جاء الإعلان عن تنفيذ مشروع صك الأضحية، بالتنسيق بين وزارتى الأوقاف والتموين، ليمثل خطوة متميزة، لتنظيم توزيع لحوم الأضاحي، فى ظل وجود المتسولين الذين يحترفون جمع هذه اللحوم، فى الوقت الذى يُحرم منها الذين يتعففون، ويمنعهم الحياء رغم فقرهم من الحصول على هذه اللحوم، وهنا يأتى دور الأوقاف فى حث الناس على البر والخير، ويأتى دور وزارة التموين من خلال قدرتها على الوصول للفئات الفقيرة، بهدف التوزيع الجيد لهذه اللحوم، والوصول إلى الفقراء فى جميع أنحاء الجمهورية، من خلال مؤسسات الدولة، لأن الدولة عندما تتولى مسئولية توزيع هذه اللحوم، سيتسلمها الفقراء بكرامة، بدلا من الوقوف على أبواب الأغنياء يوم العيد. علماء الدين من جانبهم، أكدوا أن الصك جائز شرعا، وأن المشروع يعد فكرة جيدة، لتحقيق التكافل الاجتماعي، ومواجهة محترفى التسول، كما أن هذه الفكرة تتيح الفرصة للقادرين، الذين لا يجدون أماكن للذبح، ولا يستطيعون توزيع اللحوم، على أداء هذه الشعيرة، من خلال مؤسسات الدولة، التى تمتلك قواعد بيانات بأعداد وأماكن الفقراء، وتستطيع الوصول إليهم. ويقول الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن فكرة مشروع صك الأضحية جاءت، بعد أن نجحت تجربة جمع جلود الأضاحي، وتم شراء 6 سيارات إسعاف وتم تسليمها لوزارة الصحة، فالهدف من هذا المشروع هو الوصول للفقراء، لأن البعض قد يحترف جمع اللحوم، وهناك بعض المناطق الأكثر فقرا، لا يكاد يكون لها نصيب يذكر فى لحوم الأضاحي، وهذه الفكرة طبقت فى السعودية أثناء الحج، وتم تنظيم عملية الذبح والتجميد والتوزيع، وأصبحت اللحوم هناك، تذهب للأكثر احتياجا فى دول إفريقيا وشرق آسيا. الوصول للمستحقين وأكد الوزير أن هذا المشروع سيكون له مردود جيد، من حيث ضمان حسن توزيع لحوم الأضاحي، على الفئات الأكثر احتياجًا، مشيرًا إلى أن المزكى أو المتصدق يجب عليه أن يتحرى ويضمن وصول زكاته أو صدقته، فى يد المحتاج الحقيقي، فهناك بعض محترفى التسول يجمع فوق حاجته، فى حين المتعفف قد لا يصيبه من ذلك شيء، ودور الأوقاف هو توعية الناس بأن الزكاة فرض، والذمة لا تبرأ إلا إذا اجتهد المزكي، فى وضع الزكاة فى موضعها الصحيح، وعلينا أن نقضى على ظاهرة احتراف التسول، كما أننا نريد أن يصل الصك بقيمته إلى المحتاج الحقيقى بعزة وكرامة، وسوف نقوم بتخطيط جيد لضمان التوزيع الأمثل للحوم الأضاحي، وذلك بالتنسيق مع التموين والتخطيط والتضامن، للوصول للأكثر احتياجا، وقيمة الصك ستكون 1200 جنيه، وسيتم توزيع الصكوك على جميع المحافظات، وستعلن الوزارة عن أماكن وجود الصكوك، فى مديريات الأوقاف والمساجد الكبرى ومديريات التموين، وسيكون هناك حساب بالبنك، وهناك إمكانية لكل من يريد أن يسهم بأى مبلغ، وسوف تتولى وزارة التموين توفير الأضحية، وستقوم بعملية الذبح والتجميد والتوزيع على المناطق الأكثر فقرا، فى القرى والنجوع والمناطق الحدودية، وسيكون ذلك من خلال قواعد البيانات بالتنسيق بين وزارة التضامن، والتوزيع عبر بطاقات التموين، طبقا لعدد أفراد الأسرة. جائز شرعا وفى سياق متصل، يقول الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر بأسيوط، إن الأصل فى الأضحية أن يذبح الإنسان بنفسه، وأن يقوم بتوزيعها على الفقراء والمساكين، وأن يبدأ بالأقرب فالأقرب، والأفضل أن يقسمها إلى ثلاثة أجزاء، ثلث لأهل بيته, وثلث لأصدقائه وثلث للفقراء، والعبرة من توزيع الإنسان أضحيته بنفسه، أن يعلم أنها وقعت فى يد أقرب الفقراء والجيران والمساكين، وهذا هو الأصل الذى فعله النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، ولكن لا مانع من تطبيق الفكرة التى تريد الأوقاف القيام بها، من عمل صك للأضحية، وأن تقوم بتوزيعه كما يجرى فى السعودية، من دفع صكوك الهدى، وكثير منا يصنع ذلك هناك، بأن يدفع ثمن الصك، ويكون قد أدى ما عليه، فهذا جائز ، ولكنى أفضل أن يتولى المسلم توزيع أضحيته بنفسه، حتى تصل إلى الأهل والجيران والفقراء. ضوابط واضحة ويرى الدكتور بكر زكى عوض عميد كلية أصول الدين الأسبق جامعة الأزهر، أن هذا المقترح طيب للغاية، إن وضعت له قواعد محكمة وضوابط ملزمة ويتم الكشف عنها، ويقوم على أمرها المنزهون عن الهوى، لأن كثيرا من الأغنياء، لا يقومون بإحياء شعيرة الأضحية، لتعذر الذبح يوم العيد، أو لعدم توافر المكان، أو لانشغالهم بذويهم، أو للسفر وغير ذلك، ومثل هذا المشروع، سوف يتيح الفرصة، لمن يتعلل بأنه يريد أن يضحي، ولكن لاعتبارات ما لا يستطيع، وقد سقط عذره فى هذه الحالة، والذى ينبغى أن أحذر منه، أن يجمع المال ثم يوضع فى أى مصرف غير مصرف الأضحية، لأن إنفاقه لابد أن يكون وفق نية صاحبه، وأقول فى النهاية ان يقوم الإنسان بنفسه ويشهد أضحيته، ويوجهها على الأقارب والمساكين، خير من أن يشترى صك الأضحية. محاذير فقهية من جانبه، يوضح الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر، أن الأضحية من شعائر الله عز وجل، وينبغى على المستوى الفردي، أن تكون فى واقع المسلمين، والنبى الكريم صلى الله عليه وسلم، قال للسيدة فاطمة رضى الله عنها “يا فاطمة قومى واشهدى أضحيتك إن الله يغفر لكى عند أول قطرة دم منها”، وهذه الشعائر ينبغى أن تظهر وتنشر فى المجتمعات المسلمة، حتى يبقى أمر الشرع مذكورا لا مهجورا، ومن ثم قرر أهل العلم انه يندب للمضحى أن يذبح أضحيته بنفسه، وإلا يوكل فيها من يري، وعلى ضوء ذلك، فإن ما يسمى بصك الأضحية تحوطه محاذير فقهية، منها، فقدان هذه الشعيرة من بيوت المسلمين، خاصة الذين سيجدون فى هذا الصك راحة لهم، ثانيا أنه يستحيل ذبح هذه الأعداد الكثيرة فى الأوقات المحددة، والذبح سيكون حتما بعد أيام الذبح المقرر شرعا، وهذا يبطل شعيرة الأضحية من الناحية الشرعية، ومعلوم أنه يحظر نقل الأضحية كصدقة للفقراء، من موطن إقامة المضحي، إلا إذا استوفى أهلها، فمثلا المضحى الذى يعيش فى الصعيد، هل يترك الصعيد ويرسل لمكان آخر مثلا، إلا إذا كان سيرسله لصلة الرحم، كما أن المناطق الحدودية والنائية لديها ثروة حيوانية، ولذلك يمكن أن تتولى الجمعيات الخيرية مع المؤسسات الأخرى، نقل الأضاحى إلى البيئات الفقيرة فى الدلتا والصعيد، وهذا من اختصاص وزارة التضامن.