تباينت أمس ردود الأفعال على مذكرة دبلوماسية أمريكية تنتقد سياسة الرئيس الأمريكى أوباما فى سوريا، مطالبة إياه باستخدام القوة لفرض حل للأزمة المشتعلة منذ أكثر من 5سنوات حتى الأن. فمن جهته، أكد جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى أن المذكرة بمثابة»إعلان مهم»، ولابد من النظر إليها باهتمام وبحث ما جاء فيها. وقال كيرى فى تصريحات على هامش زيارته الحالية لكوبنهاجن»أحترم تماما وجهات نظر من قدموها، وستتاح لى فرصة للاجتماع معهم قريبا لبحثها». وكشفت صحيفتا»نيويورك تايمز» و»وول ستريت جورنال» الأمريكيتان فى عددهما الصادر أمس - الجمعة- عن أن أكثر من 50دبلوماسيا من وزارة الخارجية الأمريكية وقعوا مذكرة داخلية تنتقد بحدة إستراتيجية إدارة الرئيس أوباما تجاه سوريا، مطالبين بتنفيذ ضربات عسكرية ضد حكومة الرئيس السورى بشار الأسد لوقف الانتهاكات المستمرة لوقف إطلاق النار. وجاء بالمذكرة التى حصلت عليها الصحيفتين عن طريق مسئول بالخارجية الأمريكية إن»سياسة الولاياتالمتحدة لم تنجح فى إيقاف العنف المتواصل فى سوريا، وهو ما يثبت فشلها حتى الآن». واعترفت المذكرة بأن العمل العسكرى له مخاطره كتوترات أخرى مع روسيا، لكن مقدميها أكدوا فى الوقت نفسه أنهم»لا يدفعون نحو طريق يؤدى للهاوية وينتهى بمواجهة عسكرية مع روسيا، وإنما الهدف من الضربات يجب أن يكون هو إبقاء الأسد تحت السيطرة». وفى غضون ذلك، أعلن رئيس أركان القوات الجوية الأمريكية استعداد الطيران الحربى الأمريكى لتأمين إنشاء مناطق حظر جوى فى سوريا، لكنه أشار إلى وجود عوائق. وقال الجنرال ديفيد جولدفين فى جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة فى مجلس الشيوخ الأمريكى إن إقامة منطقة حظر جوى فى سوريا تتطلب ثلاثة شروط، أولها»السماح بإسقاط أى طائرات تخرق الحظر الجوى المراد فرضه سواء كانت روسية أو سورية». جاء هذا فى الوقت الذى أعلن فيه مسئول فى وزارة الدفاع الأمريكية»البنتاجون» أن طائرات روسية شنت «سلسلة غارات» فى جنوبسوريا على مقاتلين من المعارضة قرب معبر التنف الحدودى مع العراق تلقى بعضهم دعما من الولاياتالمتحدة. ولم يذكر المسئول عدد المقاتلين الذين أصيبوا فى الضربات ولا تفاصيل عن مصيرهم، مكتفيا بالقول»هناك ضحايا»، فيما لم يذكر أيضا إلى أى فصيل ينتمى هؤلاء المقاتلون. وفى موسكو، نفى الكرملين الاتهامات باستهداف المعارضة السورية المدعومة من جانب أمريكا بغارات جوية روسية، وقال دميترى بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية إن هناك مشكلة كبيرة تتمثل في»التلاحم» والاختلاط بين «المعارضة المعتدلة» وتنظيم «جبهة النصرة». وتابع أن»هذه الظاهرة لم تعد سرا على أحد، وهى تعرقل بقدر كبير الجهود لمحاربة الإرهاب». وأكد بيسكوف أن أى محاولة لاسقاط الحكومة السورية بالقوة لن تساهم فى محاربة الإرهاب ولن تحل الأزمة، بل قد تدفع المنطقة بأسرها إلى الفوضى. ومن جانبها، أعلنت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية أن تسوية الأزمة السورية بالقوة «ليست طريقتنا». وقالت زاخاروفا فى تصريحات لوكالة «إنترفاكس» على هامش منتدى بطرسبورج الاقتصادى الدولى إن موقف روسيا بشأن الأزمة السورية معروف جيدا، مشيرة إلى أن «عملية المفاوضات وتشكيل مجموعة دعم سوريا وإطلاق الحوار السياسى بين السوريين بوساطة الأممالمتحدة وغيرها من اللاعبين الدوليين خير دليل على ذلك». وفى أنقرة، نفت تركيا الأنباء التى تداولتها وسائل الإعلام حول تشكيل منطقة آمنة شمال سوريا. وذكرت وزارة الدفاع فى بيان لها أن عددا من وسائل الإعلام نشرت أخبارا كاذبة عقب لقاء جمع بين وزيرى الدفاع التركى فكرى إشيك ونظيره الأمريكى آشتون كارتر الثلاثاء الماضي، فى العاصمة البلجيكية بروكسل، على هامش قمة وزراء دفاع الدول الاعضاء فى حلف شمال الأطلسى «الناتو». وأوضح البيان، أن لقاء إشيك وكارتر، تناول موضوعات مكافحة الإرهاب، والتطورات المتعلقة بالشأن السوري، وفعاليات التعاون المشترك فى الناتو، أما ما نشر عن تأسيس المنطقة الآمنة فلا يعكس الحقيقة. جاء هذا فى الوقت الذى واصلت فيه السلطات التركية بناء جدار عازل على جزء من حدودها مع سوريا، ضمن الإجراءات الأمنية، للتعامل مع تداعيات الأزمة والهجمات الإرهابية الأخيرة التى تعرضت لها البلاد عن طريق تسلل المقاتلين الأجانب إليها. وذكرت مصادر إعلامية أنه اكتمل بناء 170كيلومترا من الجدار على طول 350كيلومترا من الحدود المشتركة بين البلدين، والبالغ طولها 911كيلومترا.