمدة50 عاما. أما البرتو فوجيموري رئيس بيرو طوال عقد التسعينيات( عام1990 وحتي2000) فقد إتبع طريقا مختلفا, حيث إشتهر بنجاحه في التغيير ومساعدة الفقراء وتحقيق استقرار الاقتصاد ومعدل نمو وصل إلي13% بالإضافة لمكافحة الإرهاب مما أهله لفوز كبير بفترتين رئاسيتين بل وببداية فترة ثالثة, ولكن في ذات الوقت كانت إنجازاته مصحوبة بقدر هائل من تركز السلطة والهيمنة والفساد وإنتهاكات حقوق الإنسان. وتمت ملاحقته قضائيا في بلاده ففر إلي اليابان وطن الآباء الذي يحمل جنسيته, ولكن تم إستدراجه خارجها ليقبض عليه ويقدم للمحاكمة. وحاليا يعيش فوجيموري مسجونا خلف القضبان.