عندما تسرع البعض منا وجنحوا لعنان السماء مهللين للتمرد العسكرى الذى سيطيح وإلى الأبد بنظام اردوغان، كانوا هنا يخلطون بين اقتناعهم وأمنياتهم الشخصية وبين ما هو مفترض مهنيا أن يقوموا به تدقيقا وتمحيصا، وها هم يعودون من جديد لخلط الاوراق حينما يصعدون فى الواجهة إبادة الأرمن والمطالبة بطرحها أمام البرلمان أسوة بعدد من بلدان العالم وبحيث يفضى إلى اقرار قانون مصرى يحمل الأتراك مسئولية ما يصفونه بالمجازر التى طالت مليونا ونصف مليون أرمينى أثناء الحرب العالمية الأولى. والسؤال الذى يطرح نفسه، ماذا لواعترفت أنقرة بثورة 30 يونيو والتى أطاحت بحكم الإخوان المسلمين هل كنا سنقدم على تلك الخطوة؟ بالطبع لا أذن الموقف ليس مبدئيا يعبر عن اقتناعات راسخة، بيد أنه فى خضم الازمات وكم هى كثيرة وفيها كانت تركيا البادئة، لم نلجأ لهذا الإجراء. إضافة إلى ذلك فتوصيف القضية معقد تحكمه نوازع سياسية ربما تجاوزت الحقائق ولعلنا نتذكر فرانسوا ميتران عندما كان وزيرا للداخلية فى عهد جورج بومبيدو بسبعينيات القرن المنصرم وكيف رفض الإقرار بالجرائم اللاإنسانية التى ارتكبتها فرنسا فى حق الشعب الجزائرى وقال حينذاك أن الأمر متروك للمؤرخين ولم يكن مر على تلك الفظائع المروعة والواضحة سوى ثلاثة عقود فقط فما بالنا بمائة عام مرت على وقائع قتل فيها مئات الالاف أختلط فيها الارمن مع الترك فى مشاهد دامية فمن يملك الجزم والحسم والقطع؟ والآن دعونا من تصفية الحسابات مع أردوغان فالأخير زائل لا محالة والشعب التركى هو الذى سيبقى وحتما لن يغفر لنا موقفنا اذا حملناه وزر مقتل الأرمن فى ذلك الفضاء البعيد. لمزيد من مقالات سيد عبد المجبد