يتواصل رصد الأهرام التاريخي لأحداث ومنافسات ومفارقات دورات الألعاب الأوليمية علي مدار ثلاثين دورة جاءت انطلاقتها من نهاية القرن الثامن عشر وتواصل التنافس في الدورات التي انطلقت من أثينا1896 حتي وصل إلي لندن2012 بعد مرور64 عاما من آخر استضافة إنجليزية لأوليمبياد لندن1948, ومازالت بمثابة رصد لتاريخ الإنسانية عبر ثلاثة قرون. وكان للرياضة المصرية فضل السبق في الوجود علي خريطة التنافس الأوليمبي من خلال منافسات دورة الألعاب الأوليمبية الخامسة باستكهولم1912, حيث شارك الطالب المصري أحمد محمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي فيما بعد في سلاح الشيش بمنافسات استكهولم دون بعثة رسمية, وتم تسجيل اسمه كأول مصري عربي يتم تدوين اسمه في سجلات الشرف الأوليمبية وهو ما ستتناوله خلال هذه السطور. كما ستتناول في تلك الحلقة الثانية قصة أول توقف إجباري للألعاب الأوليمبية برلين1916 بسبب الحرب العالمية الأولي التي كاد قلب كوبرتان باعث الدورات الأوليمبية الحديثة يتوقف مع الإعلان عن توقف اضطراري للألعاب مهد السلام حتي تزول غمة الحرب العالمية الأولي التي استمرت لأربع سنوات مرت صعبة, ولكنها عادت أقوي مما كانت وإلي التفاصيل. الدورة الأوليمبية الرابعة لندن1908: كان من المقرر تنظيم روما لهذه الدورة التي حالت ثورة بركان افيروف عام1906, وأحدث خسائر هائلة طبيعية وبشرية حالت دون استضافة روما للأوليمبياد, وانبرت لندن لإنقاذ الدورة, وتعهدت بالتنظيم وهو ما حدث بالفعل في أول استضافة إنجليزية للأوليمبياد, استمر إقامة الدورة منذ27 ابريل إلي31 أكتوبر من العام1908 وهي بذلك من أطول الدورات الأوليمبية استضافة(6 أشهر). وصل عدد الدول المشاركة في منافسات الدورة31 دولة مثلها2034 لاعبا ولاعبة ضمنهم36 سيدة, وتمت المشاركة في31 لعبة متنوعة فردية وجماعية أوليمبية. أقيمت الدورة تحت رعاية الملك إدورد السابع ملك إنجلترا والذي تم بناء استاد هوايت سيتي أي المدينةالبيضاء, والذي تم بناؤه خصيصا لاستضافة افتتاح وختام الدورة الأوليمبية إضافة إلي استضافة لقاءات كرة القدم والهوكي خلال الدورة. والجدير بالذكر أن إنجلترا حصلت علي الميداليتين الذهبيتين أي كرة القدم والهوكي, وفازت الولاياتالمتحدةالأمريكية بالصدارة. الدورة الأوليمبية الخامسة استوكهولم السويد1912 و29 يونيو إلي22 يوليو كانت حتي الآن الأنجح من ناحية التنظيم والاستضافة والإدارة وأظهر خلالها شعب السويد كل مهاراتهم لإنجاح الدورة واستضافتها بدرجة امتياز من جميع الوجوه. ارتفع عدد المشاركين والمشاركات إلي2541 لاعبا ولاعبة مثلوا28 دولة من مختلف دول العالم في21 لعبة, كما شهدت الدورة أول مشاركة مصرية وعربية وكانت علي يد الطالب أحمد محمد حسنين بطل مصر في سلاح الشيش حين ذاك والذي كان يدرس في جامعة السفورت بلندن, وأرسل للجنة الأوليمبية المصرية برئاسة النبيل عمر طوسون حين ذاك والتي كانت انضمت للجنة الأوليمبية الدولية قبل عامين تحديدا10 مايو1910 وكانت هي الدولة رقم14 في تاريخ الدولة المشاركة في اللجنة الأوليمبية الدولية, وتم إرسال موافقة سريعة لأحمد حسنين ليشارك في الأوليمبياد الخامسة, وجاءت نتائج أحمد حسنين كالتالي: لعب في سلاح الشيش وخرج من التصفية الأولي ولعب في منافسات فردي سيف المبارزة وخرج أيضا من التصفية الأولي, ولكنه سجل اسمه وعلم بلاده في سجلات شرف المشاركة الأوليمبية المبكرة. فازت السويد بصدارة الدورة برصيد65 ميدالية متنوعة24 ذهبية24 فضة17 برونزية. ومع النجاح العظيم لأوليمبياد استوكهولم وسعادة العالم بصعود الروح الأوليمبية واستعداده لمزيد من إنجاح الدورات الأوليمبية والقرار باستضافة برلين للأوليمبياد السادسة بعد أربعة أعوام أي في1916, جاءت الريح بما لا تشتهيه السفن والريح هنا كانت عاتية حملتها الحرب العالمية الأولي والتي استمرت لأربع سنوات من1914 حتي1918 ورغم محاولات دعاة السلام وباعثي الحركة الأوليمبية الحديثة وقتالهم من أجل إقامة الدورة لكن رياح الحرب العالمية ألغتها خاصة أن ألمانيا كانت إحدي الدول المشاركة بقوة في الحرب العالمية الأولي التي كانت أول عقبة تواجه استمرار الألعاب الأوليمبية, وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولي وما خلفته من انهيار وانقسام في البنية التحتية والفوقية طبيعية وبشرية في أوروبا وأنحاء العالم لم يكن هناك بد من نشاط دعاة السلام بعودة الأوليمبياد وعدم الاستسلام لدعاة الحرب وقد كان, وأقيمت الدورة الأوليمبية السابعة في انفرس ببلجيكا خلال الفترة من23 ابريل إلي12 سبتمبر1920, لم تشارك في تلك الدورة دول المحور لعدم توجيه أي دعوة لها من دول الحلفاء. قام الملك ألبرت ملك بلجيكا بافتتاح منافسات الدورة, ولأول مرة يتم رفع العلم الأوليمبي في ساحة الألعاب الأوليمبية. كما شهدت تلك الدورة أول إلقاء للقسم الأوليمبي خلال افتتاح الأوليمبياد وقام بإلقائه البلجيكي فيكتور جوان. أما بالنسبة للمشاركة المصرية فقد جاءت ببعثة كاملة في ألعاب كرة القدم ألعاب القوي الجمباز السلاح رفع الأثقال والمصارعة, وكانت هذه أول لعبة مصرية وعربية كاملة في الألعاب الأوليمبية, وجاءت النتائج كالتالي فريق كرة القدم شارك في لقاء واحد أمام منتخب إيطاليا, وانهزم2/1 وخرج من الدور الأول.. والمصارعة.. المصارع أحمد رحمي وخرج من التصفية الأولي.. ورفع الأثقال الرباع حامد سامي, وخرج من التصفية الأولي.. السلاح شارك أحمد حسنين وخرج من التصفية الأولي, والجمباز اللاعبان أحمد أمين وقابل محمود وخرجا من التصفية الأولي.. ألعاب القوي اللاعبان عباس خيري وعلي محجوب وخرجا من التصفية الأولي. والملاحظ والمتتبع لنتائج البعثة المصرية يري ضعف تلك النتائج أو لتقول انعدامها ولكن لذلك أسباب نوجزها في السطور القليلة. أولا.. عدم الاحتكاك لرياضي مصر مع أي من أبطال ودول العالم التي كانت قد حصلت شوطا كبيرا في الألعاب الرياضية.. ثانيا.. قلة الخبرة لدي أبطال مصر, وقلة مشاركة الأبطال, وانحسارها في وزن أو وزنين, وقلة الإمكانات المادية والفنية المرصودة للرياضة في مصر. ومع ذلك كانت هذه الاطلالة بمثابة الشرارة القوية للمشاركة المصرية في الألعاب الأوليمبية ولفت الأنظار من المسئولين الكبار وعلي رأسهم الملك فؤاد ملك مصر وقتها لضخ المزيد من الاهتمام بالألعاب الرياضية والبطولة لجني ثمار دعائية وسياسية له وللأسرة المالكة والرياضة المصرية سرعا, ما تبدأ في حصد نتائجها مع انطلاق أوليمبياد1924 باريس لتحقيق الأبطال لأول مراكز شرفية ثم دخول عالم الميداليات الذهبية والتتويج علي منصات الأوليمبياد في الأوليمبياد التالية أمستردام1928 وعزف السلام ورفع العلم المصري والملكي لأول مرة بالدورة وهو ما سنتناوله في الحلقة الثالثة!!.