إن حقيقة الإيمان حينما تستغرق في القلب تتحرك من فورها لكي تحقق ذاتها في عمل صالح ، أما حقيقة الإسلام فهي في دفع المسلمين إلى مساعدة إخوانهم والبر بهم، والسعي لقضاء مصالحهم، يقول:على الجارم فى كتابه ( البلاغة الواضحة): عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنه أنَّ رجلًا جاء إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال : يا رسولَ اللهِ، أيُّ النَّاسِ أحبُّ إلى اللهِ ؟ فقال: (أحبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أنفعُهم للنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ تكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضي عنه ديْنًا، أو تطرُدُ عنه جوعًا، ولأن أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ أحبُّ إليَّ من أن أعتكِفَ في هذا المسجدِ شهرًا، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضيَه أمضاه ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رضي، ومن مشَى مع أخيه في حاجةٍ حتَّى يَقضيَها له ثبَّت اللهُ قدمَيْه يومَ القيامةِ يومَ تزولُ الأقدامِ). ومن السمات البلاغية لهذا الحديث الشريف أنه يركز على الجانب الحوارى بين رسول الله وبين الصحابى الذى جاءه، وهذا الحوار يشوقنا الى جوانب الخير التى يتفاضل بها الناس، فسأله سؤال يحمل غرضاً بلاغياً له دلالة فى الاستفهام عن مراتب المحبة. فكان رده من جنس السؤال نفسه فقال صلى الله عليه وسلم: « أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس «. وهذه الجملة الخبرية نفهم منها أن أساس محبة الله تعالى للمسلم فى مدى نفعه لإخوانه. وهذه هى الجملة الأساسية ، وجاءت بعدها جمل مدعمة وموضحة فقال صلى الله عليه وسلم: وأحب الأعمال إلى الله عز وجل»سرور تدخله على مسلم «. هذه الجملة قاطعة فى الدلالة على المعنى السابق فى أن المحبة من الله تعالى على قدر عطاء المسلم لمن حوله وذلك بإدخاله السرور إلى قلب مسلم أشد. وأخذنا الحبيب صلى الله عليه وسلم، إلى توضيح كلمة «سرور» التى هى كناية عن التحول لدى المسلم المكلوم المهموم، فقد ذهب كل هذا وحلت الابتسامة والبشاشة مكانها ، والسرور الذى تدخله على المسلم هو الذى يبدد المخاوف ويأتى معه الفرج بإذن الله.