يثير النشاط الإرهابي الذي نشب في الآونة الأخيرة عبر منطقة الساحل, التساؤل عما إذا أصبحت تلك المنطقة مسرحا جديدا لتنظيم القاعدة في المغرب العربي, وأرض الفرص بالنسبة لتنظيم القاعدة المركزي. يرجع اهتمام واشنطن, بمنطقة الشمال الأفريقي وامتداداتها الجنوبية في جانب منه, إلي تنامي المخاوف من نقل تنظيم القاعدة نشاطاته إلي المنطقة, بسبب الانفلات الأمني وغياب سيطرة الدول علي حدودها, والإقرار بوجود قواعد للتدريب, واستقطاب المناصرين المعادين للغرب. ويجسد هذه المخاوف الالتحاق من جانب تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال ب القاعدة بعدما غير اسمه ليصبح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي متخذا من الجزائر منطلقا له, بما يستوعبه من مقاتلين متعددي الجنسية عبر شتات التنظيم المتمرد الجماعة السلفية للدعوة والقتال والتنظيم التونسي ز س ز س. ديناميكية أكثر توسعا تحدد الوجه العالمي الجديد ل الإرهاب الإسلامي حسب التوصيف الأمريكي.. وعلي الرغم من النجاحات التي أعلنت عنها الأجهزة الأمنية المغاربية, لم يسبق لتأثير القاعدة أن كان أقوي مما هو عليه الأن, كما أن هيمنتها الأيديولوجية علي الحركات الأصولية في العالم الإسلامي تشهد تزايدا مستمرا. ويري المحللون للشئون المغاربية أن الجماعة السلفية التي عمدت إلي ضرب المصالح الغربية, وهددت بضرب مرافق فرنسية تريد تفجير ما يشبه تسونامي إرهابي لبث شعور بقوة ولادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. فهذا التنظيم يريد أن يوجه ضربات متزامنة قد يتمخض عنها وقوع زلزال أمني في المنطقة المغاربية, ويسعي لتحقيق هذا الغرض ليرسخ وجوده في أنحاء المنطقة, لاعتبارات استراتيجية مرتبطة بالقرب الجغرافي من أوروبا, التي تؤوي عددا كبيرا من مواطني دول شمال أفريقيا, وتمركز أهداف حيوية غربية سواء اقتصادية في الجزائر وليبيا وموريتانيا وأخري سياسية وسياحية في المغرب وتونس. يبقي أن خطر التنظيم تؤكده الاستخبارات الفرنسية, التي تنظر إليه علي أنه أبرز تهديد إرهابي لفرنسا أيضا, لا سيما بعد أن تجلت بصماته العابرة للحدود في مترو أنفاق باريس في.1995ولعل أبرز الملامح التي انعكست علي القارة من هذه الأحداث, تأكيد المصادر الأمريكية, أن غالبية الانتحاريين الذين يقودون سيارات ملغومة في العراق, ينحدرون من الخليج, بيد أن هناك20%, يأتون من الجزائر ونحو5%, من المغرب وتونس معا. وإذا كانت ظاهرة الهجرة غير الشرعية, هي الموضوع الرئيسي الذي يؤرق الأوروبيين, فإن ما يؤرق الأمريكيين هو التقارير التي أظهرت, أن واحدا من كل أربعة استشهاديين في العراق, أتي متطوعا من المغرب العربي لقتالهم. ومن ثم كثفت أمريكا مساعداتها العسكرية لبلدان المغرب العربي, من خلال تعزيز عمليات التدريب والتسليح, لإعانة القوات المحلية علي ملاحقة الجماعات المتشددة أسوة ب الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية, التي أصبحت تمثل تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا, والتي وضعتها أمريكا علي لائحة المنظمات الإرهابية. حيث وافق الكونجرس علي زيادة حجم الاعتمادات المخصصة لهذه البلدان في إطار المبادرة العابرة للصحراء لمكافحة الإرهاب, إلي100 مليون دولار في السنة, علي مدي خمسة أعوام اعتبارا من.2007 بالإضافة إلي شروع الجيش الأمريكي أخيرا في تدريب قوات تسع دول من الساحل الأفريقي بينها الجزائر, حسب ما أفادت صحيفة واشنطن بوست للتصدي لما وصفته ب غزو القاعدة والشبكات الإرهابية للدول الإسلامية والفقيرة في القارة الأفريقية, بتمويل500 مليون دولار, علي مدار سبع سنين. وتعتبر هذه الخطوة إيذانا ببدء مرحلة جديدة في تعامل الولاياتالمتحدة مع الحرب العالمية ضد الارهاب.. ومن ثم فإن الاستراتيجية الأمنية الجديدة, من خلال انتشارها في دول الساحل الأفريقي وبرنامجها الأمني, دليل قاطع علي أن الإدارة الأمريكية, لا تريد أن يتكرر السيناريو العراقي, في مناطق أخري من العالم. وهكذا تحاول الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية, تعزيز قدرة دول الصحراء, علي العمل معا لمواجهة خطر القاعدة.