حسين لبيب يحضر حفل تأبين العامري فاروق داخل النادي الأهلي    عام المليار جنيه.. مكافآت كأس العالم للأندية تحفز الأهلي في 2025    10 توصيات في ختام المؤتمر الثالث لمبادرة اسمع واتكلم بمرصد الأزهر    جهاز العبور الجديدة يحرر محاضر لوحدات إسكان اجتماعي مخالفة    «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    الخارجية الأمريكية: نراجع شحنات أسلحة أخرى لإسرائيل    بوتين: 90% من المدفوعات في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي تتم بالعملات الوطنية    أحمد موسى : مصر لا تتحمل أي مسؤولية أمنية في غزة    «المحاربين القدماء وضحايا الحرب» تُكرم عدداً من أسر الشهداء والمصابين    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائى 2024 بالجيزة .. اعرف التفاصيل    توت عنخ آمون يتوج ب كأس مصر للسيدات    أمطار حتى الإثنين.. الأرصاد السعودية تحذر من بعض الظواهر الجوية    الثقافة جهاز مناعة الوطن    نجوم الفن ينعون والدة كريم عبد العزيز: «ربنا يصبر قلبك»    أولادكم أمانة عرفوهم على ربنا.. خالد الجندى يوجه نصائحه للأباء والأمهات فى برنامج "لعلهم يفقهون"    بعد قرار "أسترازينيكا" سحب لقاح كورونا.. استشاري مناعة يوجه رسالة طمأنة للمصريين (فيديو)    أسعار الأضاحي في مصر 2024 بمنافذ وزارة الزراعة    «اسمع واتكلم».. المحاضرون بمنتدى الأزهر يحذرون الشباب من الاستخدام العشوائي للذكاء الاصطناعي    لفترة ثانية .. معلومات عن سحر السنباطي أمين المجلس القومي للطفولة والأمومة    السجن 5 سنوات لنائب رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة بتهمة الرشوة    محافظ أسوان: مشروع متكامل للصرف الصحي ب«عزبة الفرن» بتكلفة 30 مليون جنيه    محلل سياسي: «الجنائية الدولية» تتعرض للتهديد لمنع إصدار مذكرة اعتقال لنتنياهو    حسن الرداد يكشف عن انجازات مسيرته الفنية    «فلسطين» تثني على اعتراف جزر البهاما بها كدولة    أمين الفتوى يوضح حكم وضع المرأة "مكياج" عند خروجها من المنزل    «التجارية البرازيلية»: مصر تستحوذ على 63% من صادرات الأغذية العربية للبرازيل    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    رئيسة المنظمة الدولية للهجرة: اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش بحاجة إلى ملاجئ آمنة    تقديم رياض أطفال الأزهر 2024 - 2025.. الموعد والشروط    "عليا الوفد" تلغي قرار تجميد عضوية أحمد ونيس    مناقشة تحديات المرأة العاملة في محاضرة لقصور الثقافة بالغربية    دعاء للميت بالاسم.. احرص عليه عند الوقوف أمام قبره    «تويوتا» تخفض توقعات أرباحها خلال العام المالي الحالي    كريستيانو رونالدو يأمر بضم نجم مانشستر يونايتد لصفوف النصر.. والهلال يترقب    «الجيزة التجارية» تخطر منتسبيها بتخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية    «القاهرة الإخبارية» تعرض تقريرا عن غزة: «الاحتلال الإسرائيلي» يسد شريان الحياة    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    يوسف زيدان عن «تكوين»: لسنا في عداء مع الأزهر.. ولا تعارض بين التنوير والدين (حوار)    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما قابلت الرئيس عبد الناصر

شهر يونيو الحزين عام 1967، هذا الشهر، من ذلك العام، مرت فيه أحلك ذكريات حياتي، وحياة جموع المصريين. كنت لا أزال ضابطاً صغيراً، برتبة ملازم أول، وسنى لا تتجاوز العشرين عاماً، وحل هذا الشهر وأنا ضمن كتيبتي، فى مواقعنا فى الكونتلا، على خط الحدود مباشرة مع إسرائيل، الروح المعنوية فى السماء، لكل أفراد القوات المسلحة المصرية، وأنا منهم سندخل تل أبيب.
فجأة جاء الخامس من يونيو، والضربة الجوية الإسرائيلية، لتدمر مطاراتنا، وقواتنا الجوية تقريباً، لتصبح قواتنا فى سيناء دون غطاء جوي. وبدأ الهجوم الإسرائيلى على سيناء، وصدرت الأوامر لنا بالانسحاب بلا خطة. وكانت الفاجعة الكبرى. ممر متلا مغلق. عربات محروقة، ومدمرة على طول الممر، والطريق عبارة عن كتلة من النيران، تتصاعد منها ألسنة اللهب، والدخان. وهالنى منظر المدافع المضادة للطائرات، محترقة بفعل قنابل النابالم، وعليها طاقمها. كتلة واحدة. لقد التحم الجندى المصرى مع سلاحه،وآثر أن يحترق معه، على أن يتركه لينجو بنفسه، وهو يرى الطائرات الإسرائيلية تتوجه صوبه، وتهاجمه.
أصيبت سيارتى ونحن ننسحب جميعا نحو قناة السويس، ووصلنا بعد ثلاثة أيام، إلى ضفاف البر الغربى للقناة. يوم التاسع من يونيو. المنظر أكثر من بشع، فقدنا كل السلاح، والمتبقى لنا هو شراذم من جنود الكتيبة، وضباطها. وعلى الضفة الشرقية للقناة، نرى عربات الجيب الإسرائيلية، تتحرك على أرض سيناء، رافعة العلم الإسرائيلي. وجاءت الكارثة الكبرى عبد الناصر يتنحى.
لقد بكيت فى هذا اليوم، كما لم أبك فى حياتى قط. الجيش المصرى تحطم. وفقدنا سيناء. وعبد الناصر يتنحى.
بدأنا منذ ذلك اليوم، فى بناء الخط الدفاعى على ضفاف القناة، على مرأى من الإسرائيليين، وهم يبنون خط بارليف على الضفة الشرقية للقناة، والعلم الإسرائيلى مرفوع عليها واليهود من كل الدول الغربية مجتمعون على خط القناة، وفقاً لتعليمات جيشهم... فكنا نسمع منهم يومياً مئات الشتائم لجنودنا، لكننا ظللنا نعمل فى صمت، لبناء الدفاعات. وبدأت الاشتباكات بيننا على الخط، لا يفصلنا عنهم سوى 200 متر فقط، هى عرض القناة، وكانت التعليمات ألا نرد إلا بأوامر.
وبدأ أحد الاشتباكات، وبدأ العدو الإسرائيلى فى الضرب، ونحن ساكنون، فى انتظار ورود الأمر بالرد. فما كان من أحد جنودي، إلا أن سحب مدفع ب10، وأطلق النار على الدبابة الإسرائيلية، التى كانت تطلق نيرانها علينا من فوق الردم، فدمرها فى الحال. واستمر الاشتباك يومها لساعات، لأفاجأ بعدها بتقديم هذا الجندى للمحاكمة العسكرية، لأنه قام بالضرب دون أوامر. فانفعلت بشدة لذلك، وأخبرت قائد الكتيبةبعدم موافقتى على هذا القرار، فطلب منى أخذ اجازة، حتى تستريح أعصابي، عدت فيها إلى القاهرة،فى منزل شقيقتى وزوجها، فكرى كمال، الذى كان زميلاً لأشرف مروان، وكان مدعوا عندهم على الغداء فى ذلك اليوم، وحكيت لهم القصة، بإيجاز، مؤكداً أن الروح المعنوية، للجنود، ستنخفض.
انتهينا من الغداء، وانصرف بعدها أشرف مروان، وعاد مرة أخرى فى المساء، ودعانى للخروج معه، فاعتذرت لسوء حالتى النفسية، ولكن مع إصراره، اضطررت إلى النزول معه، من منزل شقيقتى فى منشية البكري، أمام منزل الرئيس عبدالناصر. فوجدته يعبر الطريق، ويمرق إلى منزل الرئيس، فسألته عن وجهتنا تحديداً، فرد على قائلاً «لقد حكيت قصتك اليوم للرئيس عبد الناصر، وطلب مقابلتك»، فدخلت معه، وأنا فى قمة ذهولى. وبعد دقائق قليلة، حضر الرئيس عبدالناصر، فحييته، وانصرف بعدها أشرف مروان. فقال لى الرئيس اتعالى اتعشى معايا... أنا هاكل جبنة بيضا وسلطة خضرا وعيش ناشف. وهضيف لك أنت بيض مقلي»، ثم قال لى «احكى الحكاية»، فسردت له ما حدث، فرد قائلاً هل تعلم أنه بتدمير تلك الدبابة، تم ضرب مدينة السويس لمدة ثلاث ساعات متواصلة؟ ولك أن تتخيل حجم الخسائر التى حدثت هناكب. ثم قام واتصل بوزير الحربية، ليستمع منه إلى المزيد من التفاصيل، وطلب منه أن تكون سلطة الرد فى الاشتباكات، لقائد اللواء الموجود بالفعل فى المنطقة. ثم استفسر منه عن أمر الجندى المصري، الذى دمر الدبابة الإسرائيلية، وطلب من وزير الحربية إلغاء المحاكمة العسكرية، مع إعادة التنبيه على القوات بعدم فتح النيران إلا بأوامر.
وعاد بعدها ليجلس معى دقائق أخرى، حدثنى فيها عن أهمية المرحلة التى نمر بها، من حيث إعادة بناء الجيش والدفاعات، مؤكداً أنه باستكمالها، ستكون سلطة الاشتباك، حينئذ، للضباط الموجودين على خط النار. وبالفعل، وبعد مرور عام واحد، تم استعواض الأسلحة، واستكمال الدفاعات، وأصبحت سلطة الاشتباك للقائد المباشر، كما وعد الرئيس.
وأكد على الرئيس عبدالناصر، بعدم ذكر لقائى معه لأى شخص، وألا أذكر تفاصيل ما دار بيننا فيه، ولا حتى لأشرف مروان. ثم نظر إلى طعامي، فوجدنى لم أمسه، فقلت له ان فرحتى بإلغاء المحاكمة العسكرية للجندى التابع لي، تكفينى لهذه الليلة. وانتهى اللقاء. واليوم، وفى ذكرى ثورة يوليو، وجدت نفسى استدعى تفاصيل هذا اللقاء، ولا أجد حرجاً فى مشاركتكم إياها، بعدما احتفظت بها لأكثر من خمسين عاماً.
لمزيد من مقالات لواء أ. ح. د. م. سمير فرج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.